ألماس اصطناعي يزيح نظيره الطبيعي من عالم المجوهرات

يبدو أن التطور التكنولوجي سيلغي رحلة البحث المضنية عن الألماس الطبيعي وما يتبعه من استغلال للعمال وغلاء فاحش لا يقدر عليه إلا الأثرياء، حيث أصبح من الممكن صناعة ألماس يوازي نظيره الطبيعي إبهارا وتصميما.
جنيف – لم تعد ثمة حاجة لاستخراج الألماس من الأرض، وذلك بفضل التكنولوجيا التي مكنت من إنتاج أحجار اصطناعية في المختبرات، تومض بنفس البهاء الذي تشعه الأحجار الكريمة الطبيعية.
ويلاحظ تراجع مبيعات الألماس الذي يستخرج من المناجم، بينما تزدهر سوق الألماس الاصطناعي، حيث تتزايد باستمرار معدلات النمو السنوي لمبيعاته لتصل إلى أكثر من 10 في المئة.
كما أن قطع الألماس التي يتم إنتاجها في المعامل أصبحت متاحة بدرجة أكبر من نظيرتها الطبيعية، ومن ناحية أخرى تقل تكلفة إنتاجها في المتوسط بنسبة 40 في المئة عن قطع الألماس الطبيعية.
وقال جويدو جروهمان رئيس الاتحاد الألماني للمجوهرات والساعات، إن “الألماس الاصطناعي أصبح مجالا واسعا بالنسبة إلينا”.
وتزايد ظهور بائعي الألماس الاصطناعي في ألمانيا خلال الأشهر التسعة الماضية، وأخذوا يهيمنون على السوق بالتدريج وفقا لما يقوله جروهمان، وأشار إلى “تدفق أموال كثيرة إلى هذه السوق”، وانتقد الطريقة التي يسوق بها بعض الباعة منتجاتهم.
وأعرب صاحب متجر آخر للمجوهرات عن مخاوفه من أن يثير هذا الاتجاه الجديد البلبلة، أو أن يصبح حتى خادعا للزبائن.
ويقول شتيفان ليندر الذي يدير متجر فريدريتش للمجوهرات والحلي بميونخ “الأمر أصبح مماثلا لسوق اللؤلؤ، فيكون أمامك منتج طبيعي ينمو داخل محارة أو صدفة، وأمامك أيضا لؤلؤة مستنبتة، وثمة حاجة للتفرقة بينهما بشكل واضح عند الشراء”.
ويقول سيجورد جريب الذي يدير متجر “ديامانت أجنتور” الكائن بالقرب من فرانكفورت ويبيع كلا النوعين من الألماس الطبيعي والمنتج في المعامل، إن تزايد الإقبال على الألماس الاصطناعي يعد من الأنباء الجيدة.
ويشير إلى تزايد الطلب على الألماس الاصطناعي، ويقول “من الممكن إنتاج الألماس الملون في المعمل والذي يعد نادر الوجود للغاية في الطبيعة”، الأمر الذي يجعل الألماس الملون متاحا على نطاق أوسع، خاصة بالنسبة إلى الشرائح التي لا تستطيع دفع ثمن النوع الطبيعي منه.
ويستغرق تكوين الألماس الطبيعي المليارات من الأعوام تحت طبقة عميقة من الأرض، وتحت ضغط هائل وحرارة تتجاوز ألف درجة مئوية.
وكان الألماس الاصطناعي يستخدم في الأغراض الصناعية منذ عقود، ولكن ساعدت التقنيات الحديثة على إنتاج أحجار ذات نوعية وجودة عالية تناسب أغراض المجوهرات.
وتصنع الآلات بلورات تتحول إلى شرائح ماسية وتسبب نموها لتصبح أحجارا كريمة كبيرة الحجم، تشبه الأحجار الطبيعية بدقة إلى درجة أنها تحتاج إلى معدات خاصة للتمييز بينها وبين القطع الطبيعية.
وتعد الصين والولايات المتحدة أكبر منتجين للألماس الاصطناعي، حيث تنتجان حوالي ثلاثة ملايين ومليون قيراط على التوالي.
ويؤكد جروهمان أن الشركات المنتجة للمجوهرات باستخدام الأحجار الطبيعية لا تشعر بأنها مهددة من جراء المنافسة التي تشكلها الأحجار الاصطناعية، غير أنه يقول إن طريقة التسويق قد تدفع الزبائن إلى الاعتقاد بأنهم يشترون شيئا ذا قيمة.
وبعكس الأحجار الطبيعية نجد أنه يمكن إنتاج قطع الألماس في المعامل بلا نهاية، خلافا للأحجار الطبيعية. وفي هذا الصدد يقول جروهمان إن “الزبون الذي يقرر شراء قطعة من الألماس الاصطناعي يترك المتجر حاملا حجرا قيمته صفر عند محاولة إعادة بيعه”.
ولكن من مميزات الألماس الاصطناعي أنه بعيد عن استغلال العمالة، حيث دأبت المنظمات الحقوقية على انتقاد ظروف العمل في مناجم الذهب والألماس بما فيها تشغيل الأطفال، وفي هذا الصدد تقول منظمة العمل الدولية إن أكثر من مليون طفل عملوا في المناجم على مستوى العالم خلال عام 2019.
وبالنسبة إلى الحفاظ على البيئة يوضح جروهمان أن الألماس المنتج في المعامل ليس أفضل بكثير من نظيره الطبيعي، هذا في حالة التفكير في كمية الطاقة المستخدمة في تصنيعه.