السيارات الطائرة قادمة لحل مشكلات الازدحام المروري في المدن

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) - إذا كان هناك مكان في الولايات المتحدة يجسد الالتقاء بين الخيال العلمي والواقع، فسيكون وادي السيليكون.
وذكرت المجموعة الإخبارية لمنطقة خليج سان فرانسيسكو أن شركة “ألف” للملاحة الجوية تعد واحدة من عدة شركات في خليج سان فرانسيسكو، تتنافس على الجمع بين الخيال العلمي والواقع داخل سوق السيارات بإطلاق المركبات الطائرة.
وكشفت الشركة، التي تتخذ من مدينة سان ماتيو الكائنة بجنوبي سان فرانسيسكو مقرا لها، النقاب عن نموذج أولي للسيارة الطائرة في فبراير الماضي، وأطلقت عليه اسم “الطراز صفر” في معرض السيارات الذي أقيم في وادي السيليكون، وبعد ذلك بوقت قصير أثبتت الشركة قدرتها على الانطلاق.
كما عرضت شركة آرشر للطيران ومقرها مدينة سان جوزيه جنوبا بولاية كاليفورنيا، سيارة التاكسي الطائر الكهربائية من إنتاجها وذلك بمطار سان فرانسيسكو الدولي في مطلع أبريل الحالي، في الوقت الذي تعمل فيه شركتا “أسكا” بمدينة ماونتن فيو بكاليفورنيا و”جوبي للطيران” في مدينة سانتا كروز بشمال كاليفورنيا على إنتاج مراكب للنقل الجوي.
ويعتقد مؤسسو شركة ألف أنهم سيكونون أول من ينتج مركبة قادرة على القيام بمهمة النقل البري والطيران بشكل عمودي.
مؤسسو شركة ألف يعتقدون أنهم سيكونون أول من ينتج مركبة قادرة على القيام بمهمة النقل البري والطيران بشكل عمودي
ويمكن لسيارة شركة ألف الطائرة التي تعمل بالكهرباء أن تطير على ارتفاع يتراوح بين 305 و610 أمتار وفقا لما يقوله المطورون، ويوضح كونستانتين كيسلي المؤسس المشارك أن ذلك يتم عن طريق استخدام جسمها بالكامل كجناح أثناء الطيران وبالاستعانة بدوران المقصورة، ويقول إن مدى تحليق السيارة الطائرة يصل إلى 177 كيلومترا، والمدى الذي تقطعه في رحلة على الأرض يصل إلى 321 كيلومترا.
ولتحقيق السلامة تستخدم السيارة نظام تعدد المراوح الزائد عن الحاجة، وهو ما يعني أن لديها العديد من المحركات المستقلة لتأمين الطيران المستقر والهبوط بشكل يمكن السيطرة عليه، ويعمل النظام حاليا بشكل نصف ذاتي القيادة، وتعمل شركة ألف في الوقت الراهن على تطوير نماذج ذاتية القيادة بالكامل.
ولا تزال المناقشات جارية بشأن تحديد الوكالة الحكومية التي ستنظم مثل هذه الجهود التي تبذلها شركة ألف، ومن المرجح أن تشارك إدارة الطيران الفيدرالية، كما أن هناك حاجة إلى وضع إدارة كاليفورنيا للمركبات الآلية في الاعتبار، حيث أن السيارة ما زالت تعمل كمركبة تسير على الأرض.
وبالرغم من أن هذا يبدو كأنه إطلالة على المستقبل، فإن مشكلات الازدحام المروري في منطقة خليج سان فرانسيسكو، إضافة إلى البنية التحتية التي بحاجة إلى تطوير مع زيادة التكاليف، تقودنا إلى طرح أسئلة تتعلق بما إذا كانت السيارات الطائرة ستمثل حلا عمليا لهذه المشكلات، أم أنها ستصبح عنصرا جديدا للرفاهية ينعم به الأثرياء.
ويؤكد كيسلي أن “حركة المرور تعد أحد التحديات الكبرى التي يواجهها المجتمع وتنتظر الحل.”
منتقدون يرون أنه ليس من المرجح أن تصبح السيارات الطائرة خيارا للتنقل متاحا للركاب العاديين في الوقت الحالي
ويقول إن الحلول التقليدية لانتقال الأفراد تتركز على أنظمة الأنفاق المخصصة للسيارات ومترو الأنفاق، أو على مشروعات البنية التحتية على الأرض مثل الطرق السريعة أو وسائل النقل العام.
ويضيف كيسلي “غير أن القليل من الخبراء ينظرون صوب السماء، ونحن لدينا طيران للمسافات الطويلة والقصيرة، ولكن ليس لدينا طيران يغطي المسافة التي يقطعها الأفراد في تنقلاتهم اليومية، ولنقل لمسافة تتراوح بين 30 ميلا إلى 100 ميل (ما بين 48 و161 كيلومترا)، وهذه بالضبط المسافة التي نستهدفها بالسيارة الطائرة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي سيستخدم هذه النوعية من السيارات؟ وأيضا من الذي سيشغل هذا الفضاء؟ أعتقد أننا من سيفعل ذلك لأن هذه السيارة هي الحل المثالي.”
وجذب النموذج الأولي من السيارة الطائرة من تصميم شركة ألف الأنظار، وحصلت الشركة على 3300 طلب مسبق، ومساندة من الرأسمالي المستثمر تيم درابر وهو من المستثمرين الأوائل في شركة تسلا.
ولكن لا تزال هناك موجة من الشكوك تحوم في الأفق.
وطرح منتقدون وجهة نظر تقول إنه ليس من المرجح أن تصبح السيارات الطائرة خيارا للتنقل متاحا للركاب العاديين في الوقت الحالي.
غير أن أدينا ليفين المؤسسة المشاركة لمجموعة تساند نشاط النقل، ترى أنه “من المثير للاهتمام أن نتخيل أن يأتي اليوم الذي قد تستطيع فيه أن تحلق في الهواء بالطريقة التي يستخدم بها بعض الأشخاص الطائرات المروحية لنقلهم إلى المطار، وهناك بالفعل سوق لذلك مثل الأشخاص الذين لديهم طائرات خاصة أو مثل الطائرات المملوكة لشركات، أو مثل الأشخاص القادرين على تحمل كلفة ركوب طائرة مروحية تنقلهم إلى ملعب للكرة.”

ولكنها لا تتوقع أن تصبح السيارات الطائرة “في متناول عامة الناس على المدى القريب.” وتقول ليفين “لا تزال مثل هذه الفكرة مدرجة في قائمة مشروعات الترف إلى حد كبير.”
ويبلغ سعر “الطراز صفر” لشركة ألف في الوقت الحالي 300 ألف دولار، ويقول كيسلي إن الشركة تأمل في خفض الكلفة بمرور الوقت، ما يجعل سعر السيارة الطائرة في نهاية المطاف يماثل سعر السيارة السيدان العادية.
وتعمل لجنة النقل الحضري، التي تشرف على تخطيط النقل بين المناطق، على تحسين الترابط بين أنظمة النقل في منطقة خليج سان فرانسيسكو.
ويقول ديف فاوتين مدير قسم التخطيط بين المناطق في لجنة النقل الحضري “ثمة خطة لتحديد إستراتيجيات بعيدة المدى، تنفذ خلال 25 سنة قادمة لجعل منطقة خليج سان فرانسيسكو أكثر راحة وترابطا وتنوعا ولتصبح صحية ومتوهجة بالحيوية.”
ويقر فوتين بأنه رغم أن التقنيات المستحدثة، مثل السيارات الطائرة، تعد جزءا من نقاش أكثر اتساعا فإن تحديات البنية التحتية تجعل من غير المرجح تبنّي هذه التقنيات بشكل واسع الانتشار في المستقبل القريب.
ويضيف “من الواضح أن هذا يعد موضوعا على درجة كبيرة من الأهمية، في التخطيط لحركة النقل في الوقت الحالي، وفي الستينات والسبعينات من القرن العشرين كانت هناك خطوط للطائرات المروحية في منطقة خليج سان فرانسيسكو ولكنها تلاشت في النهاية، ومن المثير للاهتمام دراسة أوجه التشابه والتحديات التي واجهها القطاع الخاص، عند جعل هذه الخدمات قابلة للتنفيذ في ذلك الحين.”
وأعرب مايكل أوستروفسكي، الخبير في وسائل النقل العام وأستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد، عن اعتقاده في أن مستقبل النقل سيتطلب حلولا تقليدية وحديثة.