ترشيد الإنتاج شعار الدراما المصرية في رمضان

بخلاف السنوات القليلة الماضية لم تزد الأعمال الدرامية المصرية التي انتهى تجهيزها للعرض في رمضان المقبل، أو التي لا يزال يجري تصويرها، عن الثلاثين عملا، وهو عدد لا يكاد يقارن بما كان يحدث في الأعوام الأخيرة، والذي تجاوز ضعف هذا العدد في سنوات ماضية.
يرى بعض النقاد أن خارطة الموسم الرمضاني الجديد سوف تكون بمثابة مؤشر على شكل سوق الإنتاج الدرامي للأعوام المقبلة، سواء بخصوص ما يتعلق بعدد الأعمال التي من المتوقع أن تقل تدريجيا بعد إيجاد مواسم درامية في أوقات مختلفة من العام، أو في ما يخص بورصة أجور النجوم.
بعض منتجي الأعمال الرمضانية المصرية رأوا أن تراجع عدد المسلسلات المنتجة يعبر عن تدهور كبير ربما تصل عدواه إلى السينما التي بدأت تسترد أنفاسها مؤخرا، بينما يعتبره آخرون تصحيحا للمسار بعد سنوات من الارتباك كانت تأتي على حساب جودة المنتج وظروف عرضه.
ومع ذلك اتفق الطرفان على أن ما يحدث من انخفاض يمكن أن يؤدي إلى تراجع في الإنتاج، سواء بالتوقف الكامل والاكتفاء بمراقبة الأوضاع، أو المشاركة بعمل واحد حتى يحصل على فرصته في التسويق بالقنوات الفضائية.
انتعاش حذر
المنتج أحمد الجابري رأى أن تراجع الإنتاج يعود إلى سوء تعامل القنوات الفضائية، التي تريد السيطرة على السوق، حيث تحصل على الأعمال قبل أن تنتهي من سداد مديونياتها للمنتجين، ما يؤثر في الحصيلة النهائية على إنتاج الأعمال الدرامية المقدمة، كما حدث العام الحالي.
عودة المنتج الخليجي إلى سوق الدراما المصرية يراه البعض إنعاشا للسوق وإعلانا عن استقرار الأوضاع، بينما يحذر آخرون من سيطرة الإنتاج العربي بما يحمله من تراجع للمنتجين المصريين.
تراجع الإنتاج يعود إلى سوء تعامل القنوات الفضائية، التي تريد السيطرة على السوق، حيث تحصل على الأعمال قبل أن تنتهي من سداد مديونياتها للمنتجين
يعلق الجابري، قائلا “إن عودة المنتج الخليجي بادرة تفاؤل، وهناك طفرة حدثت من قبل عندما كانت تساهم أستوديوهات دبي، أو ‘دالة’ في الإنتاج”، مشيرا إلى أن أهم وأعظم الأعمال التلفزيونية قدمت بالتعاون بين الجانبين.
وقال “إن الاتفاقية التي عقدها التلفزيون المصري مع نظيره السعودي مؤخرا تبشر بالخير”، مستبعدا المخاوف من وهم سيطرة رأس المال الخليجي. وأضاف ساخرا “القناة الوحيدة التي تشتري نصف المسلسلات المصرية الموجودة بالسوق، هي محطة عربية معروفة”.
وأكد الجابري أن مثل هذه الاتفاقيات تدفع برأس مال كبير في سوق الإنتاج يمكن أن يثمر عودة التلفزيون المصري إلى صدارة المشهد، لأنه يمثل رمانة ميزان السوق، وهذا يعني عودته ومدينة الإنتاج الإعلامي للإنتاج مجددا.
والإنتاج المشترك يفتح الباب أيضا أمام تناول الكثير من المواضيع والقضايا العربية التي لا يتحمس لها المنتجون المصريون حاليا، ما يمنح الدراما المقدمة ثراء في الأفكار.
يذكر أن عددا كبيرا من النجوم الكبار يشاركون في أعمال درامية هذا الموسم، مثل عادل إمام ويحيى الفخراني ومحمود عبدالعزيز، ناهيك عن مواصلة الفنان الشاب محمد رمضان تألقه، واستمرار عمرو يوسف في السباق وغيرهما.
عرض وطلب
المنتج طارق الجنايني رأى أن حجم الدراما الهائل في المواسم الرمضانية الأخيرة كان يمثل أمرا غير منطقي، فكيف يمكن عرض أكثر من ستين عملا في شهر واحد؟ لافتا إلى أن الفضائيات في معرض تنافسها كانت تشتري ما يفوق طاقتها الاستيعابية.
وقال إن فكرة ترشيد عدد الأعمال المنتجة يعد تصحيحا لمسار خاطئ للسوق من داخله وليس انكماشا له، وهو أمر يحدث في أسواق كل السلع والخدمات، وفقا لمعادلة اقتصادية معروفة في العالم، بعكس ما يعتقد البعض.
وعبّر الجنايني عن اعتقاده بأن تقليل الإنتاج يمكن أن يرفع من جودة الأعمال الدرامية، لأن التركيز عملية مهمة، كما أن السرعة التي يتم بها تصوير بعض الأعمال، تؤثر على العمل في صورته النهائية، وما يصاحب ذلك من مشاكل فنية وترويجية.
فكرة ترشيد عدد الأعمال المنتجة يعد تصحيحا لمسار خاطئ للسوق من داخله وليس انكماشا له، وهو أمر يحدث في أسواق كل السلع والخدمات
وحول أسباب وتبعات دخول المنتج العربي إلى السوق المصري، قال “المسألة يحسمها العرض والطلب، ولا توجد أزمة في ذلك، بل على العكس، خاصة أن الإنتاج الخليجي يقدم مواضيع جادة ومشرفة للغاية في السنوات الأخيرة”.
ومع ذلك عاد الجنايني للتأكيد على حاجة السوق المصري إلى الكثير من الضبط حتى يمكن تصحيح المنظومة كاملة، مثل قضية أجور النجوم والتي ترتفع بشكل غير منطقي، ويرتفع معها أجور الفنيين، وهي ترخي بظلالها على المنظومة بكاملها.
المنتج محمد فوزي، أكد أن الإنتاج الدرامي هذا العام لم يقل عن سابقه، لكن وجود مواسم درامية متعددة طوال العام خفف من الضغط في عرض وتنفيذ الأعمال في شهر رمضان كما كان يحدث في الماضي.
وعما يتردد من شائعات حول هيمنة الخليج على السوق المصري، قال “تلك الأخبار لا تهدف إلاّ إلى الإثارة ليس أكثر، ومشاركة التلفزيون المصري مع أي تلفزيون أو شركة إنتاج عربية تمنحه المزيد من القوة وليس الضعف”.