مسيرة القطعان تدعو إلى حماية كوكب الأرض

"من حوض الكونغو إلى القطب الشمالي".. مشروع فني يربط بين قضايا المناخ والهجرة.
الثلاثاء 2025/05/06
دمى حيوانية تجسد صرخة الأرض

مشروع "مسيرة القطعان" هو مبادرة فنية تهدف إلى تسليط الضوء على الهجرة الناتجة عن التغير المناخي. بدأ المشروع في كينشاسا باستخدام دمى حيوانات بالحجم الطبيعي، ويهدف الفريق إلى قطع 20 ألف كيلومتر عبر 25 مدينة عالمية، تشمل المحطات الرئيسية مراكش ومدريد ولندن، وستصل إلى الدائرة القطبية الشمالية.

مراكش (المغرب) – باستخدام دمى حيوانات بالحجم الطبيعي يهدف المشاركون في مشروع الفن العام “مسيرة القطعان” إلى قطع مسافة 20 ألف كيلومتر من أفريقيا إلى أوروبا، للفت الأنظار إلى الهجرة الناجمة عن التغير المناخي. ويأتي هذا المشروع بمبادرة من فريق المسيرة، الذي سبق أن صمّم دمية “أمل الصغيرة” بطول 3.5 أمتار وسار بها من تركيا إلى لندن، للفت الانتباه إلى معاناة الأطفال اللاجئين السوريين. ويهدف الفريق من هذه المبادرة إلى تسليط الضوء على أزمة المناخ.

بدأت مسيرة القطعان، التي تحمل شعار “من حوض الكونغو إلى القطب الشمالي”، رحلتها باستخدام 40 دمية لحيوانات بالحجم الطبيعي في مسعى للفت الأنظار إلى الهجرة الناجمة عن التغير المناخي.

ومن المزمع أن يقطع المشاركون في المبادرة مسافة 20 ألف كيلومتر سيرًا على الأقدام. وخلال الرحلة سيتم تنظيم مجموعة من الأنشطة في الساحات العامة في 20 مدينة مختلفة.

مراكش كانت المحطة الأولى للمشروع في المغرب بعد انطلاقه من كينشاسا، على أن تكون المحطة الأخيرة في تروندهايم النرويجية

بعد انطلاقها من العاصمة كينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية في 10 أبريل الماضي، انتقلت مسيرة القطعان إلى لاغوس (جنوب غرب نيجيريا)، قبل أن تصل إلى محطتها الثالثة في داكار (عاصمة السنغال)، حيث حظيت باستقبال حافل.

وفي حي “مدينة” الشهير والمكتظ بالسكان في داكار، نظّم المشاركون في مسيرة القطعان عرضًا بمشاركة فنانين محليين، بينما تجمع المشاركون في اليوم التالي في مفترق طرق في حي نغور الساحلي بالعاصمة، وساروا عبر الأزقة الضيقة برفقة سكان المنطقة، في ظل أهازيج محلية حتى بلغوا الشاطئ. وكجزء من الفعاليات أدت الدمى الحيوانية رقصات شعبية على الشاطئ مع شخصية “كومبو” الأسطورية الخاصة بقبيلة جولا، التي تعيش في السنغال وغامبيا وغينيا بيساو.

وبعد العروض التي شهدت مشاركة الآلاف من الأشخاص في داكار تواصل المبادرة مسيرتها حيث حطت رحالها في مراكش، لتواصل جولتها في الدار البيضاء، والعاصمة المغربية الرباط، والمدن الإسبانية قادش والعاصمة مدريد وبرشلونة، وفي فرنسا مرسيليا، والعاصمة باريس، والعاصمة البريطانية لندن، ومانشستر، والعاصمة الدنماركية كوبنهاغن، والعاصمة السويدية ستوكهولم، وصولًا إلى تروندهايم في النرويج. ومن المتوقع أن تصل الرحلة إلى الدائرة القطبية الشمالية في أوائل أغسطس المقبل.

وصُنعت الدمى الأولى، التي تضم زرافة وغوريلا وحمارًا وحشيًا، من مواد خشبية معاد تدويرها، في ورشة عمل لمجموعة “أوكواندا للفنون وتصميم الدمى” في كيب تاون بجنوب أفريقيا. وخلال التوقف في المدن المختلفة، سعى الفريق لتقديم مجموعة من أنشطة التدريب التطوعي على تحريك الدمى لأكثر من ألفي شخص. ومن المتوقع أن يشارك المزيد من الدمى في المسيرة، ليتجاوز عدد الدمى المشاركة 150 دمية بالتزامن مع الوصول إلى النرويج.

فنون تمشي على الأقدام
فنون تمشي على الأقدام

قال المدير الفني لمشروع مسيرة القطعان، الفلسطيني أمير نزار الزعبي، إن أزمة المناخ تمثل “أكبر أزمة سياسية” في العالم اليوم، إذ تؤثر على مليارات الأشخاص في العالم، وهو ما دفعه إلى تصميم مشروع جديد يسلط الضوء على الهجرة الناجمة عن هذه الأزمة.

وأشار الزعبي إلى أن المشروع يعيد بناء العلاقة بين الإنسان والطبيعة، من خلال تفاعل الناس مع الدمى الحيوانية في الساحات العامة. وأكد أن اختيار كينشاسا كنقطة انطلاق لم يكن عشوائيًا، موضحًا أن الدول الغربية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن الأزمة، بينما يدفع الأفارقة الثمن الأكبر.

كما لفت إلى أهمية انطلاق المشروع من حوض الكونغو، ثاني أكبر رئة خضراء في العالم بعد الأمازون. وأضاف قائلاً “أنا فخور بمشاركتي في هذا المشروع الذي يربط مصير مدينتين متضادتين، كينشاسا وتروندهايم، بسبب أزمة المناخ.”

ويمثل مرور “القطعان” عبر المغرب جزءا أساسيا من مفهوم المشروع، حيث يُعتبر المغرب من الدول الرائدة في مجال الانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة وحماية البيئة، ويتميز بتنوعه الثقافي والحضري الذي يوفر بيئة ملائمة للتعبير الفني في الأماكن العامة.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أوضح الزعبي أن مراكش كانت المحطة الأولى للمشروع في المغرب بعد انطلاقه من كينشاسا، على أن تكون المحطة الأخيرة في تروندهايم النرويجية. وأشار إلى أن المشروع، الذي سيزور 25 مدينة في العالم، يهدف إلى نشر الوعي البيئي عبر الفن وتعزيز الشراكات مع المؤسسات البيئية لإطلاق مبادرات تربوية وبيئية. وأكد الزعبي أن المشروع يسعى إلى تحفيز الجمهور على التفكير في التحديات البيئية التي يفرضها التغير المناخي، مشيرًا إلى أن اختيار مراكش كان بسبب إشعاعها الثقافي والتراثي الذي يتناغم مع أهداف المشروع.

حح

وتعرف تظاهرة “القطعان” مشاركة أكثر من 150 شخصًا ساهموا في ورشات فنية وتقنية، وستستمر جولتها في المغرب بزيارات إلى الدار البيضاء يومي 9 و10 مايو الجاري، ثم مدينة سلا يوم الحادي عشر من الشهر ذاته.

ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد يضطر أكثر من 200 مليون شخص إلى النزوح قسرًا بحلول عام 2050 بسبب الكوارث البيئية مثل الجفاف والفيضانات والعواصف والزلازل وحرائق الغابات وارتفاع منسوب مياه البحار والحرارة الشديدة. وتشير بيانات المفوضية إلى أن 21.5 مليون شخص يُجبرون سنويًا منذ عام 2008 على مغادرة منازلهم بسبب تداعيات التغير المناخي.

أما تقرير “جراوندسويل” الصادر عن البنك الدولي عام 2021، فيحذر من استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالميًا، وأن هذا الوضع سوف يدفع نحو 86 مليون شخص للتحول إلى نازحين داخليًا في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بسبب تغير المناخ، لتكون الأعلى في العالم على مستوى النزوح الداخلي.

16