أتذكر أياما أفضل

الاثنين 2015/03/16

يا بني أتذكر أياما أفضل؟ قالها المهاجر السوري الذي يحتضن ابنه الصغير في قبو إحدى السفن المتهالكة التي يستخدمها المهربون لنقل الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم. يحاول أن يجعل صغيره ينسى الجو المتعفن المليء بالرطوبة، فيحكي له عن بلاد خضراء جميلة هواؤها أنقى من حبات المطر، عن حياة جميلة هادئة كانوا يعيشونها. عن شوارع كانوا يمشون فيها، عن جامعات ومدارس، عن بساتين وحقول خضراء، حياة هانئة طيبة رغدة، تحولت إلى جحيم لا يطاق.

العراق وسوريا وليبيا واليمن وحتى أكبر الدول العربية وأقواها وأعرقها تاريخا مصر، قارنوا بين أحوالهم اليوم، وقبل سنوات قليلة. وضع كارثي لا يحدث في أسوأ الكوابيس، قتل الإنسان صار أسهل من قتل دجاجة. مدن كاملة سويت بالأرض، وملايين هاجروا بلادا نبتوا فيها وأمضوا فيها أجمل سنين عمرهم. دول اقتصادها في الهاوية وعملتها لا تساوي تكلفة ورق طبعت به، تبدلت أحوالهم إلى الأسوأ وأصبحوا نادمين ويحلمون بالعودة بالزمن إلى الوراء سنوات قليلة فقط، ليحافظوا على تلك الأوطان التي لم يقدّروها حق قدرها، فضاعت بين أيديهم.

نحن هنا في الكويت وفي الخليج نعيش نعمة يحسدنا عليها سكان العالم قاطبة. أسر حاكمة كريمة حولت بلادا صحراوية قاحلة، إلى جنات خضراء وأوطان ينعم سكانها برغد العيش، وقد يقول قائل إن هذا كله بسبب النفط. ولكن النفط موجود في تلك البلدان العربية أضعاف ما لدى دول الخليج مجتمعة، فالعراق وحده يربض على بحيرة نفطية هائلة، ومع هذا لم تصل خيراته إلى أهله بل أصبحت وبالا عليهم. العالم كله يلتهب حولنا، ونيران الحروب الإقليمية يكاد يصلنا شررها.

المطلوب تقدير النعم التي نحن فيها من أمن وأمان وحياة كريمة ورفاهية لا يحظى بها ثلاثة أرباع سكان العالم، ولنضع أيدينا بأيدي حكامنا نعينهم على حمل أمانة الحكم ولتكن النصيحة والتناصح معهم بأسلوب يحفظ أمن واستقرار البلد، فمهما كانت الأخطاء، كلها لا تساوي ضياع استقرار وطن.

نقطة أخيرة: على العقلاء في المعارضة والأغلبية فتح خط اتصال وقنوات حوار مع الحكومة، والتوقف عن تجمعات ومظاهرات لا فائدة ولا جدوى منها. لو أنها تفيد لأفادتهم خلال الثلاث سنوات الماضية، بل على العكس هذا النهج تسبب في تفكك وضعف المعارضة وخروج الكثير من عباءتها. يجب أن نفيق من غفلتنا ونحافظ جميعا على وطننا الذي قد نستيقظ يوما ما فلا نجده.


كاتب كويتي

9