السعودية، عين على سعر النفط وعين على صراعات السياسة

السبت 2015/11/28
تحديد سعر البرميل يقبع رهن معادلة سياسية معقدة

لندن - تهيمن الصراعات السياسية التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط على صراعات من نوع آخر تدور بين مسؤولين اقتصاديين وتجار نفط في أروقة منظمة أوبك التي من المقرر أن تشهد اجتماعات حاسمة قد تؤثر على أسعار النفط المتدنية مع مطلع العام.

وفي ظل استماتة الدول غير الأعضاء في أوبك في مطالبة دول الخليج بخفض إنتاجها إلى حين عودة سعر البرميل لتخطي حاجز 45 دولارا والعودة إلى الارتفاع مرة أخرى، لا تبدو هذه الدول على عجلة من أمرها.

ويدور الصراع بشكل أساسي بين معسكرين، أحدهما يهيمن على منظمة أوبك بقيادة دول خليجية تتحكم في نصف إنتاج المنظمة، ومعسكر آخر بقيادة روسيا أكبر المنتجين من خارج أوبك.

وإذا كان ظاهرا إلى العيان الاختلاف الحاد حول من الذي سيتعين عليه المبادرة بخفض حصته في السوق العالمية المتخمة بالمعروض، يتفق المعسكران في ما بينهما على ضرورة أن يستقر سعر البرميل في كل الحالات عند حاجز أقل بقليل من سعر النفط الصخري الذي دخل غالبية منتجيه الأميركيين بالفعل في صراع من أجل البقاء.

ورغم ذلك لايزال تحديد سعر البرميل خلال اجتماعين سيعقدان في الثالث من ديسمبر في أوبك أحدهما رسمي ويضم الدول الأعضاء والآخر غير رسمي ويشمل الدول المنتجة من خارج المنظمة، يقبع رهن معادلة سياسية معقدة تشمل صراعات عسكرية وطائفية خصوصا في سوريا واليمن.

ديفيد باتر: دول الخليج تهتم الآن بحصتها السوقية وليس الأسعار

وفي مواجهة معارضة مسلحة تطالب منذ خمسة أعوام بالإطاحة به، تصعد روسيا تدريجيا من دعمها السياسي والميداني للرئيس السوري بشار الأسد، في حين تتخذ موقفا ملتبسا من الحوثيين المدعومين من حليفتها إيران في اليمن، والواقعين تحت قصف جوي عنيف ومعارك ضارية على الأرض تقودها السعودية ودول خليجية أخرى.

وإذا كانت روسيا وإيران ومعهما فنزويلا أكثر الدول التي تئن تحت ضغط انخفاض الأسعار، تتمهل دول الخليج كثيرا في دراسة موقف دقيق يقوم على رفع السعر بحرص والوصول به إلى معدل مرتفع نسبيا، لكن لا يمنح منتجي النفط الصخري قبلة الحياة.

ويعني هذا أنه سيتعين على دول الخليج وضع استراتيجية تسمح بتثبيت السعر عند حاجز أقل قليلا من سعر برميل النفط الصخري الذي تتخطى تكلفة إنتاجه في كثير من الأحيان أسعار خام برنت الحالية.

ويقول ديفيد باتر، الخبير الاقتصادي في المعهد الملكي البريطاني للدراسات (تشاثام هاوس) إن السعودية “تهتم الآن أكثر من أي وقت مضى بحصتها السوقية وليس السعر، ولا تبدو مهتمة بالخسائر المالية التي تتكبدها”.

وأكد لـ”العرب” إن دول الخليج “تستطيع تحمل هذه الخسائر لمدة قد تزيد عن ثلاثة أعوام، وهو وقت كاف لتحقيق نتائج سياساتها تجاه السوق”.

وإلى جانب الحفاظ على حصتها الحالية، تريد السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، التأكد من أن الجزء الأكبر من إنتاج النفط الصخري الأميركي قد خرج من المنافسة أولا قبل الإقدام على إقرار أي تغييرات في سياساتها قد تسمح بعودة مؤشر الأسعار إلى الصعود مرة أخرى.

لكن قبل ذلك تتطلع المملكة، التي تبدو أكثر المتشددين عند الحديث عن خفض الإنتاج، إلى روسيا في انتظار تقديم مقابل محدد أولا هو: تغيير موقفها من الأسد.

وقال باتر لـ”العرب” إنه لا يرى “أي نية حالية في السعودية لخفض حصتها ومن ثم رفع الأسعار. سيحدث ذلك فقط عندما يجلس السعوديون على الطاولة مع الروس وينجحون في التوصل إلى اتفاق ما”.

1