أردوغان والانتخابات وحلم السلطنة
تكتسي الانتخابات النيابة المزمع إجراؤها في تركيا في السابع من يونيو الجاري أهمية خاصة عند الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سيمكّنه الفوز الساحق من الحصول على صلاحيات مكثفة لا يتمتّع بها إلا السلطان. ونظرا للأهداف التي يسعى إليها من هذه الانتخابات عمل أردوغان على توفير الأرضية اللازمة بعدد من الإجراءات القانونية والسياسية بما في ذلك قوانين مراقبة الأنترنت وقوانين تفرض وصاية سياسية على أعمال القضاء، وكذلك إجراءات التطهير التي شملت قطاعا واسعا من ضباط الشرطة القضائية، إضافة إلى إبعاد وجوه هامة عن المشهد السياسي التركي وفي حزبه نفسه، أبرزها رفيق دربه لسنوات طوال عبدالله غول.
لكن يبقى هناك الكثير من القضايا التي تزعج أردوغان وتدفعه إلى النزول بنفسه إلى الميدان الانتخابي، متجاوزا القوانين ومتجاوزا رئيس حزب العدالة والتنمية نفسه داود أوغلو، رغم حظر مشاركة رئيس البلاد في تلك الحملات لمنع استغلال السلطة والنفوذ. يضاف إلى ذلك الممارسات القمعية التي واجهت بها السلطات الحركات الاحتجاجية في ساحة تقسيم، والتي سوف تنعكس على حصاد أردوغان الانتخابي.
وقد أشارت إحدى الصحف الأوروبية إلى أن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود حملة نشطة لصالح حزبه العدالة والتنمية على ضوء الانتخابات التشريعية القادمة”، لافتة إلى أن “الأخير هو الوحيد الذي يظهر على شاشات التلفزيون، فنراه حينا في قصره الرئاسي، وحينا رافعا مصحفا مترجما بالكردية فوق المنصة في وجه الجماهير بباتمان جنوب شرق تركيا”.
وأضافت الصحيفة أنه “رغم كل ما يقال، فأردوغان هو محور هذه الانتخابات”، مضيفة “في حال فوز حزبه، سيفصّل الدستور على مقاسه وسيلبس بدلة الزعيم الفريد، لذلك فهو محتاج إلى فوز حزبه ليخط نهجه في مشاريع الجمهورية الرئاسية أو سلطنته كما يقول منتقدوه”.
وفي ظل الطموحات السلطانية لأردوغان، والتعقيدات الكثيرة التي تواجهه وتواجه حزبه، يكثر الحديث عن تشكيل الهيئات الانتخابية التي رأى فيها المعارضون الكثير من عدم التوازن، بل والانحياز إلى جانب حزب العدالة والتنمية.
وإذا كانت هذه الانتخابات ستقرر وجهة الحياة السياسية في تركيا وشكل نظامها السياسي، وستحسم مصير أردوغان وطموحاته السلطانية، فإن نتائجها ستنعكس على علاقات تركيا الخارجية وعلى السياسة التركية حيال المنطقة وبالأخص في سوريا والعراق نظرا لتواجد أكثر من مليوني نازح سوري وعراقي على أراضيها تطالب بعض قوى المعارضة بإعادتهم إلى بلدانهم حتى قبل استقرار أوضاعها الأمنية، ولكون تركيا على تماس بما يجري وتمثل البوابة الرئيسية وربما الوحيدة لداعش على العالم. فهل نترقب تغييرا يعيد خلط الأوراق على الساحة؟