من كندا إلى تونس… وجبة "اللبلابي" تقلب المقاييس

المطبخ التونسي توليفة مبهرة بين ثقافات عديدة بربرية، قرطاجية بونيقية، عربية، يهودية، تركية، إيطالية، وغيرها.
الجمعة 2025/06/27
مطبخ يسيل اللعاب

علي خيري، يوتيوبر كندي لبناني، يستقر في تونس ويُروّج للمطبخ التونسي عبر محتوى مصوّر عن أكلات الشوارع الشعبية ويشيد بتنوع النكهات ويبرز "اللبلابي" كطبق شعبي مثير يمكن تحويله إلى رمز سياحي عالمي.

تونس – يستمتع علي خيري وهو يوتيوبر وصانع محتوى كندي لبناني متخصص في الأطعمة وأكلات الشوراع، بمذاق سندوتيش النقانق المحشو بالسلطة التونسية وبهارات أخرى محلية في ساحة باب الخضراء الشعبية بقلب العاصمة تونس.

يقف علي أمام إحدى العربات المنتشرة على نطاق واسع في الأزقة وبعض الأماكن المنزوية تحت الجسور في العاصمة، لتناول البيض المسلوق.

ويقول صانع المحتوى الذي يعرف بكنية “علي بطة”، بإعجاب “إنها خلطة استثنائية،” فيما يردد بائع البيض المسلوق “إنها أوميغا 3 أنا لا أقول أي كلام.”

كان بطة قد بدأ قبل ذلك جولته المصورة على صفحته بـ”فيبسوك” وباقي منصات السوشيال ميديا، عن الطعام في ساحة باب الخضراء بتناول “السحلب” إحدى أشهر الحلويات في تونس، وهي كريمة الدرع المعززة بأنواع من الفواكه الجافة.

لكن شهيته للأكل لم تتوقف عند هذا الحد. توجه بطة بعد ذلك إلى عربة أخرى تقدم خلطات مركزة من العصائر مصاحبة بأنواع من المكسرات مثل البندق واللوز والفستق والكاجو قبل أن يختم جولته بتناول حلويات “تارت” تعلوها قطعات من الفواكه الاستوائية.

ويقول صانع المحتوى “الجو رائع في باب الخضراء إنها تجربة فريدة ومميزة. أنصح الجميع بالقدوم إلى هنا”. اعتاد علي المقيم في كندا زيارة تونس بشكل متواتر على مدار العام ثم قرر الاستقرار نهائيا مع عائلته في هذا البلد المتوسطي وإدارة أعماله في كندا عن بعد.

pp

ويعترف اليوتيوبر اللبناني، أن أحد أبرز ميزات تونس الجاذبة ليست الأماكن السياحية والشواطئ الذهبية فقط بل أيضا المطبخ المتنوع والثري. ومنذ إقامته في هذا البلد أنتج علي قرابة 500 فيديو تسويقي متجولا بين المطاعم وأكلات الشوارع.

وتمثل الساحة الشعبية “باب الخضراء” المعروفة بالقوس الكبير الذي يعلو الباب الرئيسي للحي القديم، أبرز معاقل أكلات الشوارع الرخيصة التي جذبت انتباه علي، وهي تبعد أقل من كيلومتر واحد من الشارع الرئيسي “الحبيب بورقيبة” بقلب العاصمة.

وتختص هذه الساحة، بتقديم سندويتشات خفيفة يطلق عليها “الملاوي” وهي عجينة ورقية من السميد يوضع بوسطها حشو من البيض والسلطة والهريسة والجبن والتونة.

وتجد الطبقة الضعيفة في هذه الساحة ملاذا لشرب أكواب عصير الفواكه الموسمية بأسعار مناسبة عكس أغلب المحلات في الشوارع الرئيسية المجاورة.

بالنسبة إلى علي فإن ولعه يتجاوز دور الجوال الباحث عن صحنه المفضل “اللبلابي” أو اكتشاف الأطباق الشعبية، إلى مروج حقيقي للمطبخ التونسي.

يقول علي “أن المطبخ التونسي لم يحظ بما يستحق للتعريف به عالميا.” وفي حديثه خلال عرض مخصص لـ”دبلوماسية المطبخ” كأحد التعبيرات الثقافية العابرة للحدود على منصة “تيد إكس باشا استريت”، يوضح علي “سمعت بشيء اسمه طريق الحرير الذي ينقل عبره التجار البهارات التي تخرج من الهند ثم تنتشر في باقي العالم عبر القوافل ثم الرحلات البحرية. خلال هذه المراحل تنتقل أيضا الثقافات والفنون والموسيقى مع الغذاء. هذا بالنسبة إليّ هو أول مظاهر دبلوماسية المطبخ.”

ويتابع علي “إذا قلنا مثلا باقات أو السوتشي أو الشاورما أو كرواسون، فإنه يخطر ببالنا دول مثل فرنسا واليابان والولايات المتحدة والمكسيك. إن التسويق للأكلات الشعبية يكسب البلد شهرة سياحية ويدفع الناس إلى زيارة معالم هذا البلد.”

والمطبخ التونسي توليفة مبهرة بين ثقافات عديدة بربرية، قرطاجية بونيقية، عربية، يهودية، تركية، إيطالية، وغيرها.

ويعتمد المطبخ التونسي أساسا على الهريسة والتوابل وزيت الزيتون والفلفل الأحمر الحار والقديد وطحين القمح ولحم الضأن والثوم والأسماك والعديد من الخضروات والتوابل الأخرى. كما يعد الخبز عنصرا أساسيا في المطبخ التونسي، إذ أنه يكون مصاحبا لجميع الأطباق تقريبا وعادة ما يتم استعماله بالغمس لتناول المرق.

بخلاف ذلك تشتهر تونس كباقي دول شمال أفريقيا بطبق الكسكسي الذي يعد الطبق التقليدي في البلاد، لكن “السلطة المشوية” تحظى أيضا بتقدير عالمي وتعد من بين أشهر السلطات في العالم، وتعتمد بشكل أساسي على الفلفل مع كميات أقل من الطماطم والثوم وزيت الزيتون مع إضافات اختيارية للتونة.

وقد حازت هذه السلطة على المرتبة الثانية عالميا في تصنيف الموقع المتخصص في وصفات المطابخ العالمية “تاستي أطلس.”

po

لكن المدهش وفق صانع المحتوى علي بطة، أن جذور الطبق الإيطالي الشهير “السباقيتي” تعود إلى تونس، وهي دراسات حظيت باهتمام واسع لدى وسائل الإعلام في تونس وبحث علي فيها أيضا .

ويعلق على ذلك قائلا “لم يستطع حنبعل احتلال روما لكن التونسيين نجحوا في ذلك بعد عدة قرون.” ويعود الفضل في ذلك في تقديره إلى طبق المعكرونة.

ويوضح صانع المحتوى هذا الاكتشاف “لا نستغرب إذا قلنا إن الباستا (المعكرونة) انتقلت من تونس إلى صقلية ثم إيطاليا وليس العكس. الدليل على ذلك تاريخيا أن القمح لم يكن موجودا بأوروبا قبل أن ينقل الأغالبة الذين حكموا تونس هذه البذور إلى جزيرة صقلية ومنها إلى إيطاليا.”

مع ذلك يفضل علي الذي التقى ممثلين عن القطاع السياحي في الحكومة التونسية، الاشتغال أكثر على طبق “اللبلابي” الشعبي والرخيص وجعله “ترند” على منصات التواصل الاجتماعي لجذب السياح.

تكمن جاذبية هذا الطبق في بساطة تكوينه حيث يتكون من الحمص والكمون وقطع صغيرة من الخبز تغمس وسط المرق، ويمكن أن تضاف إليها مكونات أخرى مثل البيض وزيت الزيتون والهريسة والكبار المملح والتونة. ويعتبر هذا الطبق بالأساس أكلة شتوية حيث يعدها التونسيون أكلة مقاومة للبرد.

18