.. وأزمة داخلية تعتصرهم في مصر

القاهرة- أشعل الظهور الإعلامي لمحمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان، نيران الخلافات داخلها، وعمق الفجوة بين قياداتها التاريخية والقيادات الشبابية، التي شنّت هجوما شديدا على القيادي الإخواني، واعتبروه أحد أسباب الفشل الذي منيت به الجماعة، وحاول بيع الوهم للشباب.
وقال مقربون من الجماعة إن تصريحات الأمين العام للإخوان لقناة الجزيرة أثبت أن القيادات القديمة بالجماعة لا تسمع لأحد ولا تخاطب إلا نفسها.
وكان محمود حسين، الموجود في تركيا، قال في أول ظهور إعلامي له منذ سقوط حكم الجماعة في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، إن الإخوان متمسكون بالرئيس المعزول “محمد مرسي وضرورة عودة الشرعية”.
وشدد أنه مازال الأمين العام للجماعة، ولم يتنح أو يستقيل، زاعما أن قيادات الجماعة الحالية منتخبة، ولن ترحل دون قرار من مجلس شورى الجماعة.
ورد عدد من شباب الجماعة على تصريحات محمود حسين بإعادة نشر تصريحات، تعود إلى شهر مايو الماضي، منسوبة لمحمد منتصر المتحدث باسم الجماعة، (قبل إقالته) قال فيها إن “محمود حسين لم يعد أمينا عاما للجماعة وأنها اختارت مواصلة المسار الثوري”.
وأوضح سامح عيد، القيادي الإخواني السابق، أن كلام حسين كشف حجم سوء التقدير لدى قيادات الجماعة، خصوصا من الجيل القديم، الذي يرفض تحديث أفكاره وخطابه. وأضاف لـ”العرب” أن محمود حسين ضرب، بتصريحاته، فكرة الحشد لمظاهرات “المطالبة بعودة الشرعية” 25 يناير المقبل في مقتل.
وشبه منير أديب، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، ظهور محمود حسين اﻷمين العام للإخوان على اﻹعلام ببيانات المؤسس اﻷول للتنظيم حسن البنا، حين قتل رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي، وقال “ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين”، ما أحدث شرخا كبيرا في بنية التنظيم المدنية وذراعه العسكرية، ممثلا في النظام الخاص الذي استمر فترة ليست بالقصيرة.
وأكد أديب لـ”العرب” أن ظهور أمين عام الجماعة الآن عمق الخلاف بين قطاعات عريضة من الشباب، تضم عددا من القيادات الوسطية بإصراره على الاحتفاظ بمنصبه التنظيمي والتماسه الحاجة لقرارات تنظيمية، منها اختيار إبراهيم منير المقيم في لندن ﻷكثر من 30 عاما نائبا للمرشد، وبين القيادات القديمة في التنظيم.
ولم يعد خافيا أن هناك أزمة متصاعدة في إدارة التنظيم الأكبر في مصر، والذي تأسس عام 1928. وهي الثالثة خلال عام بعد أزمتي مايو وأغسطس الماضيين. وقد عكست عمق الأزمة المبادرة التي أطلقها القيادي الإسلامي البارز بمصر إبراهيم الزعفراني، لحلّ أزمة جماعة الإخوان المسلمين بمصر، التي تتصاعد حول إدارة التنظيم وتعيين متحدث جديد له منذ يومين، مقترحا أسماء للتحكيم والتوسط منها الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ويوسف ندا، مفوض العلاقات الدولية السابق بالجماعة، وأكمل الدين إحسان أوغلو، أمين عام منظمة التعاون للدول الإسلامية السابق، وراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية.
ولا يتوقّع مراقبون أن تشهد الأزمة الثالثة حلاّ قريبا، على ضوء تداعياتها، حيث تصاعدت حرب التصريحات والبيانات. وتشهد جماعة الإخوان أزمة داخلية بين تيارين، أحدهما يتزعمه محمود عزت (محل إقامته غير معروف)، نائب المرشد العام للجماعة، القائم الحالي بمهامه إثر غياب مرشدها محمد بديع، المسجون بمصر على ذمة عدة قضايا، وآخر يتزعمه محمد كمال (يقيم داخل مصر) عضو مكتب الإرشاد، وأحمد عبدالرحمن (يقيم خارج مصر)، رئيس مكتب الإخوان المصريين بالخارج.
وقال مصطفى خضري، رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر) لـ”العرب” إن حوار محمود حسين، الذي عكس موقف إخوان الخارج، اشتمل على رسائل عدة، أبرزها لقواعد الجماعة في الداخل، ومفادها أن المكتب القديم مازال يمسك بدفة القرار. ورسالة للغرب، وبالتحديد بريطانيا، تدّعي أن الجماعة لن تنجر للعنف ومستعدة للاصطفاف معهم ضد الإرهاب.
وأضاف أن هناك رسالة أخرى لقيادات الجيش تشي بأن الجماعة لن تصطدم معه، حال إتمام مصالحة حقيقية، وأخيرا الرسالة الخفية بقبول الاصطفاف مع جميع التيارات، وتناسي ما حدث خلال الفترة الماضية.