القطط تؤثث معرض الحضارة المصرية في شانغهاي

فكرة دمج القطط في هذا المعرض تجعل من زيارة معرض “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” تجربة غامرة تجمع بين التاريخ والروحانية.
السبت 2025/02/15
مكانة خاصة للقطط في مصر القديمة

فكرة دمج القطط في هذا المعرض تجعل من زيارة معرض “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” في شانغهاي تجربة غامرة، تجمع بين التاريخ والروحانية، وتوفر للزوار فرصة للتفاعل مع عالم الفراعنة بطريقة جديدة وفريدة.

شانغهاي (الصين) - في خطوة غير مسبوقة، يتواصل معرض “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” في متحف شانغهاي، الذي يسلط الضوء على الحضارة المصرية القديمة من خلال عروض ومبادرات مبتكرة. المعرض الذي افتتح في يوليو 2024 ويستمر حتى أغسطس 2025، ليس مجرد عرض تقليدي للقطع الأثرية، بل هو مزيج فريد من التراث الثقافي والإبداع المعاصر، مع التركيز على أدوار القطط في الحضارة المصرية، مما يخلق رابطا بين الماضي والحاضر.

أشار لي فنغ، نائب مدير متحف شانغهاي، إلى أن المعرض يمثل نموذجا للإبداع الثقافي الكبير بمعناه الواسع. وأضاف أن المعرض يتجاوز المفهوم التقليدي الذي يقتصر على عرض المنتجات الثقافية والمعروضات فقط، حيث يُقدّم تجربة متكاملة تدمج المنتجات الثقافية مع الأنشطة الإبداعية المبتكرة.

في إطار سعيه لإثراء تجربة الزوار، ركز متحف شانغهاي على موضوع القطط، الذي كانت له مكانة خاصة في مصر القديمة. فالقطط لم تكن مجرد حيوانات أليفة، بل كانت لها علاقة عميقة بالآلهة المصرية.

كان المصريون القدماء يعبدون الإلهة “باستيت”، وهي إلهة الحماية والروحانية التي كانت تجسد على هيئة قطة. وعُرفت القطط في مصر القديمة باسم “ماو”، وكان المصريون يعتقدون أن القطة تحمل خصائص مقدسة، خاصة في حماية المنازل والمحاصيل.

وفي المعرض، يُسمح للزوار الذين يحضرون فعاليات خاصة، مثل “ليلة القطط الساحرة”، باصطحاب قططهم الأليفة معهم لتجربة تفاعلية تجمع بين التاريخ والحياة المعاصرة. هذه الفعالية، التي يتم تنظيمها في ليالي السبت، توفر تجربة مشاهدة غامرة حيث يتفاعل الزوار مع شخصيات تاريخية مثل توت عنخ آمون ورمسيس الثاني.

◙ القطط في هذه الفعاليات تتمتع بحرية التفاعل مع بعض أجزاء المعرض مثل قسم “أسرار سقارة” الذي يبرز عبادة القطط في مصر القديمة

من بين الأنشطة الأكثر جذبا للزوار كان النشاط التمثيلي التفاعلي “سر سقارة – مهرجان إلهة القطط الأخير”، الذي يتيح للجمهور فرصة التفاعل مع آثار مصرية قديمة تتعلق بالإلهة باستيت. تم اكتشاف آثار للإلهة القطة في موقع سقارة بمصر، وكان المصريون القدماء يُحرمون قتل القطط، ويُعتبر القتل خطيئة كبيرة.

ووفقا لكتاب “معجم أعلام الأساطير والخرافات في المعتقدات القديمة” للباحث طلال محمود حرب، فإن الإلهة باستيت جسدت على شكل قطة وربطت باللبؤة “أنثى الأسد” أيضا قبل ارتباطها بالقطة الأليفة، وكان الفراعنة المصريون يمتنعون خلال الاحتفالات بالإلهة باستيت، عن صيد الأسود والقطط ويعتبرون ذلك دنسا وخطيئة في هذا الوقت.

قام المصري القديم بتربيتها في البيوت، وعند موتها كان يحنطها مثلما يحنط موتاه، وكان قتل القطة خارج مكان العبادة من غير الكهنة جريمة قد يعاقب عليها من يقوم بذلك عقوبة شديدة.

يحكي مؤرخون عن قصة رجل روماني قتل قطة في مصر بالخطأ، فانقض عليه الناس وقتلوه، على الرغم من أن الملك شخصيا تدخل محاولا إنقاذه (خوفا من احتمالية انهيار العلاقات الدبلوماسية مع روما والدخول في حرب معها) ولكن الناس لم يبالوا بمخاوف الملك ولا باحتمالية الحرب.

تتمتع القطط في هذه الفعاليات بحرية التفاعل مع بعض أجزاء المعرض، مثل قسم “أسرار سقارة”، الذي يبرز عبادة القطط في مصر القديمة وعلاقتها بالمجتمع المصري. ويستمتع الزوار أيضا بالتفاعل مع القطط الأليفة أثناء مشاهدة قطع أثرية تاريخية مهمة مثل تلك التي تم اكتشافها في موقع بوباستيون بسقارة.

يتناغم الاهتمام بالقطط في المعرض مع العادات الثقافية الصينية، حيث تُعتبر القطط في الصين رموزا للخصوبة والحماية الروحية. كما أن القطط تحتل مكانة هامة في العديد من الثقافات الآسيوية الأخرى، مثل اليابان والهند. في هذا السياق، قال تشو شياو بوه أمين المتحف إن عبادة باستيت تجاوزت حدود الزمان والمكان، وهو ما يتماشى مع حب الشعب الصيني للقطط.

ومع تشجيع الزوار على إحضار قططهم معهم إلى المعرض، يلتزم المتحف بإجراءات صحية صارمة لضمان سلامة القطط والزوار على حد سواء. يتم فحص القطط عند الدخول للتأكد من حصولها على التطعيمات اللازمة، ويوجد أطباء بيطريون في الموقع لضمان راحة القطط.

وأعربت الزائرة تشيو جيا كاي عن سعادتها بتجربة “ليلة المواء”، وقالت “من الرائع أن أتمكن من إحضار قطتي إلى المعرض. شعرت بأنها فرصة لربط قطتي بأسلافها من القطط المستأنسة في مصر القديمة.” وفي هذه الفعاليات، يقتصر العدد المسموح به من القطط على 200 قطة لكل ليلة، مما يضمن تجربة خاصة ومريحة للزوار وقططهم.

18