وضع الجامعات الأردنية المتردي يهدد مجانية التعليم

في الوقت الذي تناقش فيه الدول المتقدمة إدراج البرامج ذات الأولوية في سوق العمل وتحرص الدول العربية على اللحاق بركب التعليم الدولي وإدخال أحدث التقنيات وطرق التعليم في جميع مراحل تعليمها، ما يزال الطلبة الأردنيون يدافعون عن حقهم في التعليم المجاني بعد رفع بعض الجامعات الحكومية لقيمة الرسوم ما يشكل عائقا كبيرا أمام الطلبة من الفئات ضعيفة الدخل في الحصول على فرص متساوية في الجامعات.
الثلاثاء 2015/12/08
سمع كل جبال عمان.. نريد التعليم بالمجان

عمان- نظمت الحملة الأردنية المستقلة من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا”، مسيرة بوسط العاصمة الأردنية عمّان، الجمعة الماضية، للمطالبة بمجانية التعليم في الجامعات المحلية، ورفض رفع رسوم التعليم التي شهدتها بعض الجامعات الحكومية مؤخرا.

ودعا المشاركون في المسيرة، من طلاب جامعات وممثلي أحزاب المعارضة، إلى الضغط على السلطات الحكومية للتوقف عن سياسات رفع أسعار التعليم والتراجع عن قرارات تسخير مرافق الجامعات للقطاع الخاص، كالمطاعم وخدمات الاتصالات.

وهتف العشرات من الطلبة بهتافات تؤكد حقهم في التعليم المجاني ورفضهم لقرارات رفع الرسوم، وجاء من بين الهتافات “سمّع كل جبال عمان.. نريد التعليم بالمجان، وارفع ارفع الرسوم.. صار الطالب محروم”. ورفعوا لافتات كتب عليها “الجامعات للفقراء أيضا”، “جامعات وليست شركات”.

وقال منسق الحملة فاخر دعاس، إن المسيرة تأتي احتجاجا على الانخفاض الملحوظ في نسبة المقبولين في إطار التنافس العادل في الجامعات الرسمية، وتخصيص معظم مقاعد التخصصات المرغوبة لطلبة البرنامجين الدولي والموازي برسوم باهظة.

وأضاف أن “بعض الجامعات شهدت مؤخرا بيع مرافقها وخدماتها، وهي ما تزال تتبع سياسية الدفع قبل التسجيل للفصل الدراسي، كما قررت الجامعة الأردنية (كبرى الجامعات الحكومية الأردنية) رفع رسوم جميع التخصصات للموازي والدراسات العليا، بنسب تجاوزت الـ200 بالمئة، في بعض التخصصات”.
دور التعليم العالي ليس فقط تلبية حاجيات سوق العمل في جميع القطاعات فحسب، بل إنه يلعب دورا هاما في التنمية البشرية والاقتصادية للدول

ويوجد في الأردن 9 جامعات حكومية و32 جامعة خاصة، بينما يبلغ مجموع الطلبة 250 ألف طالب، وفق الحملة الوطنية لحقوق الطلبة في الأردن “ذبحتونا”.

وأكد محمد القصراوي عضو لجنة “ذبحوتنا”، استمرار الحملة بفعالياتها التصعيدية إلى أن يتم وقف ما وصفها بـ“سياسة ونهج خصخصة الجامعات الرسمية”. وقال الطالب علاء حجة “إننا نريد أن تعود جامعاتنا مؤسسات وطنية وليست شركات، وأن يكون فيها حق التعليم المجاني للفقراء”.

ويعاني التعليم العالي في الأردن العديد من الصعوبات التي تؤثر أولا، على حظوظ الطالب في التعليم العالي مثل ارتفاع تكلفة الرسوم في أغلب الجامعات الرسمية إلى جانب تراجع مكانتها وعددها مقارنة بالجامعات الخاصة.

وثانيا تنعكس سلبا على فرص حصول الخريجين على عمل وتؤدي إلى ضعف أداء الجامعات الأردنية ودورها في الارتقاء بالمجتمع وبالبحث العلمي وهو ما يتطلب إعادة هيكلة التعليم العالي، بحسب مدير عام صندوق البحث العلمي الأردني عبدالله سرور الزعبي، الذي دعا إلى اتباع عملية إصلاح شامل للتعليم العالي تعيد إلى المتخرجين جودتهم وقدرتهم التنافسية.

وأكد الزعبي وجود فجوة بين مخرجات التعليم العالي الأردني واحتياجات القطاعات الإنتاجية والسوق العالمية، وعدم قدرة الجامعات على تلبية احتياجات السوق من القوى البشرية المدربة والمؤهلة بسبب التضخم في أعداد طلبتها وكادرها الإداري، وبالتالي عجزها عن إعادة هيكلة ذاتها بسبب المديونية وتكلفة الكوادر البشرية. وهو ما يجعل التشاركية “الحقيقية” بين القطاعين الخاص والعام ضرورة عاجلة في ظل ما يشهده التعليم العالي في العالم من تطور خاصة في مجال تنافسية مخرجاته.

ضرورة التركيز على تدريب قدرات أساتذة الجامعات من خلال ابتعاثهم إلى أفضل الجامعات العالمية

كما أن دور التعليم العالي ليس فقط تلبية حاجيات سوق العمل في جميع القطاعات فحسب، بل إنه يلعب دورا هاما في التنمية البشرية والاقتصادية للدول من خلال إنتاجيته في البحث العلمي وهو ما يتطلب حسب مدير عام صندوق البحث العلمي تضافر الجهود بين الجامعات الأردنية والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص للارتقاء بمستوى البحث العلمي والانتقال به إلى مستويات متقدمة لا سيما في ظل وجود مشروعات بحثية جامعية مواكبة لتطورات العصر مثل الموضوعات المتعلقة بالطاقة والمياه.

وعن واقع الجامعات الأردنية انتقد الزعبي التوسع الأفقي الذي يشهده التعليم العالي الأردني قائلا “رغم أننا قطعنا خطوات ملموسة في قطاع التعليم العالي، إلا أن هذا القطاع شهد أخيرا توسعا بشكل أفقي”، مشيرا إلى وجود نحو 30 جامعة و60 كلية في المملكة معظمها يطبق برامج دراسية متشابهة، وأن 4 جامعات خرجت عن مسارها التطبيقي، إذ كان الغرض من تأسيسها أن تكون تطبيقية، ما يتطلب العودة بهذه الجامعات إلى مسارها التطبيقي والعلمي الصحيح.

كما أكد على ضرورة التركيز على تدريب قدرات أساتذة الجامعات من خلال ابتعاثهم إلى أفضل الجامعات العالمية، ومن خلال (منحة ما بعد الدكتوراه)، واستحداث جوائز للتميز والتعاون بين الجامعات الأردنية والعالمية، واستقطاب أعضاء الهيئة التدريسية من ذوي الكفاءة والخبرة العالية وتحفيزهم على العمل ضمن كوادر الجامعات المحلية.

17