مهندسون سوريون في وادي السيليكون متفائلون بمستقبل بلادهم

سعي لإثبات أن الخبراء السوريين في مجال التكنولوجيا لديهم نفس الكفاءة التي يتمتع بها نظراؤهم الأجانب.
الثلاثاء 2025/02/18
الوطن في البال

دمشق - عبّر مهندسون سوريون يعملون في وادي السيليكون بالولايات المتحدة عن تفاؤلهم بمستقبل بلادهم ودور الشباب في إعادة بنائها، وأكدوا أهمية الاستثمار في العقول الشابة بقطاع التكنولوجيا للنهوض بسوريا.

وعلى هامش مشاركتهم في مؤتمر تقني في دمشق، شدد المهندسون العاملون بوادي السيليكون (المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا)، على أهمية قطاع التكنولوجيا، ودور الشباب في تحقيق التنمية وبناء مستقبل سوريا.

وقال محمود النحلاوي، خبير الذكاء الاصطناعي لدى شركة غوغل، إنه من مواليد دمشق، وإنه هاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة عام 1969.

وأوضح النحلاوي أنه درس علوم الكمبيوتر في جامعة ميشيغان الأميركية، ويعمل حاليا في شركة غوغل  في مجال الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أنه عمل سابقا في محركات البحث “غوغل سيرش”، بالإضافة إلى أبل وياهو وعدد من الشركات الأخرى. وأضاف النحلاوي أن هذه هي الزيارة الأولى له إلى سوريا منذ عام 2011، معربا عن سعادته البالغة بالالتقاء بالشباب السوري خلال المؤتمر.

وفي معرض وصفه للمؤتمر التقني الذي جرى تنظيمه في دمشق، قال النحلاوي “شاركت في العديد من المؤتمرات سابقا، لكن مؤتمر دمشق كان أشبه باجتماع عائلي موسع، الجميع كان يتعامل كأنهم أفراد من عائلة واحدة لم يلتقوا منذ زمن بعيد (..) لدينا حلم مشترك يتمثل في بناء مستقبل سوريا.”

باسل عجة: العقوبات الدولية هي العائق الأكبر، لا يوجد سبب حقيقي لاستمرار العقوبات في الوقت الحالي

ونوّه النحلاوي بأن الشباب السوري لديه رغبة حقيقية في تطوير نفسه. وأكد “إذا أُتيحت لشباب سوريا الفرصة، فسيكونون قادرين على إفادة أنفسهم وبلادهم.”

وبشأن أهمية الذكاء الاصطناعي واستخداماته، قال النحلاوي “أنا أعمل في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي لأغراض متعددة، ويمكن استخدامه لدعم من يعانون من اضطرابات نفسية ناجمة عن الحرب.”

وتابع “لدينا اليوم أنظمة تُعرف باسم ‘العملاء الأذكياء’ ويمكن لهذه التقنيات مساعدة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الرؤية أو السمع أو الحركة، وهذا أحد المجالات التي أعمل فيها.”

ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا مهما في الكشف عن الألغام غير المنفجرة وإزالتها، وهي إحدى المخاطر التي تسببت في معاناة المدنيين خلال سنوات الحرب، حسب المصدر نفسه.

وأكد على ضرورة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات، لاسيما في مجالي الزراعة والتعليم.

وأوضح أن التعليم أصبح أكثر تخصيصا، وأن الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل كميات هائلة من المعلومات، ما يمكّن الطلاب من التعلم بطريقة أكثر فعالية حتى خارج إطار الجامعات.

وأشار إلى وجود العديد من الشباب السوريين الذين يسعون لتطوير أنفسهم خارج أسوار الجامعات، وأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مفيدة لهم في هذا المجال.

وفي ما يخص التزامهم بدعم الشباب السوري، قال “سنواصل تنظيم مؤتمرات لربط المجتمع السوري بالخبراء العالميين في مجال التكنولوجيا. سنبني مستقبلا مشرقا لسوريا، أرى فرصا هائلة للتنمية في البلاد.”

أما باسل عجة، وهو رجل أعمال سوري يعيش في الولايات المتحدة منذ 42 عاما، فقال إن “سوريا عاشت لعقود تحت وطأة القمع الذي فرضه النظام المخلوع.” وأضاف عجة، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة “ليغا داتا”، أن القمع الذي مارسه نظام الأسد لم يبدأ منذ 14 عاما، بل امتد على مدار 54 عاما.

أهمية الاستفادة من التجارب الناجحة للسوريين حول العالم، خاصة بعد أن أثبت السوريين نجاحهم في العديد من البلدان

وتابع “في الماضي، عندما كنا نعود إلى بلادنا، لم نكن نشعر أن هذا المكان لنا. كنا نشعر وكأن شخصا آخر قد سرق منا وطننا.” وأردف “لم نكن نرى أي فرص اقتصادية حقيقية، لأن أي شخص كان يريد أن يعمل في تلك الفترة كان عليه أن يبيع مبادئه وروحه للنظام.”

وأشار عجة إلى أن “الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد أثرت على السوريين بشدة، إلا أن الغالبية العظمى من الشعب لم تكن قادرة على فعل شيء، خاصة أولئك الذين لديهم عائلات تعيش في سوريا.” وأضاف أنه كان يزور دمشق في الماضي فقط لرؤية عائلته وأصدقائه.

وفي محاولة منه لدعم بلاده، قال إنه “شارك في إنشاء مقهى في وادي السيليكون لجمع مختلف الشخصيات السورية العاملة في قطاع التكنولوجيا هناك.”

كما أوضح عجة أن انتصار الثورة السورية دفعهم إلى تقديم الدعم للسوريين، قائلا “المبرمجون والخبراء في مجال التكنولوجيا في سوريا يتمتعون بكفاءة عالية، وعندما قررنا تنظيم مؤتمر تقني في سوريا، كنا نعتقد أن المؤتمر سيجري بمشاركة 50 إلى 60 شخصا فقط، لكننا فوجئنا بحضور مشاركين من السويد وألمانيا وكندا وفرنسا وتركيا. جميعهم كانوا سوريين بالطبع، لكن هذا الحضور الكبير كان مفاجئا لنا.”

وأكد أنهم يسعون لإثبات أن الخبراء السوريين في مجال التكنولوجيا لديهم نفس الكفاءة التي يتمتع بها نظراؤهم الفرنسيون واليابانيون والصينيون والهنود. كما تحدث عجة عن زيارته لمنازل طلاب سوريين في دمشق، موضحا أنه تأثر بشدة بمهاراتهم وقصص النجاح التي يسطرونها رغم جميع التحديات الاقتصادية والتقنية.

وأضاف أن لديه تفاؤلا بمستقبل سوريا في مجال التكنولوجيا، قائلا “المبرمجون السوريون مجتهدون للغاية. إذا أُتيحت لهم الفرصة، فسيحققون تقدما هائلا. على المدى الطويل، قد يصبح الوضع الحالي في سوريا فرصة لتحقيق قفزة نوعية عبر تحقيق التعاون.” وشدد عجة على أهمية الاستفادة من التجارب الناجحة للسوريين حول العالم، مشيرا إلى أن السوريين أثبتوا نجاحهم في العديد من البلدان.

وبشأن التحديات التي تعيق بناء مستقبل سوريا، قال عجة “نواجه مشكلات مثل انقطاع التيار الكهربائي وضعف الإنترنت.” وأضاف أن “العقوبات الدولية هي العائق الأكبر، لا يوجد سبب حقيقي لاستمرار العقوبات في الوقت الحالي.” وتابع “لقد كانت العقوبات موجهة ضد حكومة بعينها، وهذه الحكومة لم تعد موجودة، إذا، لماذا لم يتم رفع العقوبات حتى الآن؟”

16