الأسر المغربية في صراع مع ثلاثية السكن والعمل والزواج

الرباط- أكد تقرير المندوبية السامية للتخطيط في المغرب على مؤشر ثقة الأسر في تحسن مستواها المعيشي خلال الفصل الثالث من 2014 استقر في حدود 73.1 نقطة مقابل 74 نقطة خلال الفصل السابق 2013، و75.4 نقطة خلال نفس الفصل من السنة السابقة، وأكد التقرير بالمقابل تحسن مستوى المعيشة والوضعية المالية وأثمان المواد الغذائية.
وأشار تقرير المندوبية، وهي مؤسسة رسمية تعنى بالتخطيط والإحصاء، إلى أن الأسر المغربية ترى أن المستوى العام للمعيشة قد تحسن مقارنة مع الفصل السابق أو مع نفس الفترة من العام 2013، مشيرا إلى أن رصيد هذا المؤشر تابع منحاه التصاعدي الذي بدأه منذ الفصل الأول من سنة 2013، مسجلا ارتفاعا بـ0.4 نقطة و بـ3.8 نقاط خلال هاتين الفترتين على التوالي.
هذا وأكد نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لـ”العرب”، أن مستوى المعيشة بدأ في التحسن وأن المغرب لم يعد يعاني من فقر مدقع، بحيث وصل النمو في المملكة إلى 4.4 كمعدل سنوي. موضحا أن هذا الأمر انعكس على الدخل الخام الإجمالي لدى الأسر الذي ازداد بنسبة 6.3 بالمئة سنويا، في حين ارتفع بالنسبة إلى الأفراد بـ5 بالمئة. وأضاف بركة أن الفروق الاجتماعية في المغرب انخفضت خاصة في المدن، بحيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 3.3 بالمئة سنويا.
وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن “الارتقاء الاجتماعي وتكافؤ الفرص يعتبران بشكل عام حجر الأساس لأي سياسة للتنمية البشرية”، مؤكدا أن النهوض والارتقاء الاجتماعي يبقيان رهين إصلاح منظومة التربية والتكوين وفتح فرص أكثر للشغل.
60 بالمئة من الأسر ترى أن مداخيلها تغطي مصاريفها
وشدد بركة في هذا الصدد على ضرورة إصلاح التعليم والصحة وإعادة بناء الاقتصاد، بالإضافة إلى تفعيل الدستور وتنزيل مقتضياته التي تهم قضايا المرأة والشباب والأسرة، وكلها أمور أساسية تساعد على تماسك المجتمع وتوطيد السلم الاجتماعي داخله.
من جهته، قال أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، إن “الظروف المعيشية في المغرب في تحسن مستمر، خاصة فيما يتعلق بالسكن، من تأثيث وانخفاض تكاليف السكن اللائق”، معتبرا أن هذا التحسن راجع بالأساس إلى الخطوات الهامة التي اتخذها المغرب للاهتمام بمتطلبات السكان من “التعليم وتوفير الماء والكهرباء والصرف الصحي الذي تطور بشكل شامل في المدن والقرى”.
وأكد الحليمي في ندوة نظمتها المندوبية السامية للتخطيط لتقديم النتائج الأولية لإحصاء العام الخامس للسكان والسكنى، على تراجع نسبة العزوبة لدى الشباب المغاربة الذين أصبحوا يميلون أكثر للزواج، فيما توقع ارتفاع نسبة الشيخوخة من 3 ملايين مسن حاليا إلى 6 ملايين مسن بحلول عام 2030، مؤكدا أن الانتقال الديموغرافي في المغرب جيد وماض نحو الأفضل.
وأضاف أن نسبة العزاب في صفوف المغاربة انخفضت خاصة لدى الشباب وأن النسبة انخفضت عند الرجال من 45.7 بالمئة سنة 2004 إلى 40.9 بالمئة سنة 2014، وفي صفوف النساء من 34 بالمئة إلى 28.9 بالمئة، موضحا أن الأمر “يشكل منعطفا للمنحى الذي سلكته هذه الظاهرة خلال العشريات السابقة”.
وأشار إلى أن الزواج لمن تجاوزوا لسن الـ55 أصبح أمرا غير مرغوب فيه كما أن معدل العزوبة عند هؤلاء تضاعف خلال العشر سنوات الماضية، أما الزواج دون السن القانوني فكشفت المعطيات أن قرابة 124 ألف مغربي متزوجون وهم لا يزالون دون سن الـ18 سنة، موضحة (المعطيات)، أن هذا النوع من الزيجات يهم الفتيات بنسبة 82.4 بالمئة، وسكان الوسط القروي 53.6 بالمئة.
وأشار المندوب السامي للتخطيط إلى أن مستوى الأمية في المغرب تراجع بانخفاض إجمالي قدره 18.7 بالمئة، إذ انتقل الأميون من 10.2 مليون سنة 2004 إلى حوالي 8.6 مليون سنة 2014، بمعدل 32 بالمئة مقابل 43 بالمئة قبل عشر سنوات.
أما بخصوص تصورات الأسر للتطور المستقبلي لمستوى المعيشة، أكدت المندوبية أن رصيدها يعرف استقرارا مقارنة مع الفصل السابق من هذه السنة، مضيفة أن تصورات الأسر للتطور المستقبلي لوضعيتهم المالية، عرفت تحسنا بـ1.2 نقطة مقارنة مع الفصل السابق.
وأبرز ذات المصدر أن قرابة 60 بالمئة من الأسر تعتبر أن مداخيلها تغطي مصاريفها، فيما تستنزف 34.2 بالمئة منها من مدخراتها أو تلجأ إلى الاستدانة. في حين أن 5.9 بالمئة فقط من الأسر صرّحت بتمكنها من ادخار جزء من مدخولها.
قرابة 124 ألف مغربي متزوجون وهم لا يزالون دون سن الـ18 سنة، وهذا النوع من الزيجات يهم الفتيات بنسبة 82.4 بالمئة
وفي نفس السياق كشف البحث الوطني لتتبع الأسر، أن المستوى المعيشي للأسر بالمغرب في تحسن مستمر، مضيفا أن نفقات الأسرة الواحدة في العشر سنوات الأخيرة انتقلت من 4111 درهما تقريبا في الشهر إلى 6166 درهما، أي بزيادة قدرها 50 بالمئة تقريبا.
وأوضح البحث الوطني للأسر الذي أعده المرصد الوطني للتنمية البشرية، أن الأسر تخصص من هذه الميزانية الشهرية 2125 درهما للتغذية و1552 درهما للسكن والطاقة و667 درهما للنظافة والرعاية الصحية و499 درهما للملابس و458 درهما للنقل والاتصالات و402 درهما للتعليم والثقافة والترفيه و135 درهما للأجهزة والباقي لنفقات أخرى متنوعة.
وأشار البحث الوطني إلى أنه رغم هذا التحسن الملحوظ في كيفية توزيع الأسر لنفقاتها، فإن التغذية تحتل المركز الأول في ميزانية الأسرة المغربية، في حين تأتي نفقات السكن والطاقة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، وتحتل نفقات النظافة والرعاية الصحية المرتبة الثالثة.
يشار إلى أن البرلمان المغربي يتدارس مشروع قرار سيتم بموجبه تقسيم مداخيل الفوسفاط والصيد البحري على الشعب المغربي، حيث سيصبح لكل مواطن دخلا شهريا وبالتالي سيتم من خلال هذا المشروع القضاء على الفقر في السنوات المقبلة.
ويعد المغرب من بين البلدان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي سجلت بها نسبة فقر أقل من 5 بالمئة. وفي هذا الاتجاه قال ميلود مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إن مؤهلات المغرب المتمثلة في الثروة السمكية والمعادن والثروة البشرية، يجب أن تنعكس على النمو الحقيقي، مطالبا بمجتمع عادل ومتضامن.
وأضاف المخاريق أنه لا يمكن أن يتحقق تحسن في المستوى المعيشي للمواطن المغربي، إذا لم تكن هناك نظرة عن مؤهلات البلد ومعرفة واقعه والتوزيع العادل للثروة.