كلاب السلوقي التونسية "سلالة نبيلة" مهددة بالتهجين

السلوقي التونسي يواجه خطر الاندثار بسبب التهجين والمجتمع المدني يطلق مبادرات لحمايته كتراث حيّ يعكس هوية البدو.
السبت 2025/06/28
سلالة نقية مقارنة بغيره

رأس إنجلة (تونس) - تقول ألفة عبيد البيطرية "السلوقي جزء من ذاكرتنا ومن تاريخنا.. تجب حمايته بعد أن أصبح مهدّدا، لأنه موروث ثقافي من حياتنا القديمة وأصولنا." وتقول منظمة "المركزية للأنياب" التونسية إنه بات "من الضروري" وضع خطة عمل لحماية هذا النوع.

ولا تختلف سلالة السلوقي التونسية المحلية كثيرا عن نظيراتها في منطقة المغرب العربي أو في دول الخليج وحتى الدول الأوروبية. وتمتاز ببنية جسدية نحيفة ورقيقة وسرعة في الجري، فضلا عن رقبة طويلة ورأس رفيع معتدل الحجم مع أنف مدبب قليلا وظهر مقوس، وظهرت على رسوم فسيفساء تاريخية موثّقة في متاحف، في مشاهد صيد منذ آلاف السنين.

وكانت للسلوقي حظوة بين مالكيه لا تنازعه عليها الحيوانات الأخرى، إذ كان أكثرهم دلالا، ويُسمح له بدخول الخيمة والأكل مع صاحبه، بالرغم من أن الكلاب كانت تُنعت في تلك الفترات "بالنجسة"، وفق ما تروي عبيد.

وتقول ألفة عبيد، مربية كلاب السلوقي "سلالته نقية مقارنة بغيره من الكلاب". لكنها قلقة اليوم من "عملية التهجين التي أصبحت تضرّ بالسلوقي،" مشيرة إلى "إدخال سلالات هجينة يتم جلبها من خارج البلاد لاسيما من إسبانيا والجزائر" بهدف تقوية السلالات الأخرى للمشاركة في سباقات السرعة. وتضيف "إذا لم يتم العمل على المحافظة عليها، للأسف ستندثر في تونس."

◙ السلالات الهجينة كثرت وأثّرت سلبا على السلوقي التونسي ما حفّز منظمات مدنية في تحديد معايير السلالات الأصلية

وتلازمها كلباتها الثلاث كل الوقت في المطبخ وفي الحديقة وفي السيارة، وهي ركن أساسي في قصصها التفاعلية التي تنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وتحظى بآلاف المتابعات والتفاعلات. لكنها قلقة اليوم من “عملية التهجين التي أصبحت تضرّ بالسلوقي،” مشيرة إلى “إدخال سلالات هجينة يتم جلبها من خارج البلاد لاسيما من إسبانيا والجزائر” بهدف تقوية السلالات الأخرى للمشاركة في سباقات السرعة.

وتقول “إذا لم يتم العمل على المحافظة عليها، للأسف ستندثر في تونس”. وتقدّر “الجمعية المركزية للأنياب” أن أعداد هذه الفصيلة من الكلاب تقلّصت ولم يعد يتجاوز عددها المئتين في تونس، لاسيما بعد تراجع حياة البدو في الصحراء أمام تزايد التحضر العمراني. وفي مدينة دوز في جنوب البلاد، ورث نبيل المرزوقي تربية سلالة السلوقي عن أسلافه. ويقول لفرانس برس “تربية هذا الكلب توارثناها عن الأجداد”.

وتخصّص مدينته في “المهرجان الدولي للصحراء” لوحات فنية استعراضية يقوم بها مربو السلوقي من خلال إشراك كلابهم في عملية صيد طرائد تحت عدسات السيّاح ووسائل الإعلام. ويرى المرزوقي بدوره أن “السلالات الهجينة كثرت وأثّرت سلبا على السلوقي التونسي،” ما حفّز منظمات مدنية متخصصة في تحديد معايير السلالات الأصلية، على الشروع في برنامج لحمايته.

ويقول رئيس جمعية “المركزية للأنياب” نورالدين بن شهيدة البطري لفرانس برس إن المنظمة تعمل منذ سنتين على مشروع “تثبيت سلالة كلاب السلوقي التونسية وفقا للمعايير الدولية،” من خلال “الاحترام الصارم” للوائح “الاتحاد الدولي للكلاب” والقيام بعمل ميداني لتحديد واختيار وتسجيل الكلاب النموذجية لهذه السلالة.

وانطلق العمل بوضع معايير للخصائص المورفولوجية والسلوكية للسلالة. وسيتم تسجيل وتوثيق الكلاب التي تحمل هذه الخصائص النموذجية ويُتّبع نسلها بعد إخضاعها لبرنامج تكاثر محدّد على الأقل بثلاثة أجيال، لإثبات استقرار الفصيلة، والصحة الجيدة للنسل، وتفرد السلالة.

وتكلف المنظمة للقيام بهذا العمل طويل المدى خبراء في سلالات الكلاب وبيطريين ومراقبين دوليين، ما سيمكّن المركز من تقديم طلب رسمي لاحقا لدى “الاتحاد الدولي للكلاب” لإكثار “سلالة محلية تونسية”. وسيمكّن هذا العمل من حماية وتعزيز جزء من “التراث التونسي الحي،” من خلال منح هذه السلالة المحلية “مكانة شرعية دوليا”، بحسب بن شهيدة.

ويثني المهندس الزراعي حاتم بسرور (30 عاما)، بينما يحتضن كلبته “كاكاوات”، على الخطوات الأولى لعمل المنظمة، منددا بما يعتبره “تدميرا للثراث الجيني”. ويدعو لتوعية المربين وتشجيعهم على الإقبال على تسجيل كلابهم لدى المنظمة، لأن السلوقي “هو تراث. كما نهتم بالآثار والمواقع الأثرية يجب أن نهتم به”.

 

18