تفكيك المغرب خلية داعش الساحل أنهى نواة للتنظيم المتطرف بالمملكة

سلا (المغرب) – كشف المغرب الاثنين عن تفاصيل جديدة حول مشروع خلية الفرع الافريقي لتنظيم الدولة الإسلامية التي جرى تفكيكها مؤخرا بعدد من المدن المغربية في ضربة أمنية استباقية ونوعية حالت دون تنفيذها اعتداءات خطيرة في المملكة.
ويأتي تفكيك ألغاز ما وصفته السلطات المغربية بأنه مشروع استراتيجي لولاية داعش الساحل في أراضي المملكة، بينما تتواصل عمليات تعقب امتدادات محتملة لتلك الخلية وأسلحتها ومصادر تسلحها.
وقال حبوب الشرقاوي مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية المختص بقضايا الإرهاب والجرائم الكبرى بالمغرب في مؤتمر صحفي بمقر المكتب في مدينة سلا، إن الأبحاث الأمنية الأولية تفيد بأن "أعضاء هذه الخلية الإرهابية كان لهم ارتباط وثيق بكوادر من لجنة العمليات الخارجية في فرع الدولة الإسلامية بالساحل، والذي كان يقوده المدعو أبوالوليد الصحراوي (الذي لقي حتفه)".
ويحيل ارتباط هذه الخلية بلجنة العمليات الخارجية لفرع التنظيم المتطرف بالساحل الى الفكرة التي تأسس عليها المشروع والذي يستمد جذوره من رؤية زعيم التنظيم المقبور الذي كان على ارتباط بجبهة بوليساريو الانفصالية.
وكان الحبيب ولد علي ولد سعيد ولد يماني المعروف باسم عدنان أبووليد الصحراوي أو الإدريسي الحبيب وهو مقاتل إسلامي صحراوي وأمير تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى قد قتل في أغسطس من العام 2021، لكن لا تزال أفكاره ملهمة للتنظيم المتطرف، بينما لم يكن القيادي الوحيد الذي كان له ارتباطات ببوليساريو قبل التحاقه بداعش.
وأقامت زعامته للتنظيم المتطرف في الصحراء الكبرى وتولي قادة صحراويين لمهام رفيعة في هياكل داعش الساحل، الدليل على البيئة الخصبة لتفريخ الإرهاب في مخيمات تندوف التي تديرها الجبهة الانفصالية بدعم من الجزائر.
وقال الشرقاوي إن "المشروع الإرهابي لأعضاء هذه الخلية حصل على مباركة تنظيم داعش بمنطقة الساحل، حيث توصلوا مؤخرا بشريط مصور يحرض على تنفيذ هذه العمليات وذلك إيذانا بانتقالهم للتنفيذ المادي للمخططات التخريبية".
وأوضح أن "خطورة هذه الخلية لا تكمن فقط في تعدد الأهداف التي تم تحديدها، بل أيضا في كونها كانت مشروعا استراتيجيا لولاية داعش بالساحل لإقامة فرع لها بالمملكة".
وأعلنت السلطات المغربية في الأسبوع الماضي توقيف نحو 12 شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما، قالت إنهم يشكلون "خلية إرهابية" كما كشفت عن ضبط شحنة من الأسلحة والذخيرة كانت مدفونة بمنطقة نائية بإقليم الرشيدية في جنوب المغرب.
وأشار الشرقاوي إلى أن الأجهزة الأمنية المغربية "فككت أزيد من 40 خلية لها ارتباطات مباشرة بالتنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، منها التي كانت متخصصة في إرسال المقاتلين المغاربة قصد تلقي تدريبات شبه عسكرية قبل العودة إلى أرض الوطن والانخراط في أعمال إرهابية، ومنها التي كانت تحت إشراف مباشر من أمراء الحرب التابعين لهذه التنظيمات".
وأظهرت الاختبارات التقنية على الأسلحة والذخيرة والمواد الكيماوية المحجوزة، أن أعضاء الخليتين الإرهابيتين بتامسنا ونواحي بوذنيب بعد تفكيكهما الأسبوع الماضي، عمدوا إلى طمس الرقم التسلسلي والوسم الخاص بكل منها وإعادة طلائها لإخفاء مصدرها.
وكشف رئيس القسم التقني وتدبير المخاطر بمديرية الشرطة القضائية عبدالرحمن اليوسفي علوي أن "الخبرة التقنية الأولية التي تم القيام بها على الأسلحة النارية والذخيرة المحصّل عليها "مازالت مستمرة، خصوصا الشق المتعلق باستظهار الوسم الخاص بكل منها، من أجل تنقيطها على مستوى قواعد البيانات الخاصة بالإنتربول".
وأوضح في مؤتمر صحفي نظمه المكتب المركزي للأبحاث القضائية الاثنين أن الهدف من الاختبارات التقنية كان "محاولة تحديد تسلسل حيازتها ومعرفة سوابقها الإجرامية المحتملة على المستوى الدولي"، مضيفا أن "الأسلحة النارية موضوع الخبرة مختلفة من حيث نوعها واستعمالها وكذلك من حيث خطورتها".
كما أكد أنه "تم محو الوسم الخاص بكل الأسلحة النارية التي تم حجزها، بنية إجرامية وبهدف إخفاء المعلومات المتعلقة بها، خصوصا أرقامها التسلسلية وتاريـخ وبلد صنعها واسم الشركة المصنعة حتى يصعب على المصالح الأمنية تحديد أصلها وتسلسل حيازتها على المستوى الدولي. كما تمت إعادة صباغة كل تلك الأسلحة النارية".
وقال أيضا إن عمليات التفتيش التي جرت بمنازل المشتبه بهم أفضت إلى حجز كميات من المواد الكيماوية على شكل مساحيق وسوائل مختلفة اللون والشكل وأسلحة مختلفة بعضها خاص بالاستخدام الحربي وأخرى خاصة بالاستخدام الأمني والعسكري وأخرى خاصة بالصيد وكلها في حالة جيدة.
مواد خطيرة وشديدة الانفجار
وأوضح المسؤول المغربي أن المواد الكيماوية "سواء تلك على شكل مساحيق أو مواد سائلة المضمنة بداخل طنجرة الضغط أو بداخل قنينات الغاز الثلاثة المعدلة وكذلك تلك التي حجزت بالأكياس والقنينات البلاستيكية، هي مواد كيميائية تدخل في تهيئة وصناعة العبوات المتفجرات التقليدية من قبيل العبوات المتفجرة الأساسية من نترات الأمونيوم وكذلكتي أي تي بي".
وقال إن هذه المادة "تعتبر في بعض الأحيان ومن المتفجرات الخطيرة والأكثر فتكا"، مضيفا أنه "من بين المواد التي تم تشخيصها على سبيل المثال لا الحصر: نترات الأمونيوم ومسحوق الكبريت وحمض الكلوريدريك وماء الأوكسجين".
وقدم شرحا تقنيا لاستخدامات بعض تلك المواد، موضحا أنه "تم اعتماد طنجرة للضغط وقنينات غاز معدلة كأوعية لاحتواء تلك المواد الكيماوية المتفجرة والتي تم حشو كل منها بمجموعة من المسامير الحديدية والتي تستخدم كشظايا، حتى تخلف العبوة أكبر عدد من الضحايا قتلى وجرحى، وفي الوقت نفسه حتى يخلف الانفجار دمارا كبيرا في الممتلكات".
وكشف عبدالرحمن اليوسفي علوي كذلك أن "عملية الإعداد وصلت إلى مراحل متقدمة جدا، إذ أن العبوات المتفجرة التقليدية الأربع، أي طنجرة الضغط والقنينات، موضوع الخبرة، هي عبوات متفجرة جاهزة للاستعمال ويمكن تفجيرها عن بعد".
كما أوضح أن المحجوز من المواد الكيماوية "مواد معدة في الأساس للاستعمال المدني في مختلف المجالات، لكن في بعض الأحيان، يتم تحويل استعمالها المدني إلى أهداف إجرامية وإرهابية وتخريبية والتي تم إجهاضها على غرار قضايا مماثلة سابقة".