أغلق الفيسبوك وافتح عينيك

الخميس 2015/06/25

وأنا أتصفّح صفحات فيسبوكية لأبرز وجوه قناة الجزيرة وقفتُ على مفارقة عجيبة غريبة: إسلاميون وسطيون على شاشة الجزيرة، دواعش وإرهابيون على صــفحات موقع فــيسبوك. نفس الوجوه بأقنعة متعددة.

هل هو انفصام في الشخصية، أم ازدواجية الخطاب، أم تقاسم الأدوار، أم تدعوش الكلّ في آخر التّحليل، أم مجمل الكلام أنّ لا وسطيّة في الإسلام السياسي؟

في قناة الجزيرة تراهم هادئين ناعمين يدعون بالحكمة والموعظة الحسنة، يدفعون بالتي هي أحسن، يقولون للنّاس قولاً في ظاهره الرّحمة، وسرعان ما تراهم على

صفحات الفيسبوك يشتمون ويلعنون وينفخون في رماد الفتنة الطائفية جهاراً نهاراً.

قال لي صاحبي، لعلها البراغماتية السياسية (براغماتية من)؟

قلت له: حتى البراغماتية هي تعبير عقلاني عن مصلحة واضحة لا غبار عليها، فأيّ براغماتية في تدمير البيت الداخلي وإيقاظ الفتن وإشعال الحروب الأهلية؟

أي براغماتية في شتم الناس ورميهم بالكفر والإلحاد والعمالة للغرب “الصليبي” إلخ؟

أين هي العقلانية البراغماتية من هذا الحقد المجاني والتهييج الغوغائي وإثارة النعرات الطائفية والعصبية بلا بوصلة في الأخير؟

أحد أعلامهم لا يكتفي بإعلان براءة المسلمين، كل المسلمين حتى الزّرقاوي وابن لادن والظواهري والبغدادي، من تهمة الإرهاب وإنما يلقي بالتهمة على الحضارة الغربية بأكملها، بقادتها ومفكريها وفلاسفتها وفنانيها وموسيقييها.

إحداهنّ لا تتوقف عن نشر صور بلا توثيق ولا تدقيق لتحملها تعاليق استغبائية تبكي على حال المسلمين المظلومين في كل مكان.. باكية تهيج البواكي.

هؤلاء “الإعلاميون الجدد” حاذقون في تعطيل العقل وتبليد المشاعر وصناعة رأي عام لا يفكر.

لكنها لعبة خطرة بكل المــقاييس. إذ سيقبل زمن ينقلب فيه السحر على الساحر، ويرتدّ الكيد إلى نحر صاحبه، فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.

من بين شعارات الطلبة الفرنسيين في مايو 1968، شعار يقول: اغلق التلفاز وافتح عينيك.

أمام هذا الحجم من التعتيم الذي ينشره جنود الجزيرة على الفيسبوك يودّ المرء لو يرفع شعار: اغلق الفيسبوك وافتح عينيك.

24