ليوا للرطب: فعالية لصون التراث واستحضار لحكايات التاريخ الإماراتي

المنطقة الغربية (الإمارات) - روى السوق الشعبي المصاحب لمهرجان ليوا للرطب في دورته الـ12 لزواره حكايات التاريخ الإماراتي وعرضت أروقته صورا عن التراث المادي والمعنوي بثقافته وحرفه المتوارثة عن الآباء والأجداد.
وأضاف المزروعي أن السوق الشعبي جسد التراث المحلي الغني بالحرف اليدوية المرتبطة بالنخيل والتمور أمام السائحين المهتمين بحضور المهرجان والذين وجدوا أمامهم نموذجا للواحة التي تتزيّن بسعف النخيل الذي تمت حياكته بحرفية وكذلك كل ما يرتبط بحياة الأسرة البدوية من سدو وحياكة.
ولفت إلى أن السوق ضم عددا من المجالس التي تم توزيعها على الحرفيات ليعرضن إنتاجهم اليدوي أمام الزائرين، وقد أتيحت لهن الفرصة لتعليم المهارات اليدوية للجيل الجديد، حيث استقبلت هذه المبادرات العشرات لتعلم الصناعات المحلية التراثية التي تنقلها الوالدة للأبناء، ما يزيد من خبرة أصحاب الصناعات التقليدية والقائمين عليها أنفسهم من خلال التعرف إلى أذواق الجمهور والتواصل مع الزوار من المواطنين والمقيمين والسياح.
ويلاحظ الزائر لحظة دخوله السوق أن كل ما هو معروض ينتسب إلى الصناعات المستوحاة من التراث والبيئة القديمة إلى جانب سلال الرطب اليدوية والرسم على الشيل والحناء وغيرها من المشغولات اليدوية والمأكولات الإماراتية، وكل ذلك تم إدراجه ضمن استراتيجية لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية لحفظ التراث المعنوي لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات وتطويره.
كما يكتشف زائر السوق الشعبي الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في الاقتصاد البدوي الفلكلوري القديم وكيف أنها تعد محورا لتجميع ما تقدمه الواحة من خيرات. وكيف ترث المرأة عن أمها وجدتها العديد من الطرق المثلى لاستغلال هذه الخيرات وكيفية حفظها للاستفادة منها بعد موسم جني الرطب، كما يتبيّن مدى تلاحم الأسرة البدوية وانصهارها في نطاق القبيلة.
وتقول ليلى القبيسي، مديرة فعاليات خيمة الطفل في المهرجان، إن “أهمية هذه الفعاليات تكمن في أنها تقدم رسالة توعوية بضرورة الارتقاء بذائقة الطفل وغرس العمل الجماعي في نفسه وتسعى إلى ربطه بماضي الأجداد وتراثهم من خلال الحديث بلغتهم وتعريف هذا الجيل الناشئ بإنجازات أجداده وآبائه وما حققوه من أمور تعزيز الهوية الوطنية”. وأضافت أن “الورش التراثية الخاصة بالأطفال تعد لونا من ألوان الحياة الإماراتية القديمة، لذا وإيمانا من اللجنة المنظمة للمهرجان بهذه الحقيقة، فقد تمت إقامة ثلاث ورش فنية للأطفال ضمن فعاليات قرية الطفل التي شهدت إقبالا متميزا من قبل أطفال المنطقة الغربية وزوار المهرجان وأهاليهم الذين أتوا للاستمتاع بهذا العالم التثقيفي”.
الفعاليات الموجهة للطفل تسعى إلى ربطه بماضي الأجداد، من خلال الحديث بلغتهم وتعريف الجيل الناشئ بالتراث
وتهدف مثل هذه الورش إلى ربط الجيل الجديد من الأطفال بثقافة وتراث الإمارات وقدمت إحداها “فن طي الورق”، حيث تم تعليم الأطفال كيفية تدوير الأوراق وصناعة مجسمات لشجرة النخيل بواسطتها. كما ركزت ورشة أخرى على الرسم ونظمت مسابقات لبعض الرسومات المتعلقة بمهن قديمة وأشياء تراثية أخرى، وذلك من أجل الحفاظ على الخصوصية المحلية من خلال ترغيبهم في التعرف على الأدوات القديمة التي تشكل جزءا مهمّا من إرثهم الثقافي.
ولأن الحناء تعتبر من أقدم طقوس الزينة في مجتمع الخليج العربي، التي لطالما تمسكت بها الإماراتيات، فقد خصصت لها مساحات تجلس فيها الراغبات في نقش الحناء مع النسوة وهن يحضرن الأدوات ويقمن بمزج الحناء مباشرة أمامهن لتعريفهن بمراحل إعدادها.
وتوافدت زائرات المهرجان على محال نقش الحناء لترسم لهن الحرفيات المختصات لوحات فنية تتزين بها، وشهد السوق الشعبي في المهرجان حلقات تعليمية تقدمها النساء المسنات المحتفظات بهذا الموروث الشعبي لتعليم الفتيات هذه الحرفة بكل حذافيرها، بدءا بجلب أوراق الحناء المجففة ومرورا بالإمعان في دقها وترطيبها باللومي ومنقوع الشاي حتى يتماسك الخليط وصولا إلى نقشها.
وقالت أم محمد إنه بالرغم من انتشار الحناء الجاهزة في الأسواق، إلا أنها تفضل تحضيرها بنفسها، مشيرة إلى أن الإماراتيات خبيرات في مجال الحناء ويتقن النقوش والرسوم الخاصة بها. وفي حين ترى أم خالد أنها تبحث باستمرار عن اللافت منها والجديد لأن القصد من الحناء هو الشعور بالبهجة وإظهار الأناقة، متفاخرة بتعليم بناتها كيفية تحضير مادة الحناء بالطريقة التقليدية، وأنها علمت زائرات المهرجان هذه الطرق والأساليب.
وتشير أم خالد إلى أنه من المهم جدا أن تحضر هذه الحرفة في مختلف المهرجانات التراثية لأنها تقدم مفهوما خاصا عن المرأة الإماراتية التي مازالت تحرص على التمسك بتقاليدها حتى مع تبدل الأزمنة، وتنقل الرضا الذي لمسته من كل امرأة دخلت خيمة الحناء.