"الواحة" مهرجان يعنى بالسينما العربية في بلجيكا

تورنهاوت (بلجيكا) – تأتي خصوصية مهرجان “الواحة” السينمائي في بلجيكا من تفرّده بالفكرة التي عملت على إطلاقها وتنظيمها مؤسسة “أومنس”، التي تشتغل بخطوات حثيثة على تفعيل دور ومكانة الثقافة العربية في القارة الأوروبية بعد أن اتَّخذت من بلجيكا مقرا لبداية أعمالها التي تمثلت بتنظيم مهرجان الكاريكاتور العربي الأول خلال مايو الماضي، تشتغل اليوم على العديد من المبادرات والمشاريع الثقافية التي تتعلق بالعمق الحضاري العربي والإنساني المتنوع سواء من خلال تنظيم القراءات الأدبية أو المهرجانات والكرنفالات والمعارض المتنوعة.
وتم خلال أيام المهرجان عرض العديد من الأفلام السينمائية الطويلة التي تمثل كوكبة متنوعة من الأقطار العربية بعيون صانعي الأفلام ومنتجيها، حيث تنوعت العروض بين الأفلام الفلسطينية والسورية والمغربية والأردنية، فتابع الجمهور خلال ليالي المهرجان أفلام “ديغراديه”، “الزين اللي فيك”، “ذيب”، “عمر”، “المهاجران”، “على حلة عيني”، “حب سرقة وتشابكات أخرى” و”آيدول”، والفيلمين الوثائقيين “العودة إلى حمص” و”أنا مع العروسة” وأفلاما أخرى.
“العرب” التقت مع علي نزير علي مدير مؤسسة “أومنس” والمدير التنفيذي لمهرجان الواحة السينمائي في بلجيكا، حيث قال عن الخطوة الأولى التي اتخذتها “أومنس” باتجاه التأسيس لمهرجان سينمائي عربي في بلجيكا، “إن السينما اليوم تعطي صورة واضحة للجمهور عن الواقع في أماكن عديدة من العالم، فالأفلام التي تم اختيارها في المهرجان تمثّل هموما ومقولات عديدة تساهم في إيصال صوت الذين لا صوت لهم إلى الجمهور الأوروبي، أو تسلط الضوء على قضايا تمثل من الحساسية والأهمية الشيء الكبير بوصفها تؤسس لرؤى واتجاهات فكرية تجاه العديد من القضايا التي تمسُّ الشرق الأوسط عموما أو الوجود العربي في القارة الأوروبية”.
يضيف علي “مدينة تورنهاوت البلجيكية احتفت بالأفلام العربية طيلة أربعة أيام، حيث تم التأكيد على اعتماد ثيمة تتقاطع فيها كل المُختارات السينمائية التي عرضت لتعطي نظرة داخلية وخارجية في ذات الوقت، يظهر من خلالها الاختلاف بين الشرق والغرب بوصفه عاملا للتقارب والتجاذب، فالقصص اليوم تتداعى للآخر عبر شاشات التلفزيون في نشرات إخبارية أو من خلال أفلام وثائقية توصيفية، بينما يقوم المهرجان بتقديم الصورة الإنسانية لأولئك الفارين من الحروب في الشرق الأوسط، أو الذين يعانون على مستويات عديدة سواء في منظومة العلاقات الاجتماعية أو التعليمية أو الاقتصادية”.
ويؤكد علي لـ”العرب” أنّ السينما العربية صناعة متطورة وتضيف إلى حقل صناعة السينما العالمية أبعادا متعددة، فالأفلام التي تم تقديمها خلال أيام المهرجان كانت حاملا مساعدا جديدا لفهم الثقافة العربية وانشغالاتها المتعددة، حيث يقول نزير “السينما كالأدب هي صورة للمجتمع وهمومه ومقولاته المتعددة التي تنطلق من الفرد وصولا إلى المنظومة الاجتماعية ككل”.
والثقافة العربية اليوم كما يراها نزير تتعرض لعمليات تشويه مقصودة أو غير مقصودة، مباشرة أو غير مباشرة سواء على يد الناطقين بها أو الآخرين، والدور الذي يقع على عاتق المشتغل في الحقل الثقافي يقوم في جوهره على التعامل مع هذه الإشكالية، ويصف علي ذلك بأنه كالسير على حبل مشدود فوق حقل من الألغام، في ظل النظرة المسبقة والقالب الجاهز الذي يوضع فيه كل حامل للثقافة العربية.
ويختم علي نزير علي “المسألة هنا ليست بحثا عن الهوية أو قلقا في السؤال عنها، بل هي محاولةٌ يعمد القائمون على المهرجان إلى طرحها بوصفها قطعة من لوحة ناقصة، قد تكملها السينما التي تمثّل حالة من الوعي أو طريقا له عند الآخر”.