أخطاء تحكيمية عالقة على أجندة منافسات كأس العالم

الدوحة - من اكتساح الحارس الألماني هارالد شوماخر للفرنسي باتريك باتيستون إلى هدف الإنجليزي فرانك لامبارد غير المحتسب، مرورا بهدف "يد الله" للأرجنتيني دييغو مارادونا، تعود وكالة فرانس برس بالزمن إلى الوراء لتلقي الضوء على بعض القرارات المؤسفة التي كان بالإمكان تفاديها على الأرجح عبر التقدم الذي وصلت إليه اللعبة حاليا، بفضل تكنولوجيا خط المرمى وحكم الفيديو المساعد "في.أي.آر".
رغم مرور عقود من الزمن، فإن الجدل لا يزال قائما حتى الآن بشأن الهدف الذي سجله الإنجليزي جيف هيرست في مرمى ألمانيا الغربية في نهائي 1966. فهل كان الهدف صحيحا أم لا؟ لا أحد يعلم، لكن الحكم المساعد السوفياتي (الأذربيجاني) توفيق باخراموف قال نعم في حينها، وتوجت إنجلترا باللقب الأول والوحيد لها حتى الآن.
أقيمت المباراة النهائية على ملعب "ويمبلي" في لندن أمام 95 ألف متفرج. وفي الدقيقة الـ100 من التمديد عندما كانت النتيجة 2 - 2، سجّل هيرست هدفا لا يزال يثير جدلا حتى الآن، لأن تسديدته اصطدمت بالعارضة وارتدت إلى الأرض، وبعد التشاور بين حكم الساحة السويسري غوتفريد دينست وحامل الراية باخراموف، احتسب الأول هدفا لإنجلترا وسط احتجاج ألماني. وقبل النهاية بقليل أضاف هيرست هدفه الثالث ليصبح بالتالي أول لاعب يسجل ثلاثية في إحدى المباريات النهائية.
كانت فرنسا متقدمة بأريحية على الكويت 3 - 1 خلال مونديال 1982 حين حصلت الحادثة. بعد تبادل للكرة بين ميشال بلاتيني وآلان جيريس، نجح الأخير في تسجيل الهدف الرابع لمنتخب "الديوك".
لكن هذا الهدف جاء بعد توقف بعض لاعبي المنتخب الكويتي عن اللعب نتيجة انطلاق صافرة من المدرجات. احتسب الحكم الهدف، لكن لاعبي الكويت رفضوا مواصلة المباراة بتعليمات من رئيس الاتحاد الكويتي للعبة في حينها الشيخ فهد الأحمد، شقيق أمير البلاد، الذي نزل إلى أرضية الملعب. وبعد توقف لقرابة 10 دقائق، قرر الحكم السوفياتي ميروسلاف ستوبار إلغاء الهدف، ليعود مكسيم بوسيس ويمنح فرنسا هدفا رابعا في نهاية اللقاء الذي حسمه "الديوك" بنتيجة 4 - 1.
كابوس إشبيلية
إنه كابوس إشبيلية. في نفس النسخة عام 1982 في إسبانيا، كانت فرنسا تتواجه مع ألمانيا في نصف النهائي، وبينما كان التعادل 1 - 1 سيد الموقف، مرر بلاتيني كرة في العمق لباتيستون الذي دخل بديلا قبلها بدقائق معدودة. مغامرة باتيستون في الملعب لم تدم لأكثر من 8 دقائق، لأنه بعد تمريرة بلاتيني انفرد بهارالد شوماخر وسدد باتجاه المرمى، لكن الأخير صدمه بقوة عمدا فوقع على الأرض دون أن يحرك ساكنا. أغمي على باتيستون وظن زملاؤه بأنه توفي وصرخ بلاتيني طالبا النجدة، في الوقت الذي نهض فيه شوماخر ولم يكترث بما فعل، وراح يلاعب الكرة من دون أن ينال أي عقاب من الحكم ولا حتى أنه أعطى فرنسا ركلة حرة.
وروى باتيستون الذي فقد اثنين من أسنانه جراء هذا التدخل الذي حصل عند مشارف منطقة الجزاء "كنت باتجاه المرمى وكان شتيليكه ورائي وشوماخر أمامي وقلت في نفسي إذا سددت الكرة سأسجل، كنت في كامل لياقتي وشعرت بأني قادر على التسجيل، لكني لا أعرف ماذا حصل بعد ذلك".
وبعد شوط أول سلبي في ربع نهائي 1986، حان استعراض مارادونا في الشوط الثاني الذي سيبقى خالدا في الأذهان، سواء من حيث المستوى الذي ظهرت به الأرجنتين أو الهدفين اللذين سجلهما الأسطورة الراحل.
لم تتأخر الأرجنتين في افتتاح التسجيل بعد الاستراحة، حيث وبعد لعبة مشتركة بين مارادونا وخورخي فالدانو، رفع الأخير الكرة داخل المنطقة إلى الأول الذي كسر مصيدة التسلل. انتبه مارادونا إلى خروج بيتر شيلتون لالتقاطها، فمد يده إلى الكرة ولكزها داخل المرمى معلنا الهدف الأول الذي كان "بشيء من الرأس وشيء من يد الله" وفق ما قال الأسطورة. احتج الإنجليز بشدة على الهدف، لكن الحكم التونسي علي بن ناصر لم يتراجع عن قراره وأكد شرعية الهدف.
وقال مدرّب إنجلترا بوبي روبسون "لم يشاهد الحكم ما شاهده العالم بأسره، فمارادونا لم يسجل برأسه بل بيده، حيث سبق شيلتون إلى الكرة بعدما انتبه إلى أنها في متناول الأخير". وكتبت الصحف الأرجنتينية في اليوم التالي "إنها يد الله"، بل إنها يد "الشيطان"، الشيطان الذي يعرف كيف يغفر لنفسه بسبب إنجازاته وعروضه الجيدة. ولم تكن إنجلترا تكاد تهضم الهدف الأول حتى تلقت صدمة ثانية هذه المرة نتيجة ما صنف أجمل هدف في تاريخ النهائيات، بعدما توغل مارادونا من 65 مترا وتخلص من المدافع تلو الآخر قبل إطلاق الكرة في شباك شيلتون.
ثلاثة إنذارات للاعب واحد! خلال مباراة كرواتيا وأستراليا عام 2006 انتهى الأمر بمدافع الأولى يوسيب شيمونيتش بالطرد، لكن... بالإنذار الثالث. ففي الدقيقة الـ62، نال الكرواتي الإنذار الأول بعد خطأ أمام منطقة جزاء فريقه، ثم رفع الحكم الإنجليزي غراهام بول الإنذار الثاني في الدقيقة الـ90 من دون أن يطرده لعدم تنبهه إلى الإنذار الأول. لكن العدالة تحققت في الوقت بدل الضائع، حين نال الكرواتي إنذارا ثالثا بسبب خطأ، وتنبه بول هذه المرة ورفع البطاقة الحمراء في وجهه.
من أجل التغيير
كما حصل في نهائي 1966، لكن مع اختلاف الأدوار، ذاقت إنجلترا مرارة ما اختبره الألمان حين سجل لها فرانك لامبارد هدفا صحيحا ضد "دي مانشافت" في ثمن نهائي عام 2010، بعدما ارتدت تسديدته من العارضة إلى خلف خط المرمى والنتيجة 2 - 1 للألمان.
لكن حكم الساحة الأوروغوياني خورخي لاريوندا لم يشاهد الكرة تتجاوز الخط، كما حال حكم الراية، وأفلتت بذلك ألمانيا من هدف التعادل في طريقها لحسم اللقاء 4 -1. وتسببت هذه الحادثة في تعجيل عملية الاستعانة بتكنولوجيا خط المرمى التي مهدت لاحقا لاعتماد حكم الفيديو المساعد "في.أي.آر".