تراجع حظوظ الدبلوماسية بشأن الاتفاق النووي يفتح الباب للرد العسكري ضد إيران

تعثر الجهود الدبلوماسية لكبح طموحات إيران النووية يضاعف القلق إزاء مستقبل العلاقات الدولية والأمن الإقليمي.
الخميس 2025/04/03
الوقت ينفد

باريس - قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أمس الأربعاء إن فرص التوصل إلى اتفاق جديد لكبح البرنامج النووي الإيراني محدودة وأن المواجهة العسكرية تبدو “شبه حتمية” حال تعذر تحقيق ذلك.

ويرى محللون أن تصريحات الوزير الفرنسي تعكس اتساع الفجوة بشكل مقلق بين الخيارين العسكري والدبلوماسي. ويشير المحللون إلى أن الوضع بات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى: فالدبلوماسية لن تضمن الوصول إلى اتفاق نووي جديد في الوقت المحدد، والخيار العسكري يبدو أكثر قربًا إذا فشل الحوار.

ومع تعثر الجهود الدبلوماسية لكبح طموحات إيران النووية يزداد القلق إزاء مستقبل العلاقات الدولية والأمن الإقليمي ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول الخيارات المستقبلية في حال استمرار هذا الانسداد الدبلوماسي.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في 2018، أصبح الوضع النووي الإيراني مصدرًا رئيسيًا للقلق الدولي، وتزداد التوترات يومًا بعد يوم. وأصبحت الدبلوماسية الغربية محاصرة بين خيارين: الأول، محاولة التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران لكبح أنشطتها النووية، والثاني، التحضير لاحتمال التصعيد العسكري في حال فشل الدبلوماسية.

ويرى محللون أن تصريحات بارو تحمل في طياتها مؤشرات إلى أنه رغم التزام القوى الكبرى، وخاصة الاتحاد الأوروبي، بالمسار الدبلوماسي، فإن الوقت ينفد. ويصر الاتحاد الأوروبي على أن التفاوض هو الخيار الأفضل، إلا أن المشهد الحالي قد يضع الدول الغربية في مواجهة تحدٍ صعب، حيث يمكن أن تؤدي الأخطاء السياسية إلى دفع المنطقة إلى فوضى أكبر.

جان نويل بارو: فرص التوصل إلى اتفاق نووي إيراني جديد محدودة
جان نويل بارو: فرص التوصل إلى اتفاق نووي إيراني جديد محدودة

ويقول الخبير في الشؤون الأمنية الدولية، تيموثي سولتس، إن “الضغط العسكري سيظل خيارًا في حال تعذر الوصول إلى اتفاق نووي. على الرغم من الدعوات للسلام، فإن الواقع الجيوسياسي المتغير قد يقود الأطراف إلى التصعيد.”

وما يزيد من تعقيد الوضع هو تزايد التقارير التي تشير إلى تفعيل إيران لبعض الأنشطة النووية الحساسة. فبينما يستمر المسؤولون الإيرانيون في رفض العودة إلى الاتفاقات السابقة، تكثف طهران من إنتاجها لليورانيوم المخصب. ويشير محللون عسكريون إلى أن الوضع يزداد سوءًا لأن إيران قد تكون قادرة على تطوير القدرة على إنتاج سلاح نووي في المستقبل القريب، وهو ما يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والعالمي.

ويقول د. جوليان شتاينر، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ميونيخ إن “سعي إيران للحصول على سلاح نووي يفتح الأبواب أمام إستراتيجيات ردع عسكرية. في حال فشلت المفاوضات، ستكون الخيارات العسكرية هي الحل المتاح للدول المعنية، مثل إسرائيل أو الولايات المتحدة.”

وفي خطوة تشير إلى تعقيد الأمور، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يعتزم فرض عقوبات إضافية على إيران في الأشهر المقبلة. وهذه العقوبات، التي تركز على احتجاز المواطنين الأجانب في إيران، تأتي في وقت حساس للغاية، إذ إن التوجه نحو العقوبات يبدو وكأنه تحرك لتكثيف الضغوط على طهران. ولكن، وفقًا للخبراء، فإن العقوبات قد تؤدي إلى تعزيز المواقف المتشددة داخل إيران بدلًا من تسريع التفاوض على اتفاق نووي.

وترى ليندا ثورندال، الخبيرة في الشؤون الأوروبية، أن العقوبات قد تؤدي إلى تسريع التصعيد بدلًا من خلق بيئة تساعد في تفعيل الدبلوماسية. وتضيف ثورندال “العقوبات دائما ما تكون سلاحا ذا حدين؛ فبينما تهدف إلى تحجيم طموحات إيران النووية، يمكن أن تزيد من استنزاف العلاقات الدبلوماسية، مما يضيق الخيارات أمام القوى الكبرى.”

وفي الوقت الذي تكثف فيه إيران برنامجها النووي قد يجد الغرب نفسه أمام خيار عسكري محدود يتجاوز الردع بالتهديدات ويصبح أكثر واقعيًا على الأرض. وينتهي في أكتوبر 2025 رسميا الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم (خطة العمل الشاملة المشتركة) الذي تم إبرامه في 2015 من دون آفاق واضحة حتى الآن لاستئنافه، ما يضع الولايات المتحدة وإيران على طريق التصعيد.

وظل الاتفاق على أجهزة الإنعاش منذ انسحبت الولايات المتحدة منه في 2018 في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب. وأخفقت جهود إنعاشه أو البحث عن اتفاق أقوى وأطول أمدا وسط نقص في الثقة وممارسة سياسة ”الضغط الأقصى” التي تنتهجها الولايات المتحدة، والأزمات الجيوسياسية والإقليمية خاصة في قطاع غزة.

وعندما تنتهي خطة العمل الشاملة المشتركة، ستنتهي بدورها أدوات التطبيق القليلة المتبقية التي تسمح بممارسة بعض الضغط على طهران – بما في ذلك إمكانية إعادة فرض العقوبات التي سبق الاتفاق عليها والتي يمكن أن يدعو إليها أي طرف في مجلس الأمن الدولي.

6