مقتل عميد في الجيش الليبي يفاقم أزمة طرابلس ويهدد الاستقرار الهش

غموض اغتيال العميد علي الرياني يتصاعد، في ظل روايات متضاربة بين السرقة ودوافع أمنية وسياسية محتملة نظرا لمكانته العسكرية الرفيعة.
الاثنين 2025/04/28
جرائم متكررة تفتح باب التساؤلات حول الأمن والمستقبل

طرابلس - اهتزت العاصمة الليبية طرابلس، الأحد، على وقع جريمة مروعة أودت بحياة العميد علي رمضان الرياني في الجيش الليبي، عندما استهدف مسلحون مجهولون منزله، لتنضم هذه الحادثة المأساوية إلى سجل العنف المتنامي في بلد يعاني من أزمة سياسية مستعصية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.

وسارع عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، ومقرها طرابلس، إلى التنديد بشدة بهذا العمل الإجرامي.

وقال الدبيبة عبر صفحته على فيسبوك "ببالغ الحزن، أنعى العميد علي رمضان الرياني الذي ارتقى شهيدا اليوم مدافعا عن حرمة بيته وعائلته في وجه مجموعة إجرامية غادرة".

وأعلن الدبيبة أنه طلب من "الادعاء العام العسكري فتح تحقيق عاجل وشامل لكشف ملابسات هذه الجريمة النكراء، وتحديد من يقف خلفها والغرض من ارتكابها".

وفي سياق متصل، نعى رئيس أركان القوات البرية التابع للجيش الوطني الليبي، الفريق صدام حفتر، العميد الرياني، أحد ضباط هندسة الصواريخ، الذي وافته المنية وهو يدافع عن نفسه وأسرته بشجاعة، بعد استهدافه داخل منزله في منطقة الخلة جنوبي طرابلس.

وقد تضاربت الروايات الأولية حول ملابسات الحادث، فبينما ذكر موقع "الوسط" الإخباري أن الرياني قُتل في هجوم على منزله، وأفاد شهود عيان بمقتل ثلاثة من المهاجمين، قدم موقع "الرادع الليبي" تفاصيل أكثر دقة استنادا إلى تقارير أولية.

وبحسب الموقع، وقعت الجريمة فجرا داخل منزل العميد عندما اقتحم ثلاثة مجرمين المكان بهدف السرقة. ونجح المسلحون في الاستيلاء على مجوهرات من ابنة العميد وهددوها بالقتل لولا تسليمهم المال.

إلا أن العميد الرياني أبدى شجاعة فائقة، حيث سارع إلى تسليح نفسه واشتبك معهم، وتمكن من قتل اثنين منهم على الفور قبل أن يُصاب بجروح قاتلة، فيما لحق الثالث بزملائه متأثرا بجراحه لاحقا في المستشفى.

ومع ذلك، أشار موقع "الرادع الليبي" إلى أن الملابسات الدقيقة للحادثة لا تزال محل تساؤل، فبينما ترجح بعض الروايات أن الدافع كان السرقة المسلحة، يرى مراقبون أن استهداف شخصية عسكرية رفيعة المستوى كالعميد الرياني قد يحمل أبعادا أمنية وسياسية أعمق.

وقد أكد موقع "بوابة الوسط" نقلا عن مصادر من مكتب النائب العام أن النيابة العامة قد تسلمت بالفعل ثلاثة متهمين على خلفية القضية، وجاري إحالتهم إلى الطب الشرعي لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة للكشف عن تفاصيل الجريمة.

وأكدت المصادر أن التحقيقات تجري بوتيرة متسارعة وتحت إشراف مباشر من النيابة العامة، في إطار جهود مكثفة لكشف تفاصيل الجريمة وتحديد المسؤوليات القانونية بشكل كامل.

وتعكس هذه الجريمة الوضع الأمني الهش في طرابلس، المدينة التي تقع تحت سيطرة حكومة الدبيبة، في ظل انقسام سياسي متجذر تشهده ليبيا منذ سنوات. فوجود حكومتين متنافستين، إحداهما في طرابلس والأخرى في الشرق بقيادة خليفة حفتر، يعيق جهود توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، ويخلق بيئة خصبة للجماعات المسلحة والعناصر الإجرامية لزعزعة الاستقرار وتنفيذ عمليات تستهدف شخصيات بارزة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها شخصيات رفيعة المستوى في طرابلس، ففي 12 فبراير نجا وزير الدولة المكلف شؤون رئيس الوزراء، عادل جمعة، بأعجوبة من محاولة اغتيال، بعد إصابته بعيارات نارية عدة في ساقه، ونقل جوا إلى روما حيث خضع لجراحة، وفق الإعلام المحلي. وقد أشارت النيابة العامة حينها إلى فرار المشتبه بتنفيذ المحاولة إلى تونس المجاورة.

هذه الحوادث المتكررة تزيد من حالة عدم الثقة والقلق في أوساط الليبيين وتقوض جهود التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي سنوات الصراع والفوضى.

وتبقى الأنظار معلقة الآن على نتائج التحقيقات، علها تكشف النقاب عن الجهة الخفية ودوافعها وراء اغتيال العميد الرياني، بينما تتربص العاصمة طرابلس، وسط أجواء التكهنات، بتبعات هذه الجريمة التي تنذر بتصعيد جديد في دوامة العنف.