شغف بألعاب الفيديو القديمة في زمن التطوّر الرقمي

دراسة أجريت في مطلع سنة 2025 أظهرت أن 14 في المئة من الأميركيين يلعبون على أجهزة صدرت قبل عام 2000.
الاثنين 2025/04/07
حنين إلى الماضي

يعتقد كثيرون أن ألعاب الفيديو القديمة كانت أكثر متعة وأكثر من ألعاب اليوم، حتى أننا نشعر وكأن ألعاب اليوم ثابتة لا تتطور، لهذا بدأت تحظى بشعبية واسعة رغم التطور الكبير للقطاع.

ستوك أون ترينت (المملكة المتحدة) - تتسع ظاهرة عودة أجهزة ألعاب الفيديو القديمة لدى البعض بدافع الحنين إلى الماضي، ولدى البعض الآخر بدافع الحاجة إلى الابتعاد عن الألعاب السائدة راهنا، ولا تبدو مجرّد اتجاه عابر.

وتشهد على هذه الظاهرة طرود من مختلف أنحاء العالم يتسلمها لوك مالباس في مدينة ستوك أون ترينت في وسط إنجلترا، تحتوي على وحدات تحكم تحتاج إلى تجديد.

قبل ست سنوات حوّل هذا اللاعب البالغ 38 عاما شغفه إلى مهنة، إذ افتتح في منزله محل “ريتروسيكس” لتصليح وحدات التحكم القديمة، على غرار “غايم بوي” و”نينتندو سوبر إن إي إس” و”سيغا ميغا درايف” وسواها. وبات لديه اليوم بشكل دائم ما بين 50 و150 وحدة تحكم في الانتظار.

وعلى امتداد جدران مشغله تحتضن الرفوف مكونات إلكترونية وإكسسوارات لكل الموديلات تقريبا التي طُرحت منذ ثمانينات القرن العشرين. ويمكن لأصحاب الأجهزة القديمة تجديدها في مقابل مبلغ يبدأ من 60 يورو ويمكن أن يصل إلى مئات اليوروات.

ويرى لوك أن “ثمة عنصرا أساسيا من الحنين” يتمثل في رغبة البعض في العودة إلى هذه الألعاب، لكنه يعتبر أيضا أن “الأمر يتعلق بتجربة اللمس، ذلك أن أخذ صندوق من على الرف، وإدخال اللعبة في وحدة التحكم (…) يزيدان من متعة اللعبة.”

حح

لكنه يلاحظ كذلك أن ثمة عنصرا آخر هو الحاجة إلى الانفصال عن الألعاب الحالية التي يتم لعب معظمها عبر الإنترنت ضد آخرين، وهو ما يتطلب الكثير من التدريب للوصول إلى المستوى المنشود.

أما “اللعبة القديمة فتلتقطها وتشغّلها لعشر دقائق أو ساعة، لا فرق. إنها فورية وممتعة. لا تتنافس مع أحد، ولا تجعلك حزينا أو غاضبا،” بحسب لوك الذي يهوى شخصيا ألعابا من أبرزها “ريزيدنت إيفل” و”جوراسيك بارك”.

حتى أن الأمر يصل بلوك إلى حد شراء أجهزة تلفزيون قديمة عاملة بواسطة أنبوب الأشعة المهبطية ليحصل على تجربة أكثر تطابقا مع تجربة طفولته. وتحظى مقاطع الفيديو المتعلقة بتصليحاته والتي ينشرها على يوتيوب أو تيك توك بعشرات الآلاف من المشاهدات. ويتوقع لوك ألاّ تنتهي هذه الظاهرة قريبا.

في نظر لوك “سيظل لدى الناس شغف فطري بالأشياء التي نشأوا عليها في طفولتهم، لذا أعتقد أننا سنحصل دائما على عمل. سيتطور ذلك، وعلى الأرجح لن يعود متعلقا بأجهزة ‘غايم بوي’،” ولكن “ستوجد دائما لعبة تُصبح من الماضي.”

وأجرت منظمة “بافتا” البريطانية التي تقيم الثلاثاء احتفالها السنوي المخصص لتوزيع جوائزها لألعاب الفيديو، استطلاع رأي لاختيار لعبة الفيديو الأكثر تأثيرا على الإطلاق في كل الحقب الزمنية. وفازت باللقب لعبة “شينمو” التي صدرت عام 1999، متقدمة على سلسلة “دوم” الصادرة عام 1993، فيما حلّت في المرتبة الثالثة “سوبر ماريو براذرز” التي طرحتها “نينتندو” عام 1985.

وشهد معرض “لندن غيمينغ ماركت” المخصص لألعاب الفيديو القديمة، والذي أقيمت نسخته العاشرة في العاصمة البريطانية في منتصف مارس الماضي، زيادة في عدد زواره خلال السنوات الأخيرة.

وبين الأكشاك التي تعرض الأقراص المرنة والأقراص المضغوطة وأجهزة التحكم القديمة، راح محبو هذه الألعاب وهواة جمعها يتسابقون للحصول على جوهرة نادرة.

وقال أدريان إنه “من أشدّ المعجبين” بلعبة “سونيك ذي هيدجهوغ”. وأضاف أدريان الذي كان يرتدي قميصا يحمل صورة القنفد الشهير الذي ابتكرته شركة سيغا “لدي الساعة وأشياء أخرى (…) وأبحث دائما” عن أشياء جديدة.

حح

ولاحظ مدير شركة “ريبلاي إيفنتس” المنظمة للمعرض آندي براون تغييرا حقيقيا منذ ظهور جائحة كوفيد. وقال “كان الناس محصورين في منازلهم، يبحثون عن أنشطة تذكرهم بأوقات أفضل، لأن الحالة المزاجية كانت متشائمة جدا.”

وأظهرت دراسة أجرتها جمعية المستهلكين الأميركية “كونسيومر ريبورتس” في مطلع سنة 2025 أن 14 في المئة من الأميركيين يلعبون على أجهزة صدرت قبل عام 2000.

وفي المملكة المتحدة يمتلك 24 في المئة من جيل زد (الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و28 عاما) جهاز ألعاب قديما، وفقا لاستطلاع شمل 2000 بريطاني وأجري أخيرا في فعالية مخصصة للألعاب القديمة في لندن، نظمتها العلامة التجارية “برينغلز”.

وفي سبتمبر الفائت فككت الجمارك الإيطالية شبكة اتجار بأجهزة ألعاب الفيديو القديمة المقلدة، وضبطت نحو 12 ألف وحدة تحتوي على بعض الألعاب الأكثر شعبية من ثمانينات القرن العشرين وتسعيناته.

18