متحف البصرة الحضاري.. بوابة إلى تاريخ العراق العريق

يُعد متحف البصرة الحضاري أحد أبرز المعالم الثقافية في جنوب العراق، ويضم في قاعاته إرثاً تاريخياً يمتد لآلاف السنين. من خلال معروضاته الفريدة، يوثق المتحف حضارات ما قبل الإسلام وحتى العصور الإسلامية، ويشكل جسراً حياً بين الماضي والحاضر.
العراق (البصرة) - زار وفد إعلامي إيطالي متحف البصرة الحضاري الثلاثاء لتسليط الضوء على الإرث الثقافي العراقي، وقد استقبل أمين المتحف علي طاهر الموسوي الوفد مُمَثَّلَاً بالصحفيتين الإيطاليتين روسيلا فابياني وكريستيانا ميسوري.
وأشار بيان للهيئة العامة للآثار إلى أن أمين متحف البصرة الحضاري قدم خلال اللقاء شرحاً مفصلاً عن مقتنيات المتحف في قاعاته الأربع ممثلة بالحضارات السومرية والبابلية والآشورية والبصرية، والتي تضم الآلاف من الموجودات الأثرية وتعبر عن حضارات العراق وفتراتها التاريخية.
بدورهما عبرتا الصحفيتان عن سعادتهما بهذه الزيارة عند إطلاعهما على تلك الحضارات وأبديتا إعجابهما بالإرث التاريخي المهم، فضلاً عن انبهارهما بالتنوع الحضاري الذي لمستاه، مشيرتين إلى أنهما ستنقلان هذه الزيارة إلى الشعب الإيطالي عبر تقارير موسعة تُبرز العراق كوجهة سياحية غنية تاريخياً وثقافياً، ومؤكدتين “على تواجد الأمن والأمان في كل محافظاته من الجنوب إلى الشمال.”
ويحتل متحف البصرة الحضاري والمعروف سابقاً بـ”المتحف الوطني” موقعاً متميزاً في المدينة مقابل شط العرب (كورنيش البصرة)، حيث تعرض، بسبب الظروف التي مرت بالمحافظة خلال السنوات السابقة، للدمار والسلب والتخريب، ما أدى إلى تدمير معالمه.
وبفضل جهود الجهات المعنية في المتحف ووزارة الثقافة ومنظمات المجتمع المدني أعيد تأهيل هذا الصرح الثقافي ليصبح “متحف البصرة الحضاري” ويحتضن في قاعات متخصصة ثقافة وتاريخ العراق وآثاره على مر العصور.
وقال الموظف الإداري في المتحف حيدر جودة لوكالة الأنباء العراقية ( واع) إن “الظروف الأمنية الصعبة التي مرت على المحافظة تسببت في دمار وتلف وضياع أغلب القطع الأثرية في المتحف،” متابعا أن هناك جهودا متواصلة بذلها مدير مفتشية آثار البصرة قحطان العبيدي في إنشاء متحف البصرة الحضاري وبمساعدة أصدقاء المتحف وهم مجموعة منظمات غير حكومية، ما ساهم في إعادة تأهيل المتحف.
وأضاف أن “المتحف افتتح بمقره الجديد هذا في 19 مارس 2019 حيث بدأ أول تأسيسه بالقاعة البصرية ومن ثم تطور ليتكون من أربع قاعات هي القاعة البابلية والآشورية والسومرية والقاعة التعليمية،” موضحاً أن “القاعات تختلف حسب العصور وآثارها، فمثلا عصور ما قبل الإسلام كانت تختلف قطعها الأثرية حتى العصر الإسلامي ومن ثم تطورت من فخار إلى سيراميك ونحاسيات ونقوش وكتابات إسلامية، وكل الآثار الموجودة استكشفت واستخرجت من المواقع الأثرية في العراق وحسب العصور، العصر البابلي والفرثي والساساني والسومري.”
وتضم قاعة عارضتين تحتويان العملات النقدية وتسلسلها منذ فترات ماقبل الإسلام، أي الفرثية والساسانية ومن ثم العصور الإسلامية لتنتهي إلى آخر السلاطين؛ السلطان عبدالمجيد حمدان، آخر السلاطين في العصر الإسلامي، مشيراً إلى أن “طريقة عرض هذه العملات تتم عبر “فاترينا” تعرض العملة النقدية بوجهين.
وتابع أن “هذه القاعة تضم مخطوطات المعاهدات وعقود البيع والشراء على الرقم الطينية والأختام في زمن البابليين،” لافتاً إلى أن “هذه المخطوطات تكون على شكل إسطواني، حيث يتم ختم الرقم الطينية بختم إسطواني.”
وأكد أنها “تضم أيضا الحلي التي كانت تلبسها النساء في ذلك الزمان وهي اللازورد والكرستال والياقوت والمحار،” لافتاً إلى أنها “تضم أيضا تماثيل الأسود والنمور التي كانت تزين القصور والمباني في العصر البابلي.”
وبين جودة أن “الآثار التي توجد في هذه القاعة هي من أقدم الآثار إذا قورنت بتسلسل العصور؛ فالعصر السومري هو أول العصور وأقدمها،” موضحاً أن “أهم ما يميز هذه القاعة هو تمثال يزين الأسس، أي أسس البناء والمباني، كذلك تضم القاعة قطعاً فخارية تستعمل للأعمال اليدوية، كما نجد المسامير، أي المعروف حاليا بالمسار الحديث في العصر الحديث والمسار سابقا.”
وأشار إلى أن “القاعة تضم كذلك قطعاً من الفخار، أما الرقم الطينية فتحتوي على كتابات، وهي إنشاء الكتابة حيث تعد من أقدم الكتابة في الزمن والعصر السومري والتي تسمى ‘الكتابة السومرية’،” مبينا أنها “تضم وسائل الصيد في زمن السومريين لصيد الحيوانات وأعمالهم اليدوية، أما الأختام فهي ذاتها الأختام في العصر البابلي.”
وذكر أنه “في زمن الآشوريين تطورت الكتابة عما كانت عليه في السابق، حيث احتوت القاعة الآشورية على معظم الأدوات التي كانت تستخدم من مطرقة وحجر وفؤوس من الحجر وأيضا النحاسيات والمعاضد للزينة والأجراس النحاسية والفخاريات والحلي للنساء،” مبينا أن “هذه الحلي هي ذاتها في كل العصور حيث تصنع من العقيق اللازوردي”.
وأكد أن “هذه القاعة مختصة بتعليم الأطفال فن الرسم والكتابة السومرية وتنمية مواهبهم وإطلاعهم على أمور التراث القديم وحفظ الحضارة والآثار.”