عودة ترامب إلى البيت الأبيض أعطت دفعا لليمين المتشدّد في إسرائيل

صمت دونالد ترامب بشأن الضفة الغربية المحتلة شجّع الوزراء المتشددين الذين يحلمون علنا بضمّها إلى إسرائيل.
الخميس 2025/04/24
لا سقف لإسرائيل

واشنطن - أعطت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض دفعا للخط اليميني المتشدّد في إسرائيل، فعاد الجيش الإسرائيلي ليوسّع سيطرته على قطاع غزة، وعملياته في الضفة الغربية المحتلة، فيما يكرّر السياسيون مواقفهم المتشددة حيال الفلسطينيين. وقال الرئيس الأميركي الثلاثاء بعد اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “نحن على الخط ذاته في كل المسائل.”

ويقول مدير معهد “ميسغاف” الإسرائيلي للأمن الوطني والإستراتيجية الصهيونية آشر فريدمان إن التغيير الأكبر، بعد عودة ترامب، تجلّى في قطاع غزة حيث الحرب مستمرة منذ أكثر من 18 شهرا، منذ هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل.

ويضيف “تمّ فعليا رفع حظر الأسلحة الذي فرضته عمليا إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، إلى جانب الهدوء النسبي على الجبهة الشمالية (لبنان وسوريا)، ووجود وزير دفاع ورئيس هيئة أركان جديدَيْن… كلها عوامل تسمح لإسرائيل بالمضي قدما في تحقيق أهدافها العسكرية في غزة.”

ويقول فريدمان “إذا قرّرت إسرائيل وقف الحرب وعقد اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس، فإنه سيدعمها (ترامب)… ولكنه أصغى أيضا إلى الرهائن المحرّرين الذين أخبروه إلى أي حدّ عاملتهم حماس بالسوء. غريزته تدفعه إلى التخلّص من حماس.” وبعد أيام قليلة من تولّيه منصبه اقترح ترامب نقل 2.4 مليون فلسطيني من غزة إلى الأردن ومصر وتحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، ما أثار تنديدا دوليا.

وعلى الرغم من أنه بدا وكأنه تراجع عن ذلك التصريح، أطلق اقتراحه يد وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل لمواصلة الدعوات لتنفيذ هذا المخطط. ومن جهة أخرى يبقى دونالد ترامب صامتا إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، والتي تصاعدت منذ بداية الحرب في غزة. ويرى محلّلون أن صمت ترامب بشأن الضفة الغربية شجّع الوزراء المتشددين الذين يحلمون علنا بضمّها إلى إسرائيل.

ميراف زونستين: منذ انتخاب ترامب بدأت الخطابات والشعارات حول ضمّ أراضي الضفة الغربية تتمادى
ميراف زونستين: منذ انتخاب ترامب بدأت الخطابات والشعارات حول ضمّ أراضي الضفة الغربية تتزايد

وفي مارس وافق المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي على بناء مشروع لطريق جديد بالقرب من مستوطنة “معاليه أدوميم” من شأنه أن يفصل حركة المرور بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي خطوة وصفتها منظمة “السلام الآن” بأنها “فصل عنصري”.

وبعد ذلك أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بيانا مشتركا وصفا فيه البناء الفلسطيني في الضفة الغربية بأنه “تهديد إستراتيجي للمستوطنات”. وأشار سموتريتش إلى المنطقة باسمها التوراتي، قائلًا إنها كانت “سنة قياسية” لـ”هدم البناء العربي غير القانوني في يهودا والسامرة.” وأضاف أن الحكومة تعمل على توسيع الاستيطان اليهودي في الضفة.

وتقول المحللة في منظمة “مجموعة الأزمات الدولية” ميراف زونستين “منذ انتخاب ترامب في نوفمبر، بدأ يترامى إلى سمعنا المزيد والمزيد من الخطابات والشعارات حول ضمّ أراضي الضفة الغربية، وشهدنا المزيد من التحركات الميدانية في هذا الاتجاه.”

وتضيف “نهج ترامب الخاص والأشخاص الذين اختارهم حوله خلق مناخا سياسيا جعل سموتريتش ووزير الدفاع يسرائيل كاتس وآخرين في اليمين الإسرائيلي واثقين من أنهم يستطيعون المضي قدما في ضمّ الضفة الغربية.”

وتقول سانام فاكيل من معهد تشاتام هاوس إن سياسات ترامب في الشرق الأوسط متناقضة. وتضيف “بينما قال الرئيس إنه يريد إنهاء الصراعات، لا توجد خطة واحدة جارية. أعتقد أن هناك ربما عدة أجندات متناقضة.” وتتابع “لا يوجد انتقاد، ولا إدانة لأنشطة إسرائيل، وأعتقد أن ذلك يمنحها حرية التصرف وثقة بالاستمرار في أجندتها التوسعية.”

وفي ما يخص غزة، تقول فاكيل إن ترامب “يمنح نتنياهو والمتشددين من حوله رافعة لتحقيق الهدف.” وتقول إسرائيل إنها تسيطر حاليا على 30 في المئة من أراضي غزة، بينما تشير حسابات وكالة فرانس برس، استنادا إلى خرائط نشرها الجيش، إلى أنها تسيطر على أكثر من 50 في المئة.

وفي المقابل ترى فاكيل أن ترامب يتمايز إلى حدّ ما عن الإسرائيليين في التعامل مع الملف الإيراني. وبدأ مسؤولون أميركيون منذ أكثر من أسبوعين محادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وفي ذلك اختلاف واضح عن سياسة نتنياهو التاريخية التي ترتكز على معالجة التهديد الإيراني بالوسائل العسكرية.

وترى فاكيل أن ترامب يريد أن يوضح أن “الإستراتيجية العسكرية لن تكون خياره الأول في معالجة أزمة إيران،” مضيفة أن هذا يثير قلقا عميقا لدى الإسرائيليين. وقال نتنياهو السبت الماضي “أنا ملتزم بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. لن أتنازل عن ذلك، لن أُفرّط فيه، ولن أتراجع عنه، ولا حتى بمقدار ملّيمتر واحد.”

6