بسطات الطعام تسيل لعاب السعوديين في سهرات شهر الصيام

الأكل الشعبي يزيّن رمضان في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة.
الخميس 2025/03/13
لمة بعد التراويح

تنتشر في مدن مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة البسطات الرمضانية التي تقدم أطباقا شعبية تقليدية تميز ليالي شهر رمضان المبارك. وهذه المأكولات ليست فقط مصدرا للغذاء، بل تحمل في طياتها ذكريات وأجواء مميزة تزين سهرات رمضان في هذه المدن المقدسة.

مكة المكرمة - تشترك محافظة جدة مع مكة المكرمة والمدينة المنورة في انتشار البسطات الرمضانية الشعبية التي تقدم شتى المأكولات والحلويات والمشروبات المعروفة في جدة منذ قديم الزمان، وتظهر كثيرا في شهر رمضان المبارك.

وتتميز أحياء مكة المكرمة في الشهر المبارك بانتشار هذه البسطات التي يعمل بها مجموعة من الشباب والفتيات السعوديين، حيث تعطي طابعا خاصا في شهر الصيام في العاصمة المقدسة.

ووثقت عدسة وكالة الأنباء السعودية (واس) انتشار البسطات على الأرصفة والأحياء الداخلية، وتجمع الكثير من الشباب حولها وهي تحتوي على العديد من المأكولات والمشروبات الشعبية مثل الكبدة والتقاطيع والبليلة والبطاطس المقلية ومشروب التوت والسوبيا والحلويات بأنواعها والألعاب الشعبية المفضلة لدى الشباب مثل الفرفيرة وتنس الطاولة. وتتميز تلك البسطات بتصاميمها وزينتها من الألوان والأنوار المشعة الجميلة اللافتة للانتباه، بتصريح وإشراف من أمانة العاصمة المقدسة.

وتؤدي الأسر المنتجة دورا مهما في تزويد هذه البسطات بالمأكولات الشعبية، حيث تجد إقبالا من المواطنين والمقيمين في الشوارع والأحياء، وينافس إنتاجهم من المأكولات والمشروبات الأصناف الحديثة من الأطعمة الأخرى، نظرا إلى ما تتميز به من جودة في الإعداد بإشراف ربات البيوت، من أجل تلبية أذواق الزبائن والحفاظ على إبقاء المذاق المميز.

وأكد العديد من أصحاب هذه المهن الموسمية أن بسطاتهم تدر دخلا جيدا لهم ولأسرهم، كما أنها تعتبر نافذة تسويقية للأسر المنتجة والتي تعد نموذجا ناجحا لممارسات العمل التجاري من المنزل.

وفي جدة رصدت عدسة “واس” العديد من المظاهر الرمضانية والبسطات الشعبية التي تختص بالمأكولات والمشروبات الشعبية في المدينة التاريخية، حيث يزداد الزحام والإقبال عليها قبل الإفطار، ويتوافد الناس عليها كثقافة مجتمعية يمارسها جيل بعد آخر، في حين أصبحت هذه المأكولات مرتبطة بشهر رمضان كعادة سنوية.

أكلة أيام زمان
أكلة أيام زمان

ويشهد طبق “الكبدة” بأنواعها الضأني والجملي والمقلقل، والتقاطيع، إقبالا كبيرا بعد صلاة التراويح إلى الساعات ما قبل الأخيرة من السحور. وتكثر هذه المأكولات في المناطق الشعبية وبعض الحارات القديمة، وبالذات المنطقة التاريخية، حيث تزداد حركة الناس على بسطات الكبدة المنتشرة والمتنوعة في شهر رمضان الكريم عن غيره من الأشهر في الأماكن العامة المفتوحة.

وفي ذات السياق، تحدث العم أحمد صاحب بسطة كبدة مشيرا إلى أن موسم رمضان يمتاز بالمأكولات الشعبية والحجازية التي يفضلها الناس، وأنه منذ 15 عاما وهو يقوم بنصب بسطة الكبدة في شهر رمضان فقط.

من جانبه، عدّ سامي عبدالرحمن أحد مرتادي المطاعم الشعبية في رمضان، الشهر الفضيل مناسبة جميلة تجمع الأصدقاء والأهل، وكذلك السُفرة الرمضانية التي تشمل المأكولات الشعبية التي تذكّره بالماضي الجميل.

وعن روحانية شهر رمضان المبارك، قال العم صالح القرشي، “شهر رمضان له نكهة خاصة، ففيه روحانية للنفس، ويجمع الناس والأقارب ويتواصل الناس فيه بحميمية، ومما يميزه الأكلات الرمضانية وبخاصة السمبوسة والفول والكعك والحلويات والكنافة، وبعد التراويح هناك وجبة التلبيبة التي تشمل الكبدة أو البليلة وغيرها”.

أما الشاب سلطان أحمد، فأبدى إعجابه بالمأكولات الرمضانية والحجازية التي لا يراها إلا في رمضان، وبالذات التي تصنعها والدته في المنزل مثل القطايف، وكنافة الموز، والفول المكشن، واللقيمات، وهي المفضلة عنده.

وبيّن بكري أن كل صاحب بسطة بليلة لديه سر خاص في طهيها يستطيع أن يجذب من خلالها الزبائن لمحله، مشيرا إلى أنه ينتقي حبوب الحمص من تجار المواد الغذائية خصيصا. مبينا أن عملية الطهي تستغرق نحو ثلاث ساعات، ثم تضاف – بحسب طلب الزبون – المخللات عند تسليمها للعميل، وتضاف إليها أيضا بعض البهارات والبطاطا التي تعطيها مذاقا رائعا، فضلا عن البهارات الحارة لمن يفضلها.

وذكر أن سعر صحن البليلة كان في الماضي ببضعة قروش، ثم أصبح بريال واحد، فيما يصل الآن إلى خمسة ريالات.

وجنبا إلى جنب، تتوزع في أحياء المدينة المنورة بسطات رمضانية يبيع أصحابها من الشباب السعودي مأكولات رمضانية أخرى ذات طابع مديني وحجازي مثل الكبدة والمعجنات والحلويات والسمبوسة، واللقيمات، والمنتو، والبطاطس المسلوقة.

تتنوع الأكلات الرمضانية بين السمبوسة والفول والكعك والحلويات والكنافة، وبعد التراويح تحلو وجبات الكبدة  أو البليلة وغيرها
تتنوع الأكلات الرمضانية بين السمبوسة والفول والكعك والحلويات والكنافة، وبعد التراويح تحلو وجبات الكبدة أو البليلة وغيرها

ويقول سلمان الصاعدي الذي يقف على إحدى البسطات الشعبية الرمضانية، “يتم تناول ما تعرضه البسطات في الهواء الطلق على إيقاع الأواني والأدوات التي تطهى بها مختلف المأكولات الشعبية، بالتزامن مع الأهازيج الحجازية التي تذكّر بتاريخ المدينة المنورة العريق وعبقها الأصيل، حيث ارتبطت البسطات وجدانيا بهذا الشهر الكريم، وصارت ثقافة شعبية يرتدي بائعوها الملابس التقليدية القديمة التي تحاكي الباعة القدامى الذين اشتهرت بهم المنطقة”.

فيما يفيد البائع فهد الجهني أن البسطات ظاهرة شعبية تتميز بها المدينة المنورة، حيث يعيش الجميع الأجواء الرمضانية التي تتميز بها أحياء طيبة وحاراتها القديمة التي تواصل العمل حتى ساعات الصباح الأولى.

وأضاف أن أبرز ما يقدم من خلال هذه البسطات هو البليلة التي يتم إعدادها من الحمص اليابس أو المعلب، وكربونات وزيت الزيتون، حيث يسلق الحمص مع ثوم مهروس وملح وليمون على نار مرتفعة، وعندما يغلي يُترك مغطى على نار هادئة لمدة ساعة، ثم يصفى من الماء وينقل في القدر المخصص.

وأفاد أن من بين باعة البليلة شباب في المرحلة الجامعية، وبينهم موظفون حكوميون، ومنهم شباب في المرحلة الثانوية، يأتون كل عام ليس لأجل التكسب فقط، بل أيضا لأجل الاستمتاع بالمظاهر الرمضانية.

في سياق ذي صلة، يرى العديد من المواطنين أن للبليلة مذاقا خاصا في شهر رمضان، إذ يؤكد المواطن خالد اللقماني حرصه على تناولها باستمرار بعد أداء صلاة التراويح إلى جانب اصطحابها إلى أسرته في المنزل.

فيما يعتقد بائع البليلة الشاب الصغير محمد هاني أبوربيعة أن البسطة تمثل موروثا جميلا للعائلة وارتباطا وثيقا من جيل إلى جيل، ليس لدى الشباب فقط بل وحتى النساء في المنازل، لأنهن يقمن بإعداد البليلة، بينما يعتبر المواطن عادل الحيسوني البليلة وجبة خفيفة على المعدة وسهلة الهضم.

16