الملكة رانيا تستثمر حضورها في مكافحة الإرهاب

لندن – تمتلك العائلات المالكة والأمراء في الدول الملكية جاذبية من نوع خاص تمتزج في كثير من الأحيان بالتميّز على مستوى شعوب العالم، ولم يكن مستغربا للكثير من المتابعين للحياة العامة في الأردن، أن تكون سيدة الأردن الأولى الملكة رانيا العبدالله أكثر نساء العالم حضورا في المحافل الدولية.
دعت الملكة رانيا العبدالله خلال مشاركتها كضيفة شرف بمؤتمر “ورلد بوست” الذي عقد في لندن قبل أيام، إلى الاستثمار في المواهب الإبداعية بالعالم العربي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحضر فيها الملكة رانيا العبدالله فيصل ياسين ذات الجذور الفلسطينية فعاليات من هذا النوع، إذ أنها تشتهر بالتزامها بجدول الأعمال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وهي ضمن العشر الأوائل في القوائم العالمية لأفضل الشخصيات النسائية جلبا للانتباه.
وقد وجهت سيدة الأردن الأولى البالغة من العمر 44 عاما كلامها تحديدا إلى الغرب خلال إجابتها عن أسئلة طرحتها الإعلامية أريانا هفنغتون، حيث اعتبرت أن المساهمة بالخبرات والاستثمار في الشباب والمواهب الإبداعية في العالم العربي، قد يبعدهم عن النزوح إلى التطرف.
وأوضحت في مستهل تعليقها على ما يحصل في عدد من البلدان العربية من فوضى، أن الجميع سمعوا عن الربيع العربي، لكنهم لم يسمعوا أن هناك ربيعا من الرياديين في العالم العربي معظمهم جيل شاب متمكن من التكنولوجيا في الوقت الذي يتغير فيه المشهد التقني بشكل مذهل.
ودعت حرم الملك الأردني إلى ضرورة قيام “المعتدلين” باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل نشر قصص مغايرة عن التي تنتشر اليوم، “لنقول للعالم إن هناك ما هو أكثر في العالم العربي ممّا يريد المتطرفون إيهام الناس به”.
وقالت في هجوم نادر على داعش عقب إعدام التنظيم الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا قبل أسابيع “أود إسقاط الحرف الأول من التسمية الإنكليزية لتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (ISIS) لأنهم لا يمتون للإسلام بصلة ولا علاقة لهم بالدين، بل إنهم يمثلون كل ما يتعلق بالتعصب”.
وأكدت أنهم يريدون أن يربطوا أسماءهم بالإسلام لإعطائهم شرعية وهذا يساعدهم في تجنيد الشباب، كما أنهم يريدون إظهار الأمر كله على أنه حرب ضد الإسلام ويريدون رؤية “صراع الحضارات” الذي يتحدث البعض عنه.
كما أشارت الملكة إلى أن ما يريد المتطرفون تحقيقه هو تقسيم عالمنا من خلال الانقسامات الدينية والثقافية، وبالتالي تكوين صورة نمطية عن العرب والمسلمين لدى أعداد كبيرة من الغرب، ولكن في حقيقة الأمر أنه نزاع بين العالم المتحضر ومجموعة لاعقلانية تريد إعادتنا إلى العصور الوسطى.
حرم الملك الأردني تعتبر أن تنظيم داعش المتطرف لا يمت للإسلام بصلة، لذلك لا يجوز أن نسميه بالإنكليزية "ISIS"
وفي آخر حضور لها ضد الإرهاب، شاركت عقيلة الملك الأردني خلال فبراير الماضي في مظاهرة حاشدة تنديدا بمقتل الكساسبة على يد داعش، وقبل ذلك شاركت رفقة زعماء ومسؤولين عرب ومسلمين إلى جانب قادة أكثر من أربعين دولة في تظاهرة حاشدة بباريس تنديدا بأعمال العنف والإرهاب ودعما للجالية العربية المسلمة في فرنسا، عقب أحداث “شارلي إيبدو” الإرهابية.
وقد استشهدت الملكة بمقابلة الملك الأردني عبدالله الثاني مؤخرا وقالت، علينا محاربة المتطرفين على جميع المستويات، انطلاقا من المستوى العسكري، وأن هذه الحرب لا يمكن تحقيق النصر فيها بساحة المعركة فقط لأنه في صميم هذه الحرب توجد أيديولوجية ولا يمكن قتل هذه الأيديولوجية برصاصة، ولكن يمكن قتلها بفكرة أفضل.
وعرّجت في خضم ذلك على نقطة غاية في الأهمية حينما لفتت إلى أنه ربما تعصّب ووحشية المتطرفين تعود للعصور الوسطى، ولكن استخدامهم للإعلام الاجتماعي يجاري العصر. وقالت “هم يستخدمونه لبناء وبث سمة عالمية للعنف والرعب وخلال ذلك هم يشوّهون الإسلام ولا يمكننا أن نتركهم يختطفون هويتنا ويصوروننا بالصورة التي يريدونها”.
ويرى متابعون أن دعوة الملكة رانيا العبدالله إلى احتضان الشباب العربي قبل أن ينساق خلف التطرف وينغمس في الإرهاب، جاء نتيجة الدور البارز الذي تلعبه في الحياة السياسية والاجتماعية نظرا إلى قوة الكاريزما التي تتمتع بها.
وللإشارة فإن الملكة رانيا العبدالله ومنذ وصولها إلى سدة العرش استطاعت أن تحدث نقلة هامة في مجال حضور الملكة في الحياة العامة وأعادت بذلك إلى الذاكرة دور الملكة علياء طوقان، زوجة الملك الراحل حسين بن طلال الثالثة، التي قضت في العام 1997 بحادث تحطم مروحية كانت تستقلها في رحلة تفقدية إلى المناطق النائية.