أحلام ثورية لعمالقة الدوري الفرنسي في موسم 2023

غالتييه وتودور وبوس وفافر وفونسيكا خمسة مدربين للمتابعة.
الأحد 2022/08/07
تعاون مثمر

ذكّرت مجريات المواسم الأخيرة التي تتمثل في ملاعب موصدة، مباريات مؤجلة، ناقل متعثر، إجراءات قانونية فوضوية، حوادث على المدرجات وخيبات في البطولات الأوروبية بأن الغيوم ليست بعيدة عن الدوري الفرنسي. لكن بعد ثلاثة أعوام من الأزمات، هل ستُفرج أخيرا؟ تحلم كرة القدم الفرنسية بثورة في موسم 2023، حسب فنسان لابرون رئيس رابطة الكرة المحترفة. لكن لكل ثورة قائد. وفي فرنسا هناك باريس سان جرمان النهم. استثمر الفريق نحو 100 مليون يورو قبل أغسطس في فترة الانتقالات الصيفية، باحثا عن فض الشراكة مع سانت إتيان (10 ألقاب) الذي هبط الموسم الماضي إلى الدرجة الثانية مع متز وبوردو.

باريس - أعطى نادي باريس سان جرمان نكهة فرنسية إضافية لتشكيلته، مع قدوم المدرب كريستوف غالتييه بدلا من المقال الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو وبقاء المهاجم الدولي كيليان مبابي حتى 2025 بعد أن كان على وشك الانتقال إلى ريال مدريد الإسباني، أحد أبرز منافسيه على لقب دوري أبطال أوروبا اللاهث وراءه. قال لابرون في نهاية مايو حول نجم هجوم منتخب فرنسا "كي يصبح الدوري الفرنسي أكثر شغفا، نحن بحاجة إلى نجوم كبار. كيليان مبابي سوبرستار".

على الصعيد المحلي، من القادر على مقارعة باريس سان جرمان الذي يضمّ الثلاثي الهجومي الناري: مبابي، الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار؟ يبدو الفارق شاسعا مع باقي الأندية. لكن للمفارقة، يبدو الصراع على البطاقات الأوروبية الأخرى ناريا.

يبقى مرسيليا، وصيف الموسم الماضي، حاضرا بقوة، ولو أن كواليسه ضجّت بالأزمات منذ رحيل المدرب الأرجنتيني خورخي سامباولي المعترض على الطموحات المالية للفريق المتوسطي، وحلول الكرواتي إيغور تودور بدلا منه.

في المقابل، يحاول ليون استعادة بريقه مع قدوم الملياردير الأميركي جون تيكستور، المساهم الرئيس المستقبلي مقابل 600 مليون يورو.. طَموحٌ لكن خارج المسابقات القارية بعد حلوله ثامنا الموسم الماضي، يبحث فريق الرئيس جان – ميشال أولاس عن التعويض مع المدرب الهولندي بيتر بوس وعودة نجمي الفريق السابقين ألكسندر لاكازيت ولاعب الوسط كورنتان توليسو.

أهداف عالية

فرصة للبروز
فرصة للبروز 

وضع نيس بقيادة السويسري لوسيان فافر مشروع "إينيوس" أهدافا عالية قد توصله إلى المسابقات القارية، بعد حلوله خامسا الموسم الماضي. كما تتركز الأنظار على موناكو ثالث الموسم الماضي الذي يحقق نتائج رائعة منذ يناير الماضي.

ويبدو رين رابع الموسم الماضي مستقرا تحت إشراف المدرب برونو جينيزيو، فيما يريد ليل، بطل 2021 وعاشر الموسم الماضي، لعب دور مفسد الاحتفالات، على غرار ستراسبور ولنس، سادس وسابع الموسم الماضي تواليا.

◙ باريس سان جرمان أعطى نكهة فرنسية إضافية لتشكيلته، مع قدوم المدرب كريستوف غالتييه بدلا من المقال ماوريسيو بوكيتينو

يبدو الصراع قويا مع بطاقتين مباشرتين فقط مؤهلتين إلى دوري أبطال أوروبا. مشهد حماسي للناقل الرئيس أمازون برايم فيديو. أطلقت المنصة موسمها الثاني وستنقل حصريا ثماني مباريات في المرحلة الواحدة، فيما تنقل كانال بلوس المباراتين المتبقيتين.

يحتل ملف حقوق البث التلفزيوني المرتبة الثانية هذا الموسم بفارق كبير عن قدوم صندوق التمويل سي في سي، المساهم في الفرع التجاري الجديد لرابطة الدوري بنسبة 13 في المئة، وضخّه المرتقب لـ1.5 مليار يورو.

تسمح هذه الصفقة الواعدة بدفعات مرحّب بها من قبل الأندية، لا تقل عن 33 مليون يورو للنادي الواحد لفترة ثلاث سنوات، وتصل إلى 200 مليون يورو لسان جرمان. ستساهم تلك المبالغ في تحسين البنى التحتية، التكوين، مشاريع التطوير ولكن أيضا في فترة الانتقالات. دون نسيان موضوع الأمن، أبرز النقاط السوداء في الموسم الماضي الذي شهد خروقات كبيرة على المدرجات. ستسمح الأموال الطازجة أيضا بإراحة الأندية المتواضعة، على غرار الصاعدين تولوز وأجاكسيو وأوكسير.

يُذكر أن الدوري الفرنسي سيتقلص عدده من 20 إلى 18 ناديا الموسم المقبل، ما يعني هبوط أربعة أندية إلى الدرجة الثانية مقابل صعود ناديين فقط. نظام مضطرب على غرار جدول المباريات التي ستتوقف 45 يوما في نهاية نوفمبر، في ظل إقامة كأس العالم للمنتخبات في قطر.

التحدي الأكبر

سر الهيمنة
سر الهيمنة

تتّجه الأنظار إلى خمسة مدربين بطموحات مختلفة في الموسم الجديد للدوري الفرنسي لكرة القدم، أبرزهم المدير الفني لباريس سان جرمان حامل اللقب كريستوف غالتييه والمدرب الجديد لمرسيليا الدولي الكرواتي السابق إيغور تودور وقائد الدفة الفنية لنيس السويسري لوسيان فافر.

وصل غالتييه، أفضل مدرب في الدوري الفرنسي ثلاث مرات (2013، 2019 و2021) وقائد ليل إلى التتويج غير المتوقع بالدوري عام 2021، إلى باريس بشعور تأكيد إنجازه.

يتذكر الرجل الذي جرّد باريس سان جرمان من لقب الدوري العام الماضي "إنه لشرف كبير أن يكون لديك تشكيلة من هذا المستوى". سيتعين على المدرب المسؤول عن أقوى ناد في فرنسا منذ بداية يوليو الماضي، إقناع بعض المشكّكين. ويؤكّد "أنا مستعد لذلك، وإذا قبلت هذا المنصب، فذلك لأنني قادر عليه".

يُعتبر غالتييه قائدا جيّدا للاعبين، لم يسبق له تدريب لاعبين كبار من طينة كيليان مبابي أو (الأرجنتيني) ليونيل ميسي أو (البرازيلي) نيمار. تعتبر تجربته الأوروبية حيث لم يسبق له تحقيق أي فوز في دوري الأبطال، هزيلة جدا بالنسبة إلى ناد مهووس بإحراز لقب المسابقة القارية العريقة للمرة الأولى في تاريخه.

مشروع لوسيان فافر لا يزال قائما ومتواصل بذكريات بوروسيا دورتموند الألماني

طالب غالتييه، لاعبيه بضرورة التكاتف معا من أجل حصد الألقاب في الموسم المقبل، مشيرا إلى أن الفريق الذي يدافع جيدا بإمكانه تحقيق أفضل النتائج. ويعتقد غالتييه، الذي تولى تدريب سان جرمان هذا الصيف خلفا للأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو أن التكاتف هو المفتاح لتحقيق أفضل النتائج، لاسيما في ظل وجود الثلاثي كيليان مبابي ونيمار وليونيل ميسي.

ويرى كريستوف غالتييه أن تفرق لاعبي الفريق في بعض الأحيان ساهم في عدم تحقيق نادي العاصمة الفرنسية النتائج المرجوة منه، لاسيما على الصعيد القاري.

ويعود سان جرمان إلى استئناف حلمه من جديد بالتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، في ظل امتلاكه هذا الثلاثي المرعب، الذي نادرا ما يجتمع في فريق واحد.

وفي الدوري الفرنسي الموسم الماضي، أحرز مبابي 28 هدفا في 35 مباراة، لكن نيمار غاب مجددا عن أجزاء من الموسم الذي أنهاه بتسجيله 13 هدفًا في 22 مباراة في المسابقة، بينما أحرز ميسي 6 أهداف في 26 مباراة بالمسابقة.

وبينما غاب مبابي عن الفوز (4-0) على نانت في مباراة السوبر الفرنسي بداعي الإيقاف، كان نيمار على موعد مع التألق عقب تسجيله ثنائية، فيما سجل ميسي وسيرجيو راموس الهدفين الآخرين، ليحصل الفريق على أول ألقابه تحت قيادة غالتييه.

وبسؤاله عما إذا كان الثلاثي الهجومي المرعب الذي لدى سان جرمان حاليا يعتبر كافيا لحصد الألقاب، شدد غالتييه على أنه يتوقع جهدا إضافيا من مبابي وميسي ونيمار للمساهمة مع الفريق في جميع أنحاء الملعب.

وأشار "فيما يتعلق بتشكيلتنا الدفاعية، لدينا رغبة جماعية ومسؤولية جماعية. وأيضًا، كأفراد. يمكن أن تكون هناك فترات في المباريات يكون فيها الوضع عصيبا للغاية، ولا يتمكن الفريق من التغلب على الخصم أو إحداث الفارق".

المدرّب الجديد لمرسيليا يجد نفسه في وضع لا يُحسد عليه مبكرا بسبب النتائج المخيبة للفريق في مبارياته الإعدادية للموسم الجديد 

وأسهب غالتييه في شرح فلسفته التدريبية، حيث قال "نريد أن نركز بشدة على عدم السماح للخصم بالتأثير على أسلوب لعبنا. لدينا التفوق كفريق وكأفراد". وأضاف "عندما يكون لديك زملاء في الفريق يبذلون مجهودًا كبيرًا، فهذا بالطبع أمر معد، وهذا يعني أن اللاعبين من حولهم يريدون بذل نفس الجهد. لذلك نحن بحاجة للتأكد من أن هذا ما سيحدث".

وأكد غالتييه أنه سيستفيد هو وسان جرمان من خبرة راموس الذي قضى معظم موسمه الأول مع النادي بعيدا عن الملاعب بسبب الإصابة، مضيفا "من الجيد دائما أن يكون لديك لاعبون مثلهم، ويمكنهم تقديم خبرتهم".

يذكر أن هذا هو الموسم الـ50 لفريق لسان جرمان في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، ويسعى الفريق إلى الفوز باللقب 11 في تاريخه، ليتفوق على سانت إتيان ويصبح الفريق الأكثر تتويجا باللقب في تاريخ المسابقة.

من ناحيته يجد تودور المدرّب الكرواتي الجديد لمرسيليا بعد رحيل الأرجنتيني خورخي سامباولي، نفسه في وضع لا يُحسد عليه مبكرا بسبب النتائج المخيبة للآمال التي حققها الفريق في مبارياته الإعدادية للموسم الجديد. ثلاث هزائم أمام نوريتش سيتي الإنجليزي 0 – 3 وميدلزبره الإنجليزي 0 – 2 وميلان الإيطالي بالنتيجة ذاتها، مقابل تعادل مع ريال بيتيس الإسباني 1 – 1 وفوز واحد فقط على فريق مارينيان – دينياك من الهواة 4 - 1.

وقال المدرب البالغ من العمر 44 عاما "لا أريد أن يغادر القادمون إلى الملعب وهم محبطون"، واعدا "بكرة قدم هجومية ومتسقة" بشكل مختلف تماما عن أسلوب الاستحواذ الذي كان ينهجه سلفه سامباولي. بعد موسم ممتاز مع فيرونا في إيطاليا، سيكون أمام المدافع الدولي الكرواتي السابق الكثير ليفعله، فهو لم يقد فريقا في دوري أبطال أوروبا وهي المسابقة

رهان صعب

كتيبة متحفزة
كتيبة متحفزة 

التي سيخوضها الفريق الجنوبي الموسم المقبل بصفته وصيفا للدوري. "كنت سأقال من منصبي بسبب النتائج المخيبة واحتلال المركز الثالث عشر في ناد يريد اللعب في مسابقة دوري أبطال أوروبا". كان هذا تصريح أدلى به المدرب الهولندي لنادي ليون بيتر بوس في يناير الماضي.

قاد الفريق في نهاية الموسم إلى المركز الثامن واحتفظ بثقة رئيس النادي جان ميشال أولاس. ولكن مع استحواذ رجل الأعمال الأميركي الملياردير جون تيكستور على ليون، سيكون من الصعب عليه الخطأ مرة أخرى، خصوصا وأن المدرب الهولندي حصل على التعاقدات المطلوبة.

عاد ألكسندر لاكازيت لتعويض رعونة موسى ديمبيليه أمام المرمى. أما بالنسبة إلى كورنتان توليسو الذي عاد أيضا إلى فريقه الأم، فإن حالته الصحية تسبّبت مبكرا في الكثير من الضجيج.. وسيكون شهر أغسطس حاسما. تنتظر الفريق مباريات في المتناول في بداية الموسم ويتعيّن عليه أن يكون بين فرق الصدارة، وإلا فإنه سيكون مطالبا بالحذر من العاصفة.

◙ فلسفة لوسيان فافر مدرب نيس تتمثل في المقام الأول في دفع لاعبيه إلى التحسين الفني المستمر والتفكير والمبادرة

وخلافا لعام 2016، لم يكافح رئيس نيس جان – بيار ريفار لإقناع لوسيان فافر بتدريب الفريق، لأن إينيوس مالكة النادي غيّرت أبعاده. عند وصوله، أعلن المدرب السويسري أيضا عن طموحاته. "نيس يجب، في غضون عامين، أن ينهي الموسم بانتظام بين المراكز الثلاثة الأولى وحتى أكثر!". إعادة الهيكلة الداخلية الحالية حدّت من التعاقد مع لاعبين جدد وتضييع الوقت.

لكن فافر، البالغ من العمر 64 عاما، ما زال صبورا. من تجربته مع بوروسيا دورتموند الألماني، احتفظ بمتطلبات الضغط العالي والقوي، للانتقال بسرعة نحو الهجوم. تتمثل فلسفته في المقام الأول في دفع لاعبيه إلى التحسين الفني المستمر والتفكير والمبادرة، مثل المراوغة. قال “إذا لم يكن بإمكاننا الارتداد في هجمات، فيجب تدوير الكرة لأن الخصم لا يحبّ الركض كثيرا".

بعد الموسم المخيّب للآمال بقيادة المدرب جوسلان غورفينيك، راهن ليل على البرتغالي باولو فونسيكا المعروف بأسلوب لعبه الهجومي الجذاب. لكن مع وجود تشكيلة أقل موهبة مما كانت عليه في المواسم السابقة، هل سيتمكّن المدرّب السابق لسبورتينغ براغا وشاختار دانيتسك الأوكراني وروما الإيطالي من تحقيق أفضل من المركز العاشر المتواضع الذي حصل عليه العام الماضي؟

ومع ذلك، أظهر المدير الفني، البالغ من العمر 49 عاما، طموحه في تصريح صحافي "نريد أن يكون لدينا فريق بهوية قوية، فريق يسيطر على المباراة، وينتج كرة قدم جيدة".

وسيتعين على فونسيكا إيجاد التوازن الصحيح لتجنب المفاجأة في الهجمات المرتدة، لأنه إذا كانت الفرق التي أشرف على تدريبها تسجل أهدافا كثيرة، فإن شباكها تستقبل أيضا الكثير من الأهداف.

18