الإمارات تشارك المغرب الاحتفاء بثقافة الرحل في موسم طانطان

تشارك دولة الإمارات في فعاليات الدورة الثامنة عشرة من موسم طانطان الثقافي بالمغرب، وتأتي هذه المشاركة تعزيزا للتقارب الثقافي بين البلدين، من خلال عروض تراثية وأنشطة فنية تجسد روح البداوة وتنوعها.
طانطان (المغرب) ـ تشارك دولة الإمارات في الدورة الثامنة عشرة من موسم طانطان الثقافي، الذي تنطلق فعالياته اليوم الأربعاء في المغرب تحت شعار “موسم طانطان.. شاهد حي على عالمية ثقافة الرحّل”، ويستمر حتى الثامن عشر من مايو الجاري.
ويُعد موسم طانطان، الذي أدرجته منظمة اليونسكو في عام 2008 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، منصة ملهمة للحوار الثقافي بين مختلف المجتمعات، وفرصة للتعبير عن المظاهر التراثية والقواسم الحضارية المشتركة المتجسدة في الثقافة الشعبية الصحراوية.
يتضمن برنامج هذه الدورة فقرات متنوعة وغنية تجسّد التجربة البدوية، من خلال عروض تقليدية جذّابة، ومعارض للحرف اليدوية الأصيلة، وعروض التبوريدة، وسباقات الإبل، إلى جانب معارض تراثية طيلة أيام الموسم، تبرز التراث الحي الذي تزخر به المنطقة.
وتحتضن فعاليات الموسم ندوة علمية بعنوان “الشعر الحساني الثقافي: شعر التبراع من الممارسة إلى التوثيق”، وذلك يوم الأحد الثامن عشر من مايو 2025، على الساعة السادسة مساءً، في المركز الثقافي بمدينة طانطان.
وستشرف على تسيير الندوة الباحثة في الثقافة الحسانية العزة بيروك، بمشاركة عدد من الشاعرات والشعراء والباحثين في الأدب الحساني، حيث سيقاربون شعر “التَّبْرَاعْ” في الصحراء، من خلال التعريف به وإبراز خصائصه التعبيرية والجمالية والرمزية، مع تقديم توصيات للحفاظ على هذا اللون الشعري النسائي وصونه من الضياع والاندثار.
ويُعد شعر “التَّبْرَاعْ” نوعا من الشعر الشفهي الشعبي، تبدعه النساء في الصحراء في سياقات يغلب عليها طابع السرية والكتمان، نظرا للحياء والوقار المرتبطين بالطقوس والتقاليد البدوية المحلية.
ويمتاز هذا اللون الشعري ببساطته اللغوية واعتماده قافية موحّدة في شطريه، كما ينقسم إلى نمط قديم يتسم بالإلغاز والاحتشام، وآخر حديث أكثر وضوحا يتضمّن تعابير معاصرة تعكس التحولات الاجتماعية.
وفي إطار المشاركة الإماراتية، تستعرض هيئة أبوظبي للتراث، عبر جناح الدولة، مجموعة من عناصر التراث الإماراتي غير المادي، وتنظّم مسابقات تراثية مثل “سباق الهجن”، و”مزاينة الإبل”، و”مسابقة المحالب”، بالتعاون مع اتحاد الإمارات لسباقات الهجن، كما ترعى جناح الدولة “مسابقة التبوريدة”، وهي من التقاليد التراثية المغربية الأصيلة.
ويضم جناح الإمارات معرضا للصور يوثّق العلاقات التاريخية المتينة التي تربط الإمارات بالمغرب، إلى جانب عروض للمصنوعات اليدوية بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، ومعروضات من البيئة البحرية، والأكلات الشعبية، والقهوة العربية، والملابس التقليدية، والمجوهرات الشعبية الإماراتية.

كما تنظم الهيئة أمسية شعرية بمشاركة شعراء من الإمارات والمغرب، فضلا عن مساهمتها في الحفلات الغنائية وغيرها من الفعاليات الثقافية والفنية التي يحتضنها موسم طانطان.
ويمثّل موسم طانطان مناسبة ثقافية عالمية تجمع بين الماضي والحاضر، وتُسهم في إبراز التراث الصحراوي المغربي والعالمي.
وفي الموسم الماضي، أبرز جناح الإمارات القواسم المشتركة بين الألعاب الشعبية الإماراتية والمغربية من حيث طريقة ممارستها وتفاعل الأطفال معها، وتعرّف أطفال المغرب إلى نظيراتها الإماراتية، التي تتشابه إلى حد كبير، مع اختلاف طفيف في الأسماء، وقد استقطبت هذه الفعالية اهتمام الزوار من مختلف فئات المجتمع، وحققت نجاحا لافتا.
وقال سعيد الزعابي، مشرف الفنون والألعاب الشعبية في جناح الإمارات، “ما زالت الألعاب الشعبية في دولة الإمارات تشكّل جزءا راسخا من ذاكرة أبناء المجتمع، وتعبّر عن روح الشعب وهويته الوطنية الأصيلة”، مشيرا إلى الإقبال الكبير من أطفال المغرب وأبناء القبائل الصحراوية على هذه الفعاليات، مؤكدا أنهم أصبحوا على دراية بأصولها، نظرا لمشاركتهم فيها منذ عام 2014.
وتابع الزعابي “من أبرز الألعاب (الكرابي)، وهي لعبة جماعية يتكوّن فيها كل فريق من مجموعة من الأطفال يقفون على خط مستقيم مواز لخط الفريق الآخر، وتبدأ بأن يقفز أحد الأطفال من فريقه على رجل واحدة، ممسكا بالرجل الأخرى، محاولا الوصول إلى الخط المقابل، بينما يحاول الفريق الخصم منعه من الوصول.”
ويُذكر أن أول مشاركة للإمارات في موسم طانطان كانت سنة 2014، كضيف شرف في الدورة العاشرة، ومنذ ذلك الحين، واظبت الدولة على المشاركة في هذا الحدث الثقافي، تحت شعارات مختلفة تمحورت حول التراث والتنمية والتنوع الثقافي، مما يعكس عمق العلاقات الثقافية بين الإمارات والمغرب، خصوصا في ما يتعلّق بثقافة الرحّل وتربية الإبل.