فرقة معان للفلكلور تحلّق بالتراث الأردني في سويسرا

في إطار تمثيل الأردن على الساحة الثقافية الدولية، تشارك فرقة معان للفلكلور الشعبي في مهرجان “إنديلي” للعصور الوسطى بسويسرا، لتقدّم لوحة فنية تعبّر عن غنى الفن التراثي الأردني الأصيل.
معان (الأردن) ـ تُشارك فرقة معان للفلكلور الشعبي في فعاليات مهرجان “إنديلي” الكبير للعصور الوسطى، الذي تستضيفه سويسرا خلال الفترة من 31 مايو الحالي وحتى 12 يونيو المقبل، وذلك بعد اختيارها لتمثيل الأردن في هذا الحدث الثقافي الدولي.
وأكد رئيس الفرقة، محمود أبوحيدر، أن اختيار الفرقة جاء تقديرًا لمسيرتها الفنية الطويلة، ودورها البارز في الحفاظ على التراث الأردني الأصيل، وترسيخ القيم الوطنية من خلال تقديم الفلكلور الشعبي بصورته النقية. وأشار إلى أن هذه المشاركة تندرج ضمن جهود الفرقة في نشر التراث الأردني عمومًا، والمعاني خصوصًا، على المستوى الدولي، بأسلوب جاذب ومؤثر.
وأوضح أن الفرقة تطمح إلى تقديم مشاركة نوعية تُبرز غنى وتنوّع الموروث الفني والشعبي الأردني، وتُسهم في تعزيز صورة الأردن الثقافية والحضارية، فضلًا عن استقطاب الباحثين والمهتمين بالتراث الإنساني من مختلف دول العالم.
وأشار إلى أن جميع أعضاء الفرقة هم من أبناء محافظة معان، وقد تلقّوا تدريبات متخصصة مكّنتهم من تقديم لوحات فنية تعكس هوية المجتمع المحلي وتاريخه العريق، بما يُسهم في الترويج للأردن كوجهة حضارية ذات جذور تاريخية ممتدة.
وتُعد فرقة معان للفلكلور الشعبي، التابعة لوزارة الثقافة، من أعرق الفرق الفنية في المملكة، إذ تعمل على إحياء وتقديم التراث الأردني ضمن رؤية فنية تعتمد على المزج بين الأداء التعبيري الجماعي، والإحساس بالمكان والإنسان، من خلال لوحات فنية متنوعة تشمل: السامر البدوي، السحجة المعانية، الدبكة التسعاوية، الجوفيات، وحنّة العريس.
وفي مشهد ثقافي يعكس روح الانتماء والاعتزاز بالموروث الوطني، تواصل فرقة معان للفلكلور الشعبي أداء رسالتها في تعليم وتوريث الفنون الشعبية لأبناء الجيل الجديد، إيمانًا منها بأن حماية التراث ليست مجرد مهمة فنية، بل هي واجب وطني وإنساني.
ويكمن تميّز الفرقة في التزامها العميق بتعليم الشباب ليس فقط الحركات والرقصات التقليدية، بل “روح الفلكلور“ بما تحمله من قيم إنسانية ووطنية متجذّرة. هذا التوجه يعزّز قدرة أعضاء الفرقة على التواصل مع الجمهور الشاب، ويجعل من الفنون الشعبية جزءًا من حياتهم اليومية وهويتهم الثقافية.
وفي هذا السياق، قال أبوحيدر، “الجيل الجديد أثبت أنه على قدر المسؤولية في الحفاظ على التراث الشعبي. يمتلكون حماسًا كبيرًا وطاقة لا حدود لها، وهذا ما نحتاجه لضمان استمرارية الفلكلور بين الأجيال. رغم التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم، يدرك هؤلاء الشباب أهمية التراث وقيمته. ما يميزهم هو قدرتهم على المزج بين الأصالة والحداثة؛ فهم يحترمون ما تعلّموه من أجدادهم، ويضيفون لمساتهم الخاصة التي تجعل الفلكلور أكثر حيوية وقربًا من الشباب المعاصر. بالنسبة لي، أراهم أمل المستقبل وضمانة لاستمرار هذا الإرث الثقافي.”
ولم تكن هذه الرسالة غائبة عن أعضاء الفرقة أنفسهم، إذ يؤكّد الشاب أحمد ياسين علوش لموقع عمان.نت، أن انضمامه للفرقة شكّل نقطة تحوّل في حياته، “منذ الطفولة وأنا أشاهد عروض الفلكلور بشغف، وعندما سنحت لي فرصة الانضمام، لم أتردد لحظة. هذه الفرقة تمثل مدرسة حقيقية نتعلّم فيها قيم الأجداد، وكل تدريب يعزّز في داخلي إحساسًا عميقًا بالهوية والانتماء.”
بدوره، أوضح عبدالرحمن وليد الشراري أن الانخراط في الفرقة لا يقتصر على تقديم العروض، بل هو تجربة تعليمية وثقافية متكاملة، “نحن لا نتعلّم فقط الحركات والأغاني، بل نعيش رسالة الحفاظ على التراث وننقلها للآخرين. أشجّع كل شاب لديه شغف بتراثه وهويته على الانضمام إلى الفرقة، فهي تجربة تزرع في القلب الفخر والمسؤولية.”
أما الشاب أحمد عبدالله أبو كركي، فرغم أنه لم ينضم بعد إلى الفرقة، فإنه يعبّر عن احترامه الكبير لدورها، “أتابع عروضهم بشغف، وأشعر بالفخر عندما أراهم يقدّمون الفلكلور بهذا الشكل الراقي. ربما لم أنضم بعد بسبب انشغالاتي، أو لأنني أعتقد أن المشاركة تتطلب مهارات خاصة قد لا أمتلكها حاليًا، لكنّي أقدّر جهودهم في إحياء تراثنا وتقديمه للأجيال الجديدة.”
وتُجسد فرقة معان للفلكلور الشعبي نموذجًا حيًّا للتواصل بين الأجيال من خلال الفن المحلي، فهي ليست مجرد فرقة تؤدي رقصات تقليدية، بل مدرسة نابضة بالحياة تنقل القيم والتقاليد في قالب فني عصري، يؤمن أعضاؤها أن كل خطوة دبكة، وكل إيقاع طبلة، هو رسالة حب للأرض، وتعبير عن هوية لا تموت.