أحمد خليل ظاهرة إماراتية تطمح لقيادة كرتها إلى المونديال الروسي

برلين - حصول النجم الإماراتي أحمد خليل على جائزة أفضل لاعب في آسيا لم يكن متوقعاً. ربما نتفق على ذلك، ليس لأن خليل لاعب عادي ولا يستحق التربع على عرش الكبار، بل العكس تماماً، لكن تجربة الكرة الإماراتية مع هذه الجائزة وسوء الطالع الذي لازم عدنان الطلياني أسطورة الإمارات المونديالية ومن بعده الإسماعيلين مطر وأحمد، كان يشير إلى أن هذا المنصب ليس لأبناء الخليج.
إلا أن التطور المذهل للكرة الإماراتية وتنافسها للارتقاء عالياً مع ناطحات السحاب كانا يرسمان ملامح الأمجاد التي لا بد وأن تنصف طالبيها يوماً.
دائرة العائلة
ولد أحمد خليل بداية التسعينات. ليتحدر من عائلة رياضية خالصة ابتداءً من الأب خليل سبيت الذي مارس كرة القدم في الكويت ووصولاً لإخوته فهد وفؤاد وفيصل وفتحي ومحمد، ورغم تفاوت مستواهم إلا أن القاسم المشترك بينهم انتماؤهم لنادي الأهلي الإماراتي، ويعتبر أحد أبرز الرياضيين في العائلة، فقد حقق إنجازات لم يصل إليها أيّ من أشقائه.
يقال إن النجوم الساعين للأمجاد لطالما تكون بداياتهم مختلفة، وتعطي مؤشرات على أن هناك حالة استثنائية قد تحدث مستقبلاً، هذا ما حدث فعلاً مع أحمد خليل الذي انضم للفئات العمرية في نادي الأهلي الإماراتي عام 2001.
لفتت موهبته أنظار المدرب الإماراتي المخضرم ربيع جمعة مدرب المنتخب الإماراتي للناشئين منذ مباراته الأولى التي خاضها مع الأهلي في دوري الأشبال عام 2004 أمام نادي الشارقة وسجل هاتريك في أول مباراة رسمية له داخل المستطيل الأخضر ونال لقب هداف البطولة برصيد 45 هدفاً من 24 مباراة لعبها في موسمه الأول مع ناديه.
حافظ أحمد خليل على لقبه للموسم الثاني على التوالي بتسجيله 31 هدفاً من 18 لقاءً خاضها، ولم تخب نظرة ربيع جمعة بأحمد الذي قاد منتخب بلاده للفوز بلقب بطولة كأس الخليج للناشئين التي أقيمت آنذاك في السعودية عام 2006، وتوج أحمد هدّافاً للبطولة برصيد خمسة أهداف، لقد كان ذلك الإنجاز ممهداً ليحجز أحمد مكاناً له في صفوف رجال الفرسان “الأهلي الإماراتي”.
عام 2008 يعد عاما استثنائيا في حياته الكروية، حين توّج أحمد خليل مع الأهلي بأول دوري للمحترفين وقاده للقب كأس السوبر الإماراتي للعام ذاته، وحصل على جائزة أفضل لاعب مع ناديه في مباراتين ضمن دوري أبطال آسيا، حينها اتجهت أنظار عشاق الأبيض إلى المتألق أحمد خليل أملا في قيادة شباب الإمارات لبطولة قارية
سجلت أول مشاركة له في الجولة 17 لدوري اتصالات عام 2007 أمام نادي الجزيرة ولعب حينها 18 دقيقة فقط، وفي الموسم التالي قاد فريقه الأهلي للفوز بلقب كأس الإمارات وتربع على عرش هدافي البطولة برصيد أربعة أهداف.
هداف الفرسان والأبيض
أحمد خليل من أكثر اللاعبين مرحاً وروحاً رياضية رغم أنه يحمل شارة الكابتن في الكثير من المباريات وعليه أن يكون حازماً إلا أنه لا يتخلى عن روح الدعابة مع زملائه، وسجلت باسمه خلال مسيرته حالة طرد واحدة أمام نادي العين في دوري اتصالات عام 2006 عندما كان عمره 16 سنة، ونال أول بطاقة صفراء في موسمه الأول وتحديداً في ثالث مباراة له في مسابقة دوري 14 سنة في الدقيقة 25 من المباراة التي خاضها ناديه الأهلي أمام نادي الشباب الإماراتي.
عام 2008 كان عاماً استثنائياً في حياته الكروية، حيث توج مع الأهلي بأول دوري للمحترفين وقاده للقب كأس السوبر الإماراتي للعام ذاته، وحصل على جائزة أفضل لاعب مع ناديه في مباراتين ضمن دوري أبطال آسيا، في حين توقفت أحلامه عند وصافة هدافي البطولة. واتجهت أنظار عشاق الأبيض إلى المتألق أحمد خليل أملاً بقيادة شباب الإمارات لبطولة قارية بعد أن اعتاد اللعب في ميادين الكرة الآسيوية وصعد على بعض منصاتها، ولم يخيب الخليل آمال الإماراتيين فقاد منتخب بلاده للظفر بالبطولة القارية تحت 20 عاماً التي أقيمت في السعودية بعد تسجيله هدفي منتخب بلاده أمام أوزبكستان في المباراة النهائية التي انتهت بنتيجة 2-1 لصالح الأبيض، ونال لقب الهداف برصيد أربعة أهداف واختير اللاعب الأفضل في البطولة، وكذلك اختير من قبل جريدة الأهرام ومجلة الحدث كأفضل لاعب رياضي صاعد ونال جائزة أفضل لاعب آسيوي شاب للعام نفسه.
وفي عام 2009 تطلع الأبيض الإماراتي الشاب إلى العالمية في المونديال المصري متسلحاً بجيل ذهبي يقوده أحمد خليل، إلا أن أحلام الخليل وزملاءه اصطدمت بعقبة كوستاريكا في الدور الثاني من البطولة، وخرج الأبيض الإماراتي خالي الوفاض مقابل هدفين لأحمد خليل منحاه شرف اختياره من قبل الأهرام كأفضل لاعب عربي صاعد للعام الثاني على التوالي إلا أن أسهمه الآسيوية انخفضت فاختير الوصيف لجائزة أفضل لاعب آسيوي صاعد.
|
أرقام قياسية نصبته زعيما
تابع أحمد خليل تألقه وقاد منتخب بلاده للظفر بلقب كأس الخليج للمنتخبات الأولمبية عام 2010 وتوج هدافاً للبطولة برصيد خمسة أهداف، وفي غوانزو الصينية في العام ذاته ساهم بنيل الأبيض الإماراتي وصافة دورة الألعاب الآسيوية لكرة القدم للمرة الأولى وسجل في تلك البطولة ثلاثة أهداف رائعة وتأهلت الإمارات لأول مرة بتاريخها إلى أولمبياد لندن 2012.
واستمر تألق الخليل مع المنتخب الإماراتي فحصد معه لقب كأس الخليج عام 2013، ونال لقب هداف البطولة مشاركة مع العراقي يونس محمود والكويتي عبدالهادي خميس برصيد ثلاثة أهداف.
عام 2015 كان مميزاً في سجلات أحمد خليل منذ مطلع يناير حين ساهم بحصول الإمارات على المركز الثالث في البطولة الآسيوية التي أقيمت في أستراليا. وحصل على جائزة أفضل لاعب في مباراتين في تلك البطولة.
كما حل ثانياً على سلم ترتيب الهدافين برصيد أربعة أهداف خلف مواطنه علي مبخوت، الذي منحه خليل الفرصة ليصبح هدافاً في مشهد تاريخي لا يتكرر، عندما تنازل عن تسديد ركلة جزاء أمام العراق في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع لزميله علي مبخوت، رغم اختياره من المدرب مهدي علي، وكما سجل التاريخ لقب الهداف باسم علي مبخوت فسيسجل أيضا هذا الموقف النبيل لأحمد خليل في قلوب محبيه.
و رغم معاناته مع المدرب الروماني للنادي الأهلي “كوزمين” الذي لم يعط الخليل الفرصة الكافية وكان في الكثير من الفترات ملازماً لدكة الاحتياط خلال السنتين الماضيتين إلا أنه كان يثبت أحقيته في اللعب كأساسي بتألقه في أصعب الأوقات.
معدن أحمد خليل الثمين يظهر بعد أن تم منحه الفرصة الكافية ليقدم ما في جعبته من إبداع، ليسجل عشرة أهداف خلال التصفيات المشتركة لكأس آسيا ومونديال روسيا 2018 من أصل ست مباريات، وليحقق رقما قياسيا بتسجيله {سوبر هاتريك}، أي أربعة أهداف في مباراة واحدة لمنتخب بلاده في مرمى ماليزيا
وكان أحد أبرز نجوم الفرسان في دوري أبطال آسيا الذي حل وصيفاً هذا الموسم بعد خسارته في النهائي أمام غوانزو بهدف دون رد إياباً وتعادلهما سلباً ذهاباً وحل ثانياً على سلم ترتيب هدافي البطولة برصيد ستة أهداف واختير أفضل لاعب في مباراتين.
هل ينسى جمهور الفرنسان كيف تخطى دور المجموعات لأول مرة في تاريخه بفضل ثنائية خليل، بعدما قلب تأخر فريقه بهدف أمام تراكتور الإيراني في ختام دوري المجموعات إلى فوز بفضل هدفين سجلهما خلال عشر دقائق فقط؟ وتابع تألقه بقيادة الفرسان لتخطي العين بفضل هدفين أيضاً سجلهما في ثلاث دقائق، وسجل هدفاً حاسماً في مرمى نفط طهران الإيراني في الربع النهائي من ركلة حرة نفذها بإتقان داخل الشباك، لقد كان لاعباً خيالياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وكان المنقذ في أقسى الظروف التي مر بها الفرسان.
سوبر هاتريك
مع الأبيض الإماراتي لم يكن أقل أهمية، فظهر معدن خليل الثمين بعد أن منح الفرصة الكافية ليقدم ما في جعبته من إبداع، فسجل عشرة أهداف خلال التصفيات المشتركة لكأس آسيا ومونديال روسيا 2018 من أصل ست مباريات، وحقق أحمد خليل رقماً قياسياً بتسجيله “سوبر هاتريك”، أي أربعة أهداف في مباراة واحدة لمنتخب بلاده في مرمى ماليزيا.
وسجل أسرع هدف في تاريخ كأس آسيا بعد مرور 14 ثانية فقط أمام البحرين في ذات التصفيات، وفي سجل خليل 37 هدفا مع المنتخب الإماراتي واقترب من تحطيم الرقم القياسي للهداف التاريخي الأسطورة الإماراتية عدنان الطلياني صاحب الــ52 هدفاً، كما أصبح منافساً قوياً في السجل العالمي للهدافين بتسجيله 15 هدفاً دولياً ليحل ثالثاً خلف السعودي محمد السهلاوي صاحب الصدارة برصيد 18 هدفاً دولياً والبولندي ليفاندوفيسكي ثاني الهدافين برصيد 16 هدفا، متقدماً على البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يملك 13 هدفاً دولياً، ويحمل الخليل أحلام الإماراتيين المونديالية بتأهل تاريخي ثانٍ بعد إنجاز رفاق عدنان الطلياني عام 1990.
|
تقاسم الجائزة مع الجميع
كل ما سبق من أرقام قياسية رشح أحمد خليل لينافس على زعامة القارة الآسيوية كأفضل لاعب آسيوي برفقة زميله عمر عبدالرحمن عموري الملقب بميسي العرب وهي المرة الثالثة التي يتواجد فيها لاعب إماراتي في هذا المكان إلا أن حظوظ اللاعبين الإماراتيين وذكرياتهم ليست جيدة لأن النحس رافقهم في المرات الماضية عندما نال عدنان الطلياني المركز الثالث عام 1990، وحل إسماعيل مطر ثانياً عام 2008، وكذلك حل إسماعيل أحمد وصيفاً للبطل العام الماضي.
اتجهت أنظار جميع العرب والإماراتيين على وجه الخصوص إلى نيودلهي، حيث يقام الحفل السنوي للفيفا لتسليم الجوائز ليلة الأحد 29 نوفمبر، والتوقعات أشارت إلى تفوق حتمي لنجمي الإمارات على حساب الصيني جينغ جيي لاعب غوانغجو إيفرغراند. وهذا ما حصل، فتوج الخليل بلقب أفضل لاعب في آسيا، وبات ثالث لاعب يتوج بلقب أفضل لاعب في آسيا وأفضل لاعب شاب بعد الإيراني مهدي مهداوي والياباني شينجي أونو.
ولأن الخليل لا ينسى من وقف معه، فلم يكن أنانياً في الاستحواذ على النجاح، فاستغل الفرصة الأولى بعد تسلمه الجائزة ليقدم هذه الجائزة للشعب الإماراتي وكل من سانده قائلاً “الجائزة جاءت بعد تعب وجهد كبير طوال السنوات الماضية، والحمد لله على التوفيق، وأهدي الجائزة إلى القيادة الرشيدة، وشعب الإمارات، وأعتبرها بداية للمزيد من الإنجازات، وأشكر الجهاز الفني والإداري بالأهلي والمنتخب والذين كانوا وراء ما حققته طوال مشواري.