التمر.. متعة أساسية على كل مائدة إفطار في السعودية
تتميز مناطق المملكة العربية السعودية بأصناف مختلفة من التمور تعكس التنوع الزراعي والتقاليد المحلية. المحتوى الغذائي الغني يجعل التمر مثاليًا بعد صيام يوم كامل.
جدة (السعودية) - من طبق الإفطار المتواضع إلى المهرجانات الكبرى، تعد التمور ضرورية للمطبخ السعودي والتقاليد الاجتماعية.
إن نكهتها الغنية وخصائصها المغذية وأهميتها التاريخية العميقة تجعلها جزءًا عزيزًا من رمضان والحياة اليومية للسعوديين والمسلمين في كل مكان.
تُقدم التمور بمفردها أو مع الكريمة أو السمن أو القهوة، وعادةً ما تكون أول قضمة يتم تناولها بعد يوم طويل من الصيام، وذلك وفقًا لسنة النبي محمد.
إن حلاوتها الطبيعية ومحتواها الغذائي الغني يجعلانها الخيار الأمثل لتجديد مستويات الطاقة في الجسم. تختلف تفضيلات المستهلكين للتمور عبر مناطق المملكة العربية السعودية، مما يعكس التنوع الزراعي والتقاليد المحلية.
في المنطقة الوسطى، هناك طلب مرتفع على التمور السكرية والمجدول، بينما في المنطقة الغربية، يفضل الناس عادةً أنواع الخضري والصفري والبرني. في المنطقة الشرقية، يتم استهلاك تمور الخلاص والبرجي الشهيرة في الأحساء على نطاق واسع.
ويختار سكان المنطقة الجنوبية في المقام الأول التمور السكرية والخلاص والصفري والبرني، في حين يميل سكان المنطقة الشمالية من البلاد إلى تفضيل تمور البرني والبرحي والحلوة.
تعتبر تمور العجوة من الأنواع الشائعة في جميع المناطق، حيث يسعى الكثيرون إلى اتباع السنة التي ورد فيها هذا الصنف.
وقال عبد الهادي الصقير، وهو مزارع ومستثمر مخضرم في مجال التمور من العلا، لـ”عرب نيوز” السعودية “تفضل المناطق المختلفة أنواعًا معينة من التمور بناءً على العوامل الزراعية والقيمة الغذائية.”
ويختار بعض المشترين التمور خصيصًا لإنتاج دبس التمر، بينما يفضل آخرون الأصناف ذات الرطوبة العالية لاستخدامها في تطبيقات معالجة وتسويقية مختلفة.
بالنسبة لبعض الناس، فإن اختيار صنف التمور المناسب هو تقليد شخصي. وقالت عبير الغامدي من جدة: “بالنسبة لي، في كل موسم رمضان نحدد يومًا لشراء التمور، من باب مكة والظاهري حيث يوجد تنوع كبير.
ومع ذلك، فإن تمور البرني هي المفضلة لدي ولا بد من شرائها خلال شهر رمضان. “يتميز هذا النوع بقوامه المثالي: ليس جافًا جدًا، وليس طريًا جدًا. أحصل عليه أحيانًا أيضًا من الأسواق المحلية في المدينة المنورة.”
تفضل نورا الرشيد من الرياض نوعًا مختلفًا، قائلة “تمور السكري هي المفضلة لدى عائلتي. إنها تشبه الكراميل بشكل طبيعي وتذوب في الفم. نقوم دائمًا بتخزينها من أسواق القصيم قبل بداية شهر رمضان. أحب الاستمتاع بها مع الطحينة والقهوة السعودية قبل وجبة الإفطار الرئيسية خلال شهر رمضان المبارك.”
مع اقتراب شهر رمضان، يزداد الطلب على التمور، مما يؤدي إلى زيادة توفرها في السوق وزيادة الأسعار.
قال الصقير “في طفولتي عملت جنبًا إلى جنب مع والدي في مزرعته، وطورت معه تقنيات زراعية مختلفة وطرق لحفظ المحصول وتسويقه. تعلمت منه كيفية العناية بأشجار النخيل وحصاد التمور وتخزينها بشكل صحيح لفترات طويلة. لقد شهدت تطور تخزين تمور البرني، من استخدام حاويات سعف النخيل في ذلك الوقت إلى علب معدنية، ثم دلاء بلاستيكية، وفي النهاية إلى معالجتها في مصانع متخصصة لمنتجات غذائية تعتمد على التمور. يعطي المزارعون الآن الأولوية للجودة على الكمية، ويعتنون بأشجار النخيل بعناية من خلال ضمان الري الأمثل والتسميد العضوي. تؤدي هذه الرعاية الدقيقة إلى تمور ذات حجم ممتاز ومذاق محسن، حيث تنتج كل نخلة محصولًا منظمًا بعناية.”
وأضاف “يستخدم العديد من المزارعين مياه الآبار العذبة للري إذا كان مصدر المياه الأساسي لديهم مرتفعًا في الملوحة أو المرارة. بالإضافة إلى ذلك، يستثمرون في التخزين البارد المتخصص للحفاظ على النضارة، ومنع التمور من الجفاف أو فقدان نكهتها.”
يمكن تناول التمور طازجة ولكنها أيضًا مكون في العديد من الأطباق التقليدية والحديثة. كما تستخدم في المشروبات والحلويات. وقال الصقير “يُنظر إلى التمور في رمضان على أنها مكون خاص جدًا في المطبخ التقليدي السعودي، لذلك يتم إقرانها بالأطعمة التقليدية مثل السمن والزبدة والسمسم البري والدخن والذرة.”
على الرغم من ارتباط التمر بشهر رمضان، إلا أنه يظل عنصرًا أساسيًا يوميًا في الأسر السعودية. وغالبًا ما يتم تقديمه مع القهوة كبادرة حسن ضيافة.
تحتفل العديد من مهرجانات التمور الشهيرة بأهمية الفاكهة في الثقافة السعودية في جميع أنحاء المملكة كل عام؛ بريدة وعنيزة والعلا. يتميز مهرجان العلا للتمور بإحياء الممارسة القديمة للشنة، وهي طريقة تقليدية لحفظ التمور من موسم الحصاد حتى رمضان.
لقد جعلت المناظر الطبيعية الزراعية الغنية في المملكة العربية السعودية رائدة في إنتاج التمور، حيث تزرع مناطقها المختلفة أصنافًا مميزة تعكس بيئات فريدة.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كرست المملكة العربية السعودية جهودها لرفع قيمة تمورها، محليًا ودوليًا. وقد أدى هذا الالتزام إلى إنشاء منظمات رئيسية مثل المركز الوطني للنخيل والتمور، والمجلس الدولي للتمور، الذي يضم 11 دولة منتجة للتمور.
مع أكثر من 33 مليون شجرة نخيل تمثل 27 في المئة من إجمالي التمور في العالم، و123 ألف مزرعة نخيل في جميع أنحاء المملكة، تعد المملكة العربية السعودية رائدة عالمية في زراعة التمور.
