أزمة بغداد وكردستان.. مَن الرابح ومن الخاسر

في نهاية القصة سيجلس الجميع على موائد التراضي وتقاسم الحصص والمغانم على أمل مناسبة أو أزمة أخرى لإشغال الجمهور بتدخل رومانوسكي لإقناع الأطراف على التراضي أو إرغامها عليه.
الثلاثاء 2023/09/12
كركوك مدينة منزوعة السلاح بأمر دولي

في نهاية المطاف سيرضخ الجميع للعبة التخادم والتحاصص المنفعي، في نهاية المشهد الدراماتيكي الذي صدّعوا رؤوس المشاهدين بأحداثه ستكون الخاتمة بأن الكرد سيحصلون على مبتغاهم، وساسة المنطقة الخضراء يؤجلون من توقيت المشكلة إلى إشعار آخر، وأيام معدودات تطيل من أيام السلطة. هكذا تدار اللعبة في بغداد، صراع دائماً ما ينتهي إلى تأجيل إشعال فتيل برميل البارود المزروع في كركوك بين الحكومة الاتحادية وكردستان. تبدأ الأزمة بقضية الرواتب المتأخرة لموظفي الإقليم الذين تطالب حكومتهم بغداد بإرسال مبالغها، في حين تكون حجة بغداد بعدم التزام الإقليم باتفاقاته لتسليم نفطه إلى بغداد، إضافة إلى المناطق المتنازع عليها ضمن المادة 140 التي دائماً ما تكون كركوك فيها هي جوهر الصراع العربي – الكردي، وحتى التركماني.

كركوك العراقية التي تقع في منتصف المسافة بين حدود بغداد وإقليم كردستان والتي يتوقع لها نزاعٌ ليس محلياً وإنما إقليمي ودولي، خصوصاً بعد الإنذار الإيراني بجاهزيته للتدخل، والجانب التركي الذي لا يخفي مساعدته للأقلية التركمانية في حال طلب منه ذلك.

يتناسى هؤلاء أن كركوك مدينة منزوعة السلاح بأمر دولي تتوقف عندها قواعد الاشتباك الإقليمية، لأن أيّ تجاوز من أيّ طرف داخلي أو خارجي يعني إشعال برميل البارود في هذه المدينة.

◙ كركوك العراقية التي تقع في منتصف المسافة بين حدود بغداد وإقليم كردستان والتي يتوقع لها نزاعٌ ليس محلياً وإنما إقليمي ودولي، خصوصاً بعد الإنذار الإيراني بجاهزيته للتدخل

“الصبر بدأ ينفد” بهذه الكلمات هاجم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني حكومة بغداد متهماً إياها بالتنصل من الاتفاقات ومحاولات تجويع الشعب الكردي، مطالبا الحزب الديمقراطي الكردستاني على لسان النائب شيروان الدوبرداني، الذي أضاف أن الاتفاق مع الإطار شمل عودة مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى نينوى وديالى لمزاولة العمل السياسي وليس فقط إلى كركوك، وهو ما يعني تمدداً كردياً خارج الإقليم حسب ما يُفسّر من قبل بعض الأطراف.

من جانبهم هدد التركمان عن طريق كتلتهم في البرلمان العراقي بتدويل القضية واللجوء إلى المجتمع الدولي في حال عدم تمكن الحكومة من ضمان حق التركمان داخل العراق، وأكد رئيس الكتلة التركمانية أرشد الصالحي أن التركمان سيطالبون بحماية دولية في ما إذا تُرك الشعب التركماني وحيداً في الساحة، حيث وصل النزاع إلى ذروته عندما اتهم الصالحي أحد الأحزاب الكردية بدعم حزب العمال الكردستاني في وسط كركوك وأطرافها ومخيمات مخمور وقضاء سنجار، فيما اتهم حزباً كردياً آخر بدعم المعارضة الإيرانية المسلحة مما ساعد على إشعال الفتنة الأخيرة في مدينة كركوك.

وكالعادة، مثل السيناريوهات السابقة، تتصاعد لهجة حكومة إقليم كردستان المطالبة بإرسال مستحقات الإقليم المالية ومحاولات التذكير بالاتفاقات الدستورية التي وقعت مع الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة السوداني، بين رد الحكومة العراقية على لسان المتحدث باسمها أنها نفذت التزاماتها المالية كاملة تجاه الإقليم، ورسائل مبطنة بأن الأموال التي في ذمة الإقليم بلغت أكثر من ثلاثة أضعاف حصة الإقليم حسب الاتفاق الفعلي للدولة، في حين لم تسلّم حكومة الإقليم الإيرادات النفطية وغير النفطية كما أوجب تسليمها قانون الموازنة.

في نهاية القصة سيجلس الجميع على موائد التراضي وتقاسم الحصص والمغانم على أمل مناسبة أخرى وأزمة لإشغال جمهورهم، أو ربما يكون بتدخل من إيلينا رومانوسكي المندوب الأميركي في العراق لإقناع الأطراف على التراضي أو إرغامها عليه، لا فرق في بلد مثل العراق الضائع التائه في متاهات الاحتلال وطغمة من حكامه الذين لا تهمهم سوى مصالحهم ومغانمهم وليذهب شيء اسمه العراق إلى الجحيم ما دامت السلطة بخير.

9