كيف يمكن التعامل مع القلق الناتج عن التغير المناخي

برلين- لا عجب في أن الاحتباس الحراري والتغير المناخي يسببان موجة متزايدة من القلق بشأن المناخ. وتشمل قائمة التغير المناخي موجات حر أكثر قوة، وفترات جفاف أطول وتزايدا في معدل تكرار اندلاع حرائق الغابات وارتفاع منسوب مياه البحار وهطول الأمطار بصورة كبيرة ووقوع فيضانات وهبوب أعاصير قوية.
وقال سيباستيان كارل، وهو طبيب مساعد في المعهد المركزي للصحة العقلية في مانهايم بألمانيا، إن “القلق بشأن المناخ يعد شكلا من الضغط النفسي الناجم عن القلق بشأن المستقبل، مستقبل المرء والبشرية والكائنات الحية الأخرى. فهو يعدّ رد فعل منطقي على تصاعد الظواهر المناخية القوية.” وأضاف “يمكن القول إنه في حال لم يشعر المرء بهذا النوع من الشعور، فربما يكون ذلك لأنه ليس على دراية كافية بحجم الأزمات البيئية وقوتها”.
ويولد التدفق المستمر للأنباء بشأن الدمار البيئي، بالإضافة إلى الحروب والأمراض، شعورا بالقلق إلى جانب الشعور بعدم الأمان، وغالبا العجز وقلة الحيلة أيضا. وتتضاعف الأفكار السلبية، حيث يشعر المرء بالقلق بشأن التداعيات على مستقبله ومستقبل أطفاله وأحفاده.
الأطفال والبالغين في مرحلة حياتية تتسم بالهشاشة، وتكون سيطرتهم أقل على مشاعرهم مقارنة بالبالغين
وقال كارل إن شعورا معينا بالحزن ينتاب المرء من ذلك “الحزن إزاء الأماكن التي لم تعد كما كانت، والأمور التي كان يمكن للمرء القيام بها وأصبح الآن لا يستطيع أن يقوم بها، أو الحزن تجاه أمور ما ستتغير في المستقبل”.
وإذا كان لدى المرء انطباع بأن الحلول لأزمة التغير المناخي غير كافية، والساسة مختلفون بشأن ما يتعين فعله، فإنه ربما يشعر بالغضب واليأس. ولكن ماذا يتعين فعله لمواجهة القلق حيال المناخ؟
يتعين على المرء أن يقوم بتثقيف نفسه. ويمكن أن يؤدي تعزيز المعرفة بشأن التغير المناخي وأسبابه لظهور أساليب محتملة ويساعد المرء في تحديد خطوات إيجابية يمكن اتخاذها مثل تقليص استخدام البلاستيك واستخدام الدراجة بدلا من السيارة أو شراء الأطعمة الموسمية.
كما أن من الأمور المساعدة أن يتفهم المرء قلقه، مع إدراك وقبول أن أيّ مساهمة سوف تكون صغيرة بطبيعة الحال. وتعد ممارسة الرعاية الذاتية مهمة أيضا، ولتخفيف القلق، قم بأداء الأمور التي تستمتع بها.
كما أن من الأمور التي يمكن أن تخفف من حدة القلق لدى المرء مشاركة المخاوف، سواء مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو الزملاء في العمل أو زملاء المدرسة. وتقول كاثرينا فان برونسويك أخصائية الطب النفسي والمتحدثة باسم جمعية علماء النفس والمعالجين النفسيين من أجل المستقبل في ألمانيا “يمكن أن يساعد ذلك المرء على التعامل مع المخاوف نوعا ما على المستوى العاطفي بالإضافة إلى تبني توجه مختلف نحو المشاكل”.
القلق بشأن المناخ لا يعد اضطرابا عقليا، ولكنه رد فعل طبيعي، فإنه لا يتطلب علاجا. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحفز أو يساهم في تحفيز حدوث اضطرابات بالصحة العقلية
وأشارت برونسويك إلى وجود قوة في المشاركة، حيث أنه بذلك لن يشعر المرء بالوحدة، ويمكن لكل شخص دعم الآخر واستكشاف الحلول سويا. وأضافت “من أكبر الإيجابيات الإحساس بالشعور بالفاعلية الجماعية، والقدرة على إحداث فرق بالتعاون مع آخرين”.
ومن خلال المشاركة في مجموعة بيئية أو طلابية أو مجموعات أخرى، يمكن للمرء أن يقدم شيئا للبيئة ويصبح نشطا سياسيا. كما تمنح المشاركة في منظمات أو مبادرات مخصصة لحماية البيئة شعورا بالسيطرة والقدرة على الفعل، مما يساعد في التخفيف من الشعور بالقلق.
وعلى الرغم من أن الكثير من الأشخاص في الوقت الحالي، وخصوصا صغار السن، يشعرون بالقلق إزاء تداعيات الاحتباس الحراري والتغير المناخي، فإن القلق بشأن المناخ ليس بالأمر الجديد. فهذا الشعور يتواجد منذ أن بدأ الأشخاص إدراك ما الذي قد يعنيه التغير المناخي بالنسبة إليهم ولبقية العالم. وقال كارل “لكن أسباب القلق لم تكن واضحة على أرض الواقع منذ عدة عقود مثلما هي الآن”.
ويعاني معظم صغار السن من القلق بشأن المناخ لسببين. أولهما، أنهم سيكونون متواجدين لرؤية التداعيات السلبية للتغير المناخي عندما يتقدمون في العمر، وسيتعين عليهم التعامل معها. وتقول فان برونسويك “العبء الذي تحمله هذه المشاعر كبير للغاية بالنسبة إليهم لأن مستقبلهم على المحك”.
والسبب الثاني هو أن الأطفال والبالغين في مرحلة حياتية تتسم بالهشاشة، وتكون سيطرتهم أقل على مشاعرهم مقارنة بالبالغين.
ونظرا إلى أن القلق بشأن المناخ لا يعد اضطرابا عقليا، ولكنه رد فعل طبيعي، فإنه لا يتطلب علاجا. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحفز أو يساهم في تحفيز حدوث اضطرابات بالصحة العقلية. ولذلك، إذا شعر المرء أن حالته العقلية بدأت تؤثر على حياته اليومية، فإن خبراء الصحة ينصحون بالسعي للحصول على مساعدة متخصصة.