المحنة في العراق هي محنة الإنسان العراقي نفسه، وهي نفسها محنته في المهجر؛ أزمة قيم وهوية حادة، شعب تعرض إلى مجاعات وحروب ثم إلى احتلال وإغراق بالدولارات.

ترحل زها ومدينة أسلافها الموصل بيد الدواعش، ومسقط رأسها بغداد بيد الميليشيات وإيران. إن المدن التي ساهمت في جعل هذه العبقرية ممكنة، تتعرض لغزو بربري على يد أبشع الهادمين للحضارة والهوية العربية.

الآن وقد أصبح للعرب قرارهم الخاص في تحديد من هو الإرهابي، يمكننا القول إن الحرب بين الحشد وداعش لا تختلف عن حرب جبهة النصرة وداعش.

على المسلم القادم إلى أوروبا الكف عن النفاق، هذه هي صورة الغرب وحياته، وهناك تضحيات ينبغي تقديمها قبل اتخاذ قرار خطير كالهجرة.

نحن بحاجة إلى وزير خارجية مثل عادل الجبير، وليس وزير خارجية يقدم سيف "ذو الفقار" هدية إلى دونالد رامسفيلد وزير دفاع الدولة التي احتلت بلاده، ثم يرفض اعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا.

السعودية طيلة العقود السابقة تتصرف كإطفائي بينما تتصرف إيران كمشعل حرائق. النيران بدأت تكبر والإطفائي بدأ يفقد صبره، وبعض الناس ترقص حول ألسنة اللهب مبهورة بسحرها وجاذبيتها بكل أسف.

الإمارات العربية المتحدة قلعة الشيخ زايد المتعالية والمتسامية لن تسمح للمتصيّدين بالماء العكر من عراقيين وغيرهم في التكسّب السياسي من آلام شعوبهم.

سوف يتفاجأ الجميع بقوة السعودية وقدرتها على تحشيد المسلمين في الأوقات الحرجة.

المستقبل يبدو لنا شديد السواد. والقول بوجود أمل بعد داعش في العراق موهوم، فنحن لا نرى سوى مدن محطمة وشعوب ذليلة تشتم بعضها البعض في صلاة الجمعة وتقرف من رائحة الهزيمة.

طالما هناك تفتيت لمركزية الحكم في دمشق وبغداد بإرادة إقليمية، لا حل أمام طهران سوى تقديم نفسها كمركز قيادة لهذه المناطق التابعة لنفوذها.

ربما سيعود المسيحي والإيزيدي بعد داعش، ولكن كيف يعود؟ ولمن يعود؟.

سألت رجل دين إيراني لماذا تثقون بشيعة لبنان أكثر من العراق؟ فقال لأن شيعة لبنان شعب وليسوا قبائل.

السعودية مركز للعقل العربي اليوم وهي آخر أمل للبقاء في طريق آمنة. يحق للمملكة أن تشعر بالحصار فقد تلقت ثلاث رسائل تهديد خلال أسبوع واحد، الأولى من خامنئي، والثانية من الخليفة البغدادي، والثالثة من الظواهري.

ثلاثون سنة لا تكفي لنسيان حرب أكلت جيلا بأكمله. احتلوا العراق وانتقموا من السنة وأخذوا نفط البصرة، والآن المواجهة مع السعودية.

السعودية ظنت بأن طمع آيات الله يتوقف عند نفط العراق ولن يمتد إلى نفط الأحساء، أو يتوقف عند كربلاء ولن يمتد إلى البقيع والمدينة ومكة.

ليس لنا سوى العودة إلى خطاب صدام حسين العنصري، قضية نحن عرب وهم فرس مجوس، إلا أن تدخّل الأتراك سيعقد المسألة ويلغي الخيار الوحيد أمامنا لمواجهة الأطماع الفارسية، وهو الخيار القومي.