إبراهيم رئيسي.. مرشد أعلى محتمل مؤهلاته قربه من الحرس الثوري

يطرح اسم إبراهيم رئيسي بكثرة في الفترة الأخيرة في الساحة الإيرانية، وسط تكهنات بأنه يجري إعداده من قبل الحرس الثوري والمرشد الأعلى الحالي، آية الله علي خامنئي، ليكون المرشد الأعلى الثالث في تاريخ الجمهورية الإسلامية، منافسا لهاشمي شاهرودي، وصادق لاريجاني. وقد زادت من هذه التكهنات، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوسط، ترقية رئيسي من قبل خامنئي، مؤخرا، في خطوة أثارت جدلا في أوساط القيادات الدينية باعتباره ذا مؤهلات علمية فقهية ضعيفة. ويتولى رئيسي الآن ثلاثة مناصب بأمر مباشر من خامنئي، وهي، عضو في مجلس الخبراء، ونائب عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، ومسؤول العتبات في مدينة مشهد.
الأربعاء 2016/11/23
خير خلف

واشنطن – كثيرا ما يقال إن أهم عائق يحول دون البراغماتية الإيرانية هو المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وما إن يغيب خامنئي، الطاعن في السن، عن المشهد سيتبنى من يأتون من بعده المعايير الدولية السائدة. لا خوف من قيود الاتفاق النووي التي يتم رفعها تدريجيا لأن النظام الإسلامي سيجد الاندماج الدولي مغريا إلى درجة تمنعه من الانصراف عنه من أجل الحصول على أسلحة نووية.

المشكلة الوحيدة مع مثل هذه الانتظارات هي أن المرشح الذي يحضره خامنئي والحرس الثوري لاعتلاء منصب المرشد الأعلى هو أحد الأعضاء الأكثر رجعية من النخبة الحاكمة في إيران. قد يكون إبراهيم رئيسي، المرشد الأعلى المحتمل المقبل لإيران، الشخص الوحيد في الجمهورية الإسلامية الذي يمكن أن يجعل الناس تفتقد خامنئي.

يبلغ رئيسي 56 سنة من العمر، ومثل خامنئي، ينحدر من مدينة مشهد. بعد قضاء فترة في مدرسة التعليم الديني قضى كامل حياته المهنية في ذراع إنفاذ القانون في الجمهورية الإسلامية حيث عمل مدعيا عاما ورئيسا لمكتب التفتيش العام والمدعي العام الرئيس في المحكمة الخاصة لرجال الدين المسؤولة عن تأديب الملالي الذين يحيدون عن الخط الرسمي. في أحد أعماله السيئة السمعة خدم عضوا في “لجنة الموت” التي أشرفت في صيف 1988 على قتل الآلاف من المساجين السياسيين بناء على تهم ملفقة.

كان يعتقد سابقا أن منصب المرشد الأعلى يعود إلى شيخ موقر معروف بسعة معرفته في الفقه، لكن مهدت المؤهلات الدينية الباهتة لخامنئي الطريق لشخصية أقل إثارة للإعجاب قضى حياته المهنية في حبك المؤامرات في أعتم زوايا النظام.

الجامعات الإيرانية تشكو نقصا في عدد الطلبة
طهران – قال وزير العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإيراني محمد فرهادي إن الجامعات الإيرانية تشهد نقصا في عدد الطلاب. ونقلت وكالة إيرنا الإيرانية للأنباء عن فرهادي قوله إن التقدم للتعليم العالي كان منخفضا جدا بالنسبة إلى هذا العام الدراسي، والذي بدأ في أكتوبر المنقضي. وأضاف أن هناك 600 ألف مقعد شاغر في الجامعات الإيرانية، مشيرا إلى أن بعض الجامعات في إيران لديها أقل من 50 طالبا.

وصلت طاقة استيعاب الجامعات الإيرانية في مستوى درجة البكالوريوس إلى حوالي 750 ألف طالب هذا العام. وفي أوائل عام 2013، قال محمد هادي أمين ناجي، وهو مسؤول في جامعة بايامينور في البلاد إن عادات الطلبة الإيرانيين الذكور تجاه سوق العمل والتعليم العالي قد تغيرت. وأضاف أن الإناث يشكلن غالبية الطلبة في الجامعة.

وتمتلك إيران شبكة واسعة من الجامعات الخاصة والحكومية التي تقدم درجات علمية في التعليم العالي.

وتخضع الجامعات الحكومية في إيران لإشراف غير مباشر لسلطة المرشد الأعلى وأذرعه.

خلفية رئيسي تناسب تماما مهمة الحرس الثوري المتمثلة في القضاء على الانشقاق؛ ففي مقابلة حديثة اعترف قائد الحرس الثوري محمد جعفري بأنه منذ 2005 أصبح النظام يرى أعمال التمرد الداخلي تحديا لوجوده أكبر حتى من الضغوط الخارجية. ويجب على الخليفة المثالي لخامنئي ألا يشارك الحرس الثوري نظرته فحسب، بل أن تكون له أيضا علاقات مقربة مع الأجهزة الأمنية والقضاء. ويبدو أن قادة الحرس الثوري وجدوا الرجل الذي يبحثون عنه، وحاليا يقومون بالتسويق لرئيسي على أنه أحد طلائع النظام ومنفذ لإرادته.

خامنئي هو الآخر مساند أشد أهمية، إذ قام المرشد الأعلى مؤخرا بتعيين رئيسي لترؤس إحدى أكبر المؤسسات الخيرية في البلاد “أستان قدس رضوي”. تتولى هذه المؤسسة إدارة مزار الإمام رضا في مشهد الذي يزوره الملايين من الزوار كل عام، كما تشغل شركات أخرى كثيرة ولديها ملكيات أراض شاسعة.

وبالرغم من صعوبة تقدير قيمة الوقف بدقة فإن البعض يقول إنها تتجاوز 15 مليار دولار. ولا يكتفي هذا التعيين بتعزيز البيانات الشخصية على المستوى الوطني لرئيسي لكنه أيضا يضع تحت تصرفه أموالا هائلة يمكنه استعمالها لتنمية الشبكة الخاصة به من المساندين والدائرة الانتخابية. في الأساس لقد فتح خامنئي أبواب العالم المالي الغامض لإيران أمام إبراهيم رئيسي.

بالنسبة إلى خامنئي وحرسه الإمبراطوري، لا تنحصر المسألة الأهم في بقاء النظام فحسب بل وكذلك في القيم الثورية. هم مصممون على ألا تصبح إيران صينا ثانية يعتبرون أنها تخلت عن موروثها الأيديولوجي من أجل التجارة.

قد تكون احتجاجات 2009 ذكرى اضمحلت في واشنطن لكنها كانت حادثة فارقة لدى حرس الدولة الدينية، إذ يتم تحت رقابة خامنئي تحويل إيران إلى دولة بوليسية، والامتداد المنطقي لهذه التطورات هو مرشد أعلى يأتي من قلب الأجهزة القمعية في إيران.

تنص الإجراءات الرسمية الإيرانية على أن يقوم مجلس الخبراء باختيار المرشد المقبل، لكن في الواقع يتم اتخاذ ذلك القرار من الآن في الغرف الخلفية للدولة. وقد يكون الرئيس حسن روحاني محل إعجاب أميركا وأملها في نظام معتدل، لكنه مجرد متفرج في لعبة السلطة المهمة هذه.

إن خامنئي والحرس الثوري يعجبهما كون المرشد الأعلى المقبل سيتسلم السلطة في وقت غير مستقر، وعلى هذا المرشد أن يشاركهما ميلهما إلى نظريات المؤامرة ويظهر ازدراء للغرب ويكون مستعدا لسفك الدماء من أجل النظام. يجب على المرشد الأعلى الجديد ألا يؤمن فقط بمهمة الدولة الدينية في القمع بل يكون أيضا جزءا لا يتجزأ من تلك الآلة. لا أحد في إيران يجسد هذه الصفات أكثر من رئيسي، إذ يبدو أنه الرجل المناسب في الوقت المناسب.

باحث إيراني أميركي

12