أبل تعيد اختراع نفسها للحاق بركب الذكاء الاصطناعي

وسط الضجة التي أعقبت روبوت الدردشة تشات جي بي تي أصبح لصمت أبل وقعٌ.
الجمعة 2024/06/14
شراكة بين أبل وأوبن إيه آي.. انتظروا العجب

عندما تتحدث أبل يجب أن يصمت الجميع.. وهذا ما حدث بالضبط أثناء مؤتمرها السنوي للمطورين، الذي بدأ الاثنين في كاليفورنيا، حيث أعلنت عن الخبر المفاجأة.. شراكة بينها وبين أوبن إيه آي دون تقديم أية تفاصيل وطلبت منا أن ننتظر العجب.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - بعد مرور عام ونصف على إطلاق تشات جي بي تي، برنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي المُبتكَر من شركة أوبن إيه آي، في نوفمبر 2022، عملت مايكروسوفت و”غوغل” وأمازون وميتا جاهدةً لإدراج هذه التقنية في خدماتها، لكنّ أبل بدت متأخرة في هذا المجال.

ومع أنّ شركة التكنولوجيا العملاقة تعتمد أصلا في أجهزتها آي فون وآي باد وماك الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، لم تصدر أي إعلان مرتبط بهذه التقنية.

ويقول المحلل في شركة “فوريستر” ديبانجان تشاترجي “كانت الشركة دائما مهووسة بما تقدمه منتجاتها لزبائنها” لا “بمعجزات الرقمنة والتصغير”، مضيفا “لهذا السبب كانت أبل تكره الحديث عن التكنولوجيا الأساسية التي تعمل على تشغيل أجهزتها”.

لكن وسط الضجة التي أعقبت روبوت الدردشة تشات جي بي تي، بات “لصمت أبل وقع”، على قوله.

ويقول المحلل في شركة “ويدبوش سيكيوريتيز” دان آيفز إنّ مؤتمر المطورين السنوي الذي انعقد من الاثنين إلى الجمعة “يمثل الحدث الأهم لأبل منذ عقد، إذ يحمل في خلفيته ضغوطا لتقديم حزمة من ابتكارات الذكاء الاصطناعي التوليدي للمطورين والمستهلكين”.

وذكرت وسائل إعلام أميركية أنّ أبل أقامت شراكة مع “أوبن إيه آي”، ستتيح لها استخدام النماذج اللغوية الخاصة بمُبتكرة تشات جي بي تي، والتي تمثل قواعد بيانات عملاقة توفر إجابات على أسئلة تُطرح باللغة الشائعة.

أنجيلو زينو: الشراكة ستجعل أداة المساعدة سيري أكثر ذكاءً
أنجيلو زينو: الشراكة ستجعل أداة المساعدة سيري أكثر ذكاءً

ويعتبر أنجيلو زينو من شركة “سي إف آر إيه” أن هذه الشراكة “يُفترض أن تجعل أداة المساعدة سيري أكثر ذكاءً، مع قدرة على الدردشة ودمج الذكاء الاصطناعي في كامل نظام أبل: تعديل الصور، والبحث في محرك البحث سافاري وتدوين الملاحظات ورسائل البريد الإلكتروني وحتى الرموز التعبيرية”.

تم إطلاق “سيري” قبل أكثر من 12 عاما، وهو اليوم “أداة مساعدة غير مفيدة نوعا ما”، على ما يرى ديبانجان تشاترجي، إذ تجاوزه في نسخته الحالية، الجيل الجديد من أدوات المساعدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، “تشات جي بي تي 4.0” الذي طرحته أوبن إيه آي في منتصف مايو.

وأشار تشاترجي إلى أنّ الشراكة بين أبل وأوبن إيه آي “ستحدث العجائب نفسها لسيري الضعيف”.

وتشير كارولينا ميلانيسي من شركة “كرييتف ستراتيجيز” إلى أنّ هذه التحسينات والميزات الجديدة يُفترض أن تساعد في تعزيز رغبة الزبائن بمنتجات أبل.

وتؤكد أن “هدف أبل يتمثل في دفع الأشخاص إلى استبدال هواتف آي فون الخاصة بهم”، مضيفةً “سنرى ما إذا كانت الشركة ستمنحهم الأسباب المقنعة للقيام بذلك”.

ويلفت المحلل في “إي ماركتر” غادخو سيفيّا إلى أن “اللحظة حاسمة لأبل”، معتبرا أنّ التواصل في المؤتمر السنوي للمطورين هو “اختبار مهم” لقدرة المجموعة على تحقيق دخل من الذكاء الاصطناعي التوليدي كما فعلت غوغل ومايكروسوفت.

ويأتي هذا التحدي الجديد في وقت تحاول فيه أبل إعادة صورتها الأسطورية كشركة معتادة على إطلاق منتجات وخدمات قادرة على تغيير عادات الاستهلاك، من أجهزة “ماك” إلى هواتف “آي فون” مروراً بمنتجات “آي بود”.

وتحاول أبل من خلال نظامها الجديد المرتقب جدا “أبل إنتيليجنس” الهادف إلى تحسين استخدام مختلف أجهزتها من “آي فون” إلى “ماك” بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، إعادة اختراع نفسها.

ويرتكز “أبل إنتيليجنس” على أداة المساعدة سيري، التي خضعت لتحديث جذري يُتوقع أن يتيح لها تعويض تأخّرها عن المنتجات التي أطلقتها في الآونة الأخيرة شركتا “أوبن إيه آي” و”مايكروسوفت”.

وأقامت أبل لهذا الغرض شراكة مع أوبن إيه آي التي دشّنت في نوفمبر 2022 حقبة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال طرحها تشات جي بي تي.

وكتب الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي سام ألتمان في منشور على منصة “إكس”: “نحن متحمسون جدا للتعاون مع أبل لإدراج تشات جي بي تي في أجهزتها في وقت لاحق من هذه السنة!”. وأضاف “أعتقد أنكم ستحبون ذلك حقاً”.

وسيتوافر “أبل إنتيليجنس” في الإصدار الجديد من نظام التشغيل “آي أو إس 18” الذي أُعلِن عنه أيضا الاثنين خلال مؤتمر المطورين الذي يستمر طوال الأسبوع.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك، خلال عرض تقديمي نُقِل عبر الإنترنت: “نعتقد أن أبل إنتيليجنس سيصير (عنصرا) لا غنى عنه للمنتجات التي لها أصلا دور أساسي في حياتنا”.

تيم كوك: أبل إنتيليجنس سيصير عنصرا لا غنى عنه بمنتجاتنا
تيم كوك: أبل إنتيليجنس سيصير عنصرا لا غنى عنه بمنتجاتنا

ويهدف “أبل إنتيليجنس” إلى أن يكون وظيفة تساعد في تحسين استخدام الأجهزة وتطبيقاتها وتبسيطها.

ومن أبرز ما سيتيحه النظام الجديد للمستخدم إنشاء الرموز التعبيرية الخاصة به بناءً على وصف باللغة اليومية أو إنشاء ملخصات للرسائل في صندوق البريد الإلكتروني.

ويستطيع المستخدم تقديم طلبات خاصة إلى نظام الدردشة “سيري” إما كتابيا أو شفهيا.

وأبرزت أبل قدرة واجهة الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها على اتخاذ القرارات واختيار العناصر المناسبة بناءً على الخصائص الخاصة بمستخدم كل جهاز “آي فون” أو “آي باد”.

وسبق أن حققت أبل أول تحوّل كبير في فبراير من خلال طرح خوذة “فيجن برو” للواقع “المختلط” (الافتراضي والمعزز).

وتشكل هذه الخوذة منتجا متطورا (سعره 3499 دولارا) يستهدف نسبة محدودة من جمهور أبل التقليدي.

وبالإضافة إلى التقدّم الذي حققه منافسوها، أصبح هذا السعي لتحقيق نجاحات جديدة طارئا لأبل بسبب انخفاض مبيعات آي فون بنسبة 10 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2024.

ومن خلال الذكاء الاصطناعي التوليدي، تستثمر أبل في نشاط خدماتها الذي أصبح شريان الحياة لنموّها.

وتشير شركة “كاناليس” إلى أنّ 16 في المئة من الهواتف الذكية التي ستُطرح هذا العام ستكون مجهزة بميزات ذكاء اصطناعي توليدي، وهي نسبة يُتوقَّع أن ترتفع إلى 54 بالمئة سنة 2028.

12