تحديد نوع جديد من اضطرابات تخثر الدم

اضطراب تخثر نادر لكنه شديد يحمل تشابها مع نقص الصفيحات المناعي.
الجمعة 2025/02/14
تلقي جرعات من مميعات الدم لا يمنع تجلطه

اكتشف باحثون كنديون نوعا جديدا من اضطرابات تخثر الدم، أطلقوا عليه اسم اعتلال غاما أحادي النسيلة ذي الأهمية الخثارية وسيمكن هذا الاكتشاف من علاج المرضى الذين يعانون من تخثر دم غير مبرر أو متكرر كما أن تشخيصه بدقة قد يساعد في تطوير إستراتيجيات علاجية أكثر فاعلية تتجاوز مضادات التخثر التقليدية.

ماكماستر (كندا) ـ توصل فريق من الباحثين في جامعة ماكماستر إلى اكتشاف جديد يوضح سبب استمرار تخثر الدم العفوي وغير المعتاد لدى بعض المرضى، رغم تلقيهم جرعات كاملة من مميعات الدم.

ومن المتوقع أن يؤثر هذا الاكتشاف على طرق التشخيص الطبية وعلاج المرضى الذين يعانون من تخثر دم غير مبرر أو متكرر، ما قد يحسّن نتائج العلاج. وكشف الباحثون أن الاضطراب المكتشف حديثا يحمل تشابها مع نقص الصفيحات المناعي الناجم عن اللقاح (في إي تي تي)، وهو اضطراب تخثر نادر لكنه شديد، ظهر سابقا لدى بعض متلقي لقاحات “كوفيد-19” التي تم وقف استخدامها.

وأظهرت الدراسة أن بعض المرضى قد يصابون بتخثر دموي حاد نتيجة وجود أجسام مضادة مشابهة لتلك المرتبطة بـ (في إي تي تي)، حتى في غياب المحفزات المعروفة لهذه الأجسام المضادة، مثل مميعات الدم (الهيبارين) أو التطعيم السابق.

وأطلق الباحثون على الاضطراب الجديد اسم “اعتلال غاما أحادي النسيلة ذو الأهمية الخثارية (ام جي تي تي اس) بسبب تشابهه مع (في إي تي تي).

وأوضح الدكتور ثيودور (تيد) واركنتين، المعد المشارك الأول للدراسة وأستاذ علم الأمراض والطب الجزيئي بجامعة ماكماستر، أهمية التعرف على هذا الاضطراب الجديد، مؤكدا أن تشخيصه بدقة قد يساعد في تطوير استراتيجيات علاجية أكثر فاعلية تتجاوز مضادات التخثر التقليدية.

وأجريت الاختبارات المتخصصة في مختبر مناعة الصفائح الدموية بجامعة ماكماستر، وهو المختبر الوحيد في كندا الذي يمتلك جميع الفحوص اللازمة لتوصيف الأجسام المضادة المشابهة لـ(في إي تي تي) التي تستهدف بروتين (بي اف 4) أي أن هناك أجساما مضادة في الجهاز المناعي تتصرف بطريقة مشابهة لتلك التي تظهر في نقص الصفيحات المناعي الناجم عن اللقاح (في إي تي تي)، حيث ترتبط هذه الأجسام المضادة ببروتين (بي اف 4) الموجود على الصفائح الدموية.

وأظهرت التحليلات أن المرضى الذين يعانون من هذا الاضطراب لديهم بروتينات إم (أحادية النسيلة)، والتي تعد مؤشرا على اضطرابات الخلايا البلازمية، إلى جانب استمرار استجابة مشابهة لـ(في إي تي تي)  لمدة لا تقل عن 12 شهرا، وهو أمر غير مألوف لمعظم الأجسام المضادة لبروتين (بي اف 4)، ما يشير إلى وجود اضطراب مستمر وليس مجرد خلل مؤقت.

◙ هذا الاكتشاف سوف يؤثر على طرق التشخيص الطبية وعلاج المرضى الذين يعانون من تخثر دم غير مبرر أو متكرر

وأكد الدكتور إسحاق نازي، المعد المشارك الرئيسي للدراسة والمدير العلمي لمختبر مناعة الصفائح الدموية بجامعة ماكماستر، أن هذه النتائج تسلط الضوء على قدرة الأبحاث الجزيئية والكيميائية الحيوية على كشف آليات المرض، ما يتيح تشخيصا أكثر دقة وعلاجات مبتكرة حتى للأمراض غير المعروفة سابقا.

وأظهرت الدراسة أن المرضى لم يستجيبوا للعلاج التقليدي بمميعات الدم، لكنهم أظهروا تحسنا مع علاجات بديلة مثل “غلوبولين” المناعي الوريدي بجرعات عالية، ومثبطات بروتون تيروزين كيناز (إبروتينيب)، والعلاجات التي تستهدف الخلايا البلازمية المستخدمة في علاج الورم النقوي المتعدد.

شارك في الدراسة باحثون من كندا ونيوزيلندا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، حيث تم جمع بيانات من 5 مرضى خضعوا للعلاج في هذه الدول.

وفرط التخثر، هي حالة تتكون فيها جلطات الدم بسرعة كبيرة، تؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ويمكن أن تؤدي هذه المشكلة الطبية إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا تُركت دون علاج. ويشير الخبراء إلى أن فهم أسباب فرط التخثر وأعراضه هو حجر الأساس للكشف المبكر عنه وإدارته بشكل صحيح.

وفي حين أن تخثر الدم الروتيني ضروري لوقف النزيف والحفاظ على تخثر الدم، فإن فرط التخثر يصف عملية تخثر مبالغ فيها. يمكن أن تؤدي هذه الحالة المرضية إلى تكوين الجلطات، أو جلطات الدم، في الشرايين والعروق.

وتختلف أعراض فرط التخثر وتعتمد على مكان تشكل جلطات الدم في الجسم، فقد يعاني الأفراد من ألم في الصدر وصعوبة في التنفس وعدم الراحة في الجزء العلوي من الجسم، مما يشير إلى احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو انسداد رئوي، إذا كانت الجلطات في القلب أو الرئتين.

يمكن أن تسبب جلطات المخ الصداع وتغيرات في الكلام وشلل، مما يشير إلى احتمالية حدوث سكتة دماغية. ويمكن أن تؤدي الجلطات في الساقين إلى الألم والاحمرار والدفء والتورم، مما يشير إلى الإصابة بجلطة الأوردة العميقة أو مرض الشرايين الطرفية.

ويمكن أن تؤدي جلطات الكلى إلى انخفاض التبول، ووجود دم في البول وآلام أسفل الظهر. ويمكن أن تسبب الجلطات البطنية الألم والغثيان والقيء.

وتشمل الأسباب الوراثية طفرات مثل عامل لايدن الخامس، وطفرة جين البروثرومبين، ونقص البروتينات “سي” و”أس” أو مضاد الثرومبين تؤثر هذه الاضطرابات الوراثية على التوازن بين العوامل المسببة للتخثر وعوامل التخثر المضادة.

والأسباب المكتسبة لفرط تخثر الدم هي الأكثر شيوعًا وتشمل السرطان والسمنة والحمل والجراحة الكبرى وعدم الحركة لفترات طويلة وبعض الأدوية.

ويمكن أن يؤدي فرط تخثر الدم إلى مشاكل صحية خطيرة. فقد تتطور جلطات الدم في الشرايين أو الأوردة، مما يسبب مضاعفات تهدد الحياة، مثل: في القلب، يمكن للجلطات أن تؤدي إلى حدوث نوبة قلبية، أما في الدماغ، فقد تؤدي إلى حدوث سكتة دماغية.

وفي حالة الانسداد الرئوي تنتقل الجلطة إلى الرئتين، مما قد يسبب صعوبات شديدة في التنفس.

◙ يمكن أن تسبب جلطات المخ الصداع وتغيرات في الكلام وشلل، مما يشير إلى احتمالية حدوث سكتة دماغية

أما تخثر الأوردة العميقة فغالبا ما يكون في الساقين، ويمكن أن يسبب الألم والتورم. وقد يؤدي فرط التخثر عند النساء الحوامل إلى الإجهاض أو ولادة طفل ميت.

والفشل الكلوي هو نتيجة محتملة أخرى إذا كانت الجلطات تعيق تدفق الدم إلى الكلى. ويمكن أن تتطور متلازمة ما بعد الجلطة بعد الإصابة بجلطة الأوردة العميقة، مما يسبب الألم المزمن والتورم.

ويتم تشخيص فرط تخثر الدم عبر التاريخ الطبي وتحليل الدم. ويقوم الأطباء بتقييم التاريخ الطبي الشخصي والعائلي بدقة لتشخيص فرط تخثر الدم. ويبحثون عن عوامل الخطر مثل التاريخ العائلي لتخثر الدم غير الطبيعي، أو الجلطات في سن مبكرة، أو الجلطات في أماكن غير معتادة.

الهدف الرئيسي من علاجات فرط التخثر هو منع تكوّن جلطات الدم وإدارة الجلطات الموجودة.

وتعتبر أدوية منع التخثر هي الخيار العلاجي الأساسي، والمعروفة باسم مميعات الدم. وتقلل هذه الأدوية من قدرة الجسم على تكوين جلطات جديدة وتمنع الجلطات الموجودة من النمو. وقد يصف الأطباء مضادات تخثر مختلفة، بما في ذلك الهيبارين والوارفارين ومضادات التخثر الفموية المباشرة.  ويعمل الهيبارين، الذي يتم إعطاؤه عن طريق الوريد أو عن طريق الحقن، بسرعة وغالبًا ما يستخدم في المستشفيات. ويتداخل الوارفارين، الذي يتم تناوله عن طريق الفم، مع إنتاج فيتامين “كيو” ويتطلب مراقبة دم منتظمة. تقدم مضادات التخثر الفموية المباشرة تأثيرات أكثر قابلية للتنبؤ ولا تحتاج إلى مراقبة روتينية.

16