الإفراط في تناول الدهون والسكريات أثناء الحمل يزيد مخاطر إصابة المولود بالتوحد

أثبت خبراء الصحة وجود علاقة بين النظام الغذائي للأم أثناء فترة حملها وإصابة طفلها بمرض التوحد وفرط النشاط والحركة، ذلك أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات أثناء الحمل وتناول الوجبات الغذائية ذات المواصفات الغربية ارتبطا بزيادة نسبتها 66 في المئة في احتمالات إصابة المولود بمتلازمة فرط النشاط وقلة التركيز، وكذلك زيادة نسبتها 12 في المئة في احتمالات الإصابة بالتوحد.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - كشفت دراسة علمية أجريت في الدنمارك أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات أثناء الحمل يزيد مخاطر إصابة المولود بالتوحد ومتلازمة فرط النشاط ونقص التركيز (إي.دي.إتش.دي)، لاسيما في مرحلة بداية ومنتصف فترة الحمل.
ويقول الباحثون من جامعة كوبنهاغن وعدة مراكز بحثية في الدنمارك إن طبيعة الوجبات الغذائية التي تتناولها الأم أثناء فترة الحمل، ولاسيما التركيز على أنماط الغذاء السائدة في الدول الغربية التي تعتمد على الإفراط في الدهون والسكريات، ربما تسهم في إصابة المولود بمشكلات واضطرابات بالجهاز العصبي، بما في ذلك التوحد ومتلازمة فرط النشاط ونقص التركيز.
وشملت الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “نيتشر ميتابوليزم” المعنية بأبحاث الغذاء والأيض أكثر من ستين ألف أم وطفلها في الدنمارك والولايات المتحدة، وتضمنت سحب عينات دم لتحليلها وقياس التغيرات البيولوجية التي تطرأ على الأم والجنين أثناء فترة الحمل وما بعدها.
وأظهرت الدراسة أن الإفراط في تناول الوجبات الغذائية ذات المواصفات الغربية يرتبط بزيادة نسبتها 66 في المئة في احتمالات إصابة المولود بمتلازمة فرط النشاط ونقص التركيز، وكذلك زيادة نسبتها 122 في المئة في احتمالات الإصابة بالتوحد. وأكدت الدراسة أيضا أن عوامل أخرى مثل التدخين وتناول الكحوليات وضعف الوجبات الغذائية تؤثر أيضا على تطور الجنين.
ونقل الموقع الإلكتروني “سايتيك ديلي” المتخصص في الأبحاث العلمية عن الباحث ديفيد هورنر رئيس فريق الدراسة قوله إن “كلما زادت معدلات تناول الأم للمأكولات أو الوجبات ذات المواصفات الغربية أي الغنية بالدهون والسكريات دون تناول الأسماك والخضراوات والفاكهة، كلما زادت مخاطر إصابة مولودها بالتوحد ومتلازمة فرط النشاط ونقص التركيز”.
الإفراط في تناول الوجبات الغذائية ذات المواصفات الغربية يرتبط بزيادة نسبتها 66 في المئة في احتمالات إصابة المولود بمتلازمة فرط النشاط
واضطراب طيف التوحد عبارة عن حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي. كما يتضمن الاضطراب أنماطا محدودة ومتكررة من السلوك. ويُشير مصطلح “الطيف” في عبارة اضطراب طيف التوحد إلى مجموعة كبيرة من الأعراض ومستويات الشدة.
ويتضمن اضطراب طيف التوحد حالات كانت تعتبر منفصلة في السابق، التوحد، ومتلازمة أسبرجر، واضطراب التحطم الطفولي وأحد الأشكال غير المحددة للاضطراب النمائي الشامل. ولا يزال بعض الأفراد يستخدمون مصطلح “متلازمة أسبرجر”، والتي يعتقد بوجه عام أنها تقع على الطرف المعتدل من اضطراب طيف التوحد.
يبدأ اضطراب طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة ويتسبب في نهاية المطاف في حدوث مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي، على الصعيد الاجتماعي، في المدرسة والعمل، على سبيل المثال. وغالبا ما تظهر أعراض التوحد على الأطفال في غضون السنة الأولى. يحدث النمو بصورة طبيعية على ما يبدو بالنسبة لعدد قليل من الأطفال في السنة الأولى، ثم يمرون بفترة من الارتداد بين الشهرين الثامن عشر والرابع والعشرين من العمر عندما تظهر عليهم أعراض التوحد.
وفي حين لا يوجد علاج لاضطراب طيف التوحد، إلا أن العلاج المكثف المبكر قد يؤدي إلى إحداث فارق كبير في حياة العديد من الأطفال.
تظهر بعض علامات اضطراب طيف التوحد على الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل قلة الاتصال بالعين أو عدم الاستجابة لاسمهم أو عدم الاكتراث لمقدمي الرعاية. قد ينمو أطفال آخرون بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات القليلة الأولى من عمرهم، لكنهم يصبحون فجأة انطوائيين أو عدوانين أو يفقدون المهارات اللغوية التي قد اكتسبوها بالفعل. عادة ما تظهر العلامات عند عمر عامين.
من المرجح أن يكون لكل طفل يعاني من اضطراب طيف التوحد نمط فريد من السلوك ومستوى الخطورة، من الأداء المنخفض إلى الأداء العالي
من المرجح أن يكون لكل طفل يعاني من اضطراب طيف التوحد نمط فريد من السلوك ومستوى الخطورة، من الأداء المنخفض إلى الأداء العالي.
وفي خطوة واعدة أشارت دراسة جديدة إلى أن اتباع نظام غذائي صحي قبل الولادة قد يقلل من خطر الإصابة بالتوحد وصعوبات التواصل الاجتماعي لدى الأطفال بنسبة 22 في المئة. وتؤكد هذه النتائج أهمية اتباع نظام غذائي مغذ قبل الولادة. كما تسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى إجراء المزيد من التحقيقات حول دور التغذية قبل الولادة باعتبارها أحد مسببات مرض التوحد.
وقدمت الأبحاث الحديثة أدلة دامغة على أن اتباع نظام غذائي صحي قبل الولادة قد يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد وصعوبات التواصل الاجتماعي المرتبطة به لدى الأطفال.
وقام الباحثون بتحليل البيانات من دراستين موسعتين في النرويج والمملكة المتحدة، لدراسة التأثير المحتمل للتغذية التي تحصل عليها الأمهات على النتائج التنموية العصبية للأطفال.
استخدم الباحثون تحليل العوامل لاستنتاج نمط الغذاء الصحي قبل الولادة. ووجدوا أنه يتضمن تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضراوات والأسماك والمكسرات والحبوب الكاملة، وتناول كميات قليلة من اللحوم الحمراء والمصنعة والمشروبات الغازية والأطعمة الغنية بالدهون والكربوهيدرات المكررة.
واستخدمت الدراسة المعنية بيانات من مجموعتين كبيرتين من المشاركين المحتملين: دراسة مجموعة الأمهات والآباء والأطفال النرويجية ودراسة للأمهات والآباء والأطفال في المملكة المتحدة، وكان الهدف من البحث هو التحقيق في الارتباطات بين أنماط النظام الغذائي قبل الولادة، واحتمال تشخيص التوحد والسمات المرتبطة بالتوحد لدى الأطفال.
وشمل المشاركون 84548 زوجا من الأمهات والأطفال من مجموعة النرويج و11670 زوجا من المجموعة البريطانية.
وركز الباحثون على استهلاك الأم لنمط غذائي صحي أثناء الحمل، وتم تصنيف الالتزام بنظام غذائي صحي قبل الولادة إلى التزام بسيط ومتوسط ومنخفض.

وكانت نتائج الدراسة مبهرة. ففي المجموعة النرويجية، ارتبط الالتزام الكبير بنمط غذائي صحي قبل الولادة بانخفاض احتمالات تشخيص التوحد لدى الأطفال بنسبة 22 في المئة.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت كل من دراسات المجموعة النرويجية والمجموعة البريطانية أن اتباع نظام غذائي صحي قبل الولادة كان مرتبطا بانخفاض احتمالية مواجهة صعوبات التواصل الاجتماعي في سن 3 و8 سنوات.
وتساهم هذه النتائج في فهم متطور لأسباب مرض التوحد. وتشير الدراسة إلى أن التغذية قبل الولادة تلعب دورا حاسما في النمو العصبي وقد تؤثر على خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد. وقد أشارت الأبحاث السابقة إلى أن بعض العناصر الغذائية، مثل حمض الفوليك وفيتامين “د” وزيت السمك، مفيدة أثناء الحمل. وتوسع هذه الدراسة المنظور من خلال فحص الأنماط الغذائية الشاملة بدلا من التوصية بعناصر غذائية بعينها.
وتترتب على نتائج هذه الدراسة آثار مهمة على الصحة العامة والرعاية قبل الولادة. وتشير إلى أن تعزيز النظام الغذائي الصحي أثناء الحمل قد يكون إستراتيجية محتملة للحد من خطر الإصابة بطيف التوحد وتحسين نتائج النمو العصبي.
ويمكن أن تؤكد حملات الصحة العامة وبرامج رعاية ما قبل الولادة على أهمية اتباع نظام غذائي متوازن وغني.