أساليب جديدة لتقليل تأثير أدوية العلاج الكيميائي على الخلايا السليمة

تبريد اليدين والقدمين لإغلاق الأوعية الدموية ينقص مفعول العلاج الكيميائي.
الاثنين 2025/02/10
العلاج الموجه يقلل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي

يسبب العلاج الكيميائي آثارا جانبية لمرضى السرطان منها هشاشة الأسنان وحرقة في الفم وتقرحات تجعلهم غير قادرين على الأكل أو النطق، إضافة إلى تساقط الشعر. ويسعى الأطباء إلى تقليل فاعلية العلاج الكيميائي تجنبا لتلك الآثار الجانبية، ويوصون بضرورة إعلام الأطباء المباشرين لحالات المرضى، بتلقيهم لعلاج كيميائي حتى يتخذوا الإجراءات اللازمة على غرار تفادي الجراحة في الفم.

تونس - يعمل العلماء على تقليل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، بما فيها تساقط الشعر.

وشهد مجال طب الأورام في السنوات الأخيرة تطورا في أساليب العلاج الدوائي بشكل نشط، بما فيها العمل على ابتكار أدوية جديدة للعلاج المستهدف والعلاج بالنويدات المشعة التي تسمح بالتأثير بدقة عالية على الخلايا السرطانية، ما يقلل من الضرر الذي يلحق بالأنسجة السليمة.

وتجري مثل هذه البحوث والدراسات باستمرار. وكما هو معروف للعلاج الكيميائي، على الرغم من فعاليته في مكافحة الخلايا الخبيثة، العديد من الآثار الجانبية مثل تساقط الشعر والغثيان والتعب، وكبح نشاط منظومة المناعة.

وخلال المنتدى الـ11 للجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي قدم أطباء مختصون، جملة من التوصيات الصحية لتفادي التأثيرات الجانبية للعلاج الكيميائي على صحة مرضى السرطان، وخاصة على صحة الأسنان والجلد لدى مرضى سرطان الثدي، مؤكدين ضرورة اتباع عدة نصائح وقائية قبل البدء في مرحلة العلاج الكيميائي وخلالها.

وأوضحت طبيبة الأسنان بالمستشفى العسكري بتونس هند ورتاني، في محاضرة لها حول مضاعفات العلاج الكيميائي على صحة الفم والأسنان، أنه يتعين على مرضى السرطان أو المتعافين منه إعلام الأطباء المباشرين لحالاتهم، بتلقيهم لعلاج كيميائي حتى يتخذ الطبيب الإجراءات اللازمة على غرار تفادي الجراحة في الفم بسبب هشاشة الأسنان الناتجة عن أدوية العلاج الكيميائي.

مرضى السرطان يعانون من انخفاض الكريات الحمراء والبيضاء وبالتالي تتأثر الأسنان ويشعرون بحرقة في الفم

وفسرت أن مرضى السرطان يعانون في عد ة حالات من انخفاض الكريات الحمراء والبيضاء وبالتالي تتأثر الأسنان ويشعر المريض عند تلقيه للعلاج الكيميائي بحرقة في الفم وتقرحات تجعله غير قادر على الأكل أو النطق أو تسوس بعد مرحلة العلاج وسقوط بعض الأسنان، موصية بأهمية المحافظة على نظافة الفم بانتظام وشرب كميات كافية من الماء واتباع حمية غذائية سليمة.

من جهتها، قدمت المختصة في أمراض الجلد بمستشفى شارل نيكول سمية قارة محاضرة حول سبل الوقاية من الآثار الجانية لعلاجات سرطان الثدي على الجلد واليدين والقدمين، أشارت فيها إلى مضاعفات العلاج الكيميائي على الجلد وخاصة على اليدين والقدمين، والمتمثلة في تقرحات والتهابات وانتفاخات واحمرار وتقشر وتيبس الجلد.

وأوصت باتباع نصائح وقائية عند تلقي العلاج الكيميائي وقبله لتخفيف وطأة هذه الأعراض، ومنها تبريد اليدين والقدمين لإغلاق الأوعية الدموية وإنقاص مفعول العلاج الكيميائي بها والحرص بعد حصص العلاج على غسل اليدين والقدمين دون استخدام المعقمات وعلاج الفطريات باليدين والقدمين وترطيبها بمراهم قبل مرحلة العلاج.

من ناحيته، أكد المختص في جراحة الأورام ورئيس الجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي خالد الرحال ضرورة التقصي المبكر لاسيما مع انتشار سرطان الثدي في تونس الذي يمثل 30 في المئة من جملة السرطانات التي تصيب النساء، مشيرا إلى أن تونس تسجل سنويا أكثر من 4 آلاف حالة إصابة جديدة بسرطان الثدي.

وأشار إلى أن التشخيص المبكر والتفطن إلى المرض في مرحلة الصفر يجنب المرأة المرور ببروتوكول علاجي طويل وتكون نسبة الشفاء منه 100 في المئة.

واعتبر أن الجراحة تلعب دورا هاما في الشفاء وفي استكمال بقية مراحل العلاج، مبينا أن العلاج بالأشعة يعد نصف العلاج لاسيما مع تطوره وظهور تقنيات وآلات مستحدثة تساهم في التقليص من عدد الحصص العلاجية من 20 إلى 15 حصة، وذلك قصد استهداف الأنسجة المريضة والحفاظ على الأنسجة السليمة.

كما تحدث عن تعدد العلاجات بالأدوية للأمراض السرطانية، ومنها العلاج الهرموني و”العلاج الكيميائي الذي يبقى مفيدا جدا رغم آثاره الجانبية والعلاج المناعي الذي يصعب توفيره لغلاء ثمنه والعلاج الهادف الذي صار من الممكن استعماله بعد تراجع أسعاره على مستوى العالم”، وفق تصريحه.

وبالإضافة إلى ذلك تدرس طرق وأساليب جديدة لتقليل تأثير أدوية العلاج الكيميائي على الخلايا السليمة. وهذه الطرق والتقنيات الجديدة يجب أن تخضع لاختبارات وتجارب عديدة بما فيها الاختبارات السريرية، قبل استخدامها في الممارسة الطبية.

أدت التطورات في التكنولوجيا الطبية إلى زيادة هائلة في تطوير وتوافر علاجات جديدة للسرطان. وينطوي علاج السرطان على إستراتيجيات مختلفة، مثل العلاج الكيميائي، والجراحة، والعلاج الإشعاعي، وفي الآونة الأخيرة، العلاجات المستهدفة، مثل استخدام العلاجات القائمة على النويدات المشعة المستخدمة في الطب النووي. والعلاج الإشعاعي الخارجي بالإشعاع المؤين هو العلاج الإشعاعي الأكثر استخداما لمرضى السرطان. وفي هذا النهج، يجري التعامل مع الورم الرئيسي ومنطقة محدودة حوله من خلال التشعيع بالأشعة السينية عالية الطاقة.

وهناك خيار علاج آخر متاح لأنواع معينة من السرطان هو استخدام العلاج بالنويدات المشعة المستهدفة، الذي يقوم على إعطاء المواد المشعة للمرضى. وهذا العلاج هو علاج عام، يشبه تماما العلاج الكيميائي، حيث يصل إلى الخلايا في جميع أنحاء الجسم عن طريق الانتقال خلال مجرى الدم. ومع ذلك، خلافا للعلاج الكيميائي، تستهدف هذه المواد المشعة الخلايا المريضة تحديدا، وبالتالي تقلل الآثار الجانبية المحتملة، وهو ما يعرف بالعلاج الكيميائي الموجه.

تقنيات العلاج تختلف وتتطور
تقنيات العلاج تختلف وتتطور

والعلاج الكيميائي الموجه هو نهج متخصص لعلاج السرطان يهدف إلى تقليل الآثار الجانبية وزيادة الفعالية. على عكس العلاج الكيميائي التقليدي، الذي يتضمن استخدام الأدوية التي تقتل الخلايا السرطانية والسليمة.

ويستهدف العلاج الكيميائي الموجه على وجه التحديد الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الخلايا السليمة. ويتم تحقيق هذه الدقة من خلال تحديد جزيئات أو بروتينات معينة موجودة على سطح الخلايا السرطانية وتطوير الأدوية التي يمكن أن ترتبط بشكل انتقائي بهذه الأهداف.

تكمن فعالية العلاج الكيميائي الموجه في قدرته على تعطيل نمو الخلايا السرطانية وبقائها دون التسبب في ضرر كبير للخلايا الطبيعية. ومن خلال استهداف جزيئات أو بروتينات معينة ضرورية لنمو السرطان وتطوره، يمكن أن تتداخل هذه الأدوية مع مسارات الإشارات التي تعزز تكاثر الخلايا السرطانية. وهذا النهج المستهدف لا يقلل فقط من خطر تلف الأنسجة السليمة ولكن أيضا يعزز الفعالية الشاملة للعلاج.

بالإضافة إلى تقليل الآثار الجانبية، يوفر العلاج الكيميائي الموجه مزايا أخرى على العلاج الكيميائي التقليدي، يسمح بخطط علاج شخصية مصممة خصيصا للخصائص المحددة لسرطان كل مريض. من خلال تحليل الملف الجيني والجزيئي للورم، يمكن لأطباء الأورام تحديد أنسب أدوية العلاج الكيميائي المستهدفة لإدارتها. ويزيد هذا النهج الفردي من احتمالية الاستجابة الإيجابية للعلاج ويحسن نتائج المرضى.

وإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام العلاج الكيميائي الموجه مع علاجات السرطان الأخرى، مثل الجراحة والعلاج الإشعاعي والعلاج المناعي. ويمكن لهذا النهج متعدد الوسائط أن يعزز الفعالية الكلية للعلاج من خلال استهداف الخلايا السرطانية من زوايا مختلفة وتقليل مخاطر المقاومة.

ويمثل العلاج الكيميائي الموجه تقدما كبيرا في علاج السرطان. من خلال استهداف الخلايا السرطانية بشكل انتقائي وتجنيب الخلايا السليمة، فإنه يوفر إمكانية تقليل الآثار الجانبية وزيادة فعالية العلاج. مع الأبحاث والتطورات المستمرة في البيولوجيا الجزيئية، يستمر تطوير أدوية العلاج الكيميائي المستهدفة الجديدة في التوسع، مما يوفر الأمل في تحسين النتائج لمرضى السرطان.

16