الرسوم الجمركية تزيد من الضغوط على اقتصادات أفريقيا

الرباط- تنذر الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيرا على دول العالم بحد أدنى 10 في المئة بحرب تجارية دولية ستشمل تداعياتها اقتصادات القارة الأفريقية، في ظل الترابط الكبير للاقتصاد الدولي.
ومن المقرر تطبيق رسوم جمركية بنسبة 11 في المئة على الكاميرون، و14 في المئة على نيجيريا، و32 في المئة على أنغولا، و17 في المئة على زامبيا، و30 في المئة على الجزائر، و31 في المئة على ليبيا، و10 في المئة على العديد من الدول الأخرى مثل مصر والسنغال والمغرب.
ويتجاوز حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا 71 مليار دولار خلال 2024، حيث تبلغ الصادرات الأميركية 32.1 مليار دولار، في حين تصل واردات واشنطن من القارة 39.5 مليار دولار، وهو يبين أن عجز الميزان التجاري الأميركي مع أفريقيا يبلغ 7.4 مليار دولار.

بدر الزاهر الأزرق: القرار الأميركي أوجد العديد من التداعيات على المستوى الدولي
وقال خبراء تجاريون إن هذه الخطوة تشير في أفريقيا إلى نهاية اتفاقية التجارة المعروفة باسم قانون النمو والفرص في أفريقيا التي من المفترض أن تساعد الاقتصادات الأفريقية على التطور من خلال الوصول التفضيلي إلى الأسواق الأميركية.
كما تفاقم الألم بعد تفكيك ترامب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الوكالة الحكومية التي كانت المورد الرئيسي للمساعدات للقارة.
وأوضح البيت الأبيض، في بيان، أن ترامب اتخذ تلك الإجراءات لمواجهة العجز التجاري الناجم عن سياسات مثل غياب المعاملة بالمثل في العلاقات التجارية، والتلاعب بالعملات الأجنبية، وضرائب القيمة المضافة المرتفعة التي تفرضها دول أخرى، وذلك باستخدام صلاحياته بموجب قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية “IEEPA” الصادر عام 1977.
والخميس، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، من أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على واردات بلاده تشكل “خطرا كبيرا” على الاقتصاد العالمي.
وقالت في بيان “من المهم تجنب إجراءات يمكن أن تلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد العالمي”.
ويرى بدر الزاهر الأزرق الخبير المغربي في الاقتصاد الدولي، أن القرار الأميركي “أوجد العديد من التداعيات على المستوى الدولي، مثل تراجع قيمة الدولار في الأسواق”.
وقال الأزرق للأناضول، إن القرار الأميركي “سيؤثر على صادرات وواردات الدول الأفريقية لمجموعة من المنتجات التي ستعرف ارتفاعا في تكاليفها، بسبب ارتباط الكثير من العملات الأفريقية بالدولار”.
وأشار إلى “سيناريوهات أخرى لهذا القرار مرتبطة بالتضخم، مثل التضخم الذي طرأ خلال الحرب الروسية الأوكرانية (مستمرة منذ 24 فبراير 2022)، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الاقتصادي”.
ولفت إلى أن نسب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب “ستدفع الدول إلى الدخول في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، والدخول في ما يسمى الحمائية المضادة، والتي ستكون لها انعكاسات سلبية على الأداء الاقتصادي الدولي والأفريقي والوطني”.
◄ التبادل التجاري بين أميركا وأفريقيا يتجاوز 71 مليار دولار، وتبلغ الصادرات الأميركية فيه 32.1 مليار دولار، والواردات 39.5 مليار دولار
وأردف الأزرق “رغم أن الدول الأفريقية ليست لديها على مبادلات تجارية قوية مع الولايات المتحدة، فإن علاقتها الاقتصادية مع شركاء آخرين مثل الصين والاتحاد الأوروبي ستجعلها تستورد هذه الأزمات الاقتصادية، كما سبق أن استوردت أزمة التضخم خلال المرحلة الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية”.
وتابع “سينجم عن القرار الأميركي عدم استقرار الاستثمار الأجنبي بالدول الأفريقية، فالشركات الكبرى العاملة بالدول الأفريقية والعربية تنتظر تداعيات هذا القرار من أجل مراجعة سياستها الاستثمارية وإعادة توطين استثماراتها في دول لا تعرف عبئا جمركيا كبيرا”.
وبناء على ذلك “يمكن لتلك الشركات الإبقاء على مستويات مقبولة من المبادلات التجارية لدى الدول التي لها نسب جمركية مقبولة مع الولايات المتحدة”.
ولفت الخبير الاقتصادي المغربي إلى أن “الدول التي فرض عليها 10 في المئة، لها أفضلية مقارنة بدول الأخرى، ولكن المراقبين ينتظرون كيف ستتعاطى هذه الشركات مع هذه النسب”.
واستدرك “لكن غالبا سيكون هناك اضطراب على مستوى التدفقات الاستثمارية، والتي ستعاني منه أيضا الدول الأفريقية، ومنها المغرب الذي يشهد تطورا كبيرا لقطاع السيارات، الذي تحاربه الولايات المتحدة وفرضت عليه أيضا رسوما إضافية”.
وتعتبر واشنطن أن الاتحاد الأوروبي والصين هما سبب تراجع قطاع السيارات الأميركية، وسبب ارتفاع العجز التجاري الأميركي.

كريستالينا جورجييفا: الرسوم الجمركية الجديدة تشكل "خطرا كبيرا" على الاقتصاد العالمي
وتوقع الاقتصادي المغربي “تضرر الاقتصاد الأفريقي بسبب ارتباطه بالاقتصاد الأوروبي الذي سيشهد تداعيات بالنظر إلى كون أيّ اهتزاز على المستوى الأوروبي أو الصيني سينتقل مباشرة إلى أفريقيا ويتسبب في خسائر اقتصادية لها، خاصة إذا تم انتهاج سياسات حمائية بشكل كبير وعشوائي”.
وقال إن “صادرات الدول الأفريقية على ضعفها ستتأثر بالقرار الأميركي الذي سيلقي بظلاله على اقتصاداتها”.
ورأى أن تلك الدول “تبقى الحلقة الأضعف، وستدفع الفاتورة الأكبر في الحرب التجارية، وهو ما أكدته الأزمات الماضية، سواء جائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية”.
ولفت إلى أن القارة الأفريقية “مهددة بأزمة جديدة تقود العالم نحو المجهول”.
وقال الأزرق إن فرض رسوم جمركية على المغرب “يعتبر إخلالا باتفاقية التبادل الحر بين الرباط وواشنطن، على اعتبار أنها تشكل الإطار الذي يحكم العلاقة التجارية بين البلدين”.
واعتبر أن “الإخلال بهذه الاتفاقية قد يدفع المغرب إلى إعادة النظر فيها،” مضيفا أن بلاده “كان لها دور مهم في تعزيز المبادلات التجارية بين البلدين، التي بلغت 6 مليارات دولار في السنوات الماضية”.
وتابع “رغم أن الرقم ليس كبيرا مقارنة بحجم المبادلات التجارية الأميركية مع باقي الدول، والذي يتجاوز 3300 مليار دولار، إلا أنه رقم مهم للمملكة”.
واعتبر الخبير الاقتصادي المغربي أن هذه الرسوم “قد تقلص من المبادرات التجارية بين البلدين”.
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والولايات المتحدة، الموقعة في يونيو 2004، تشمل المنتجات الزراعية والصناعية وتوفر امتيازات جمركية على شكل تخفيضات.