الخناجر والجنبيات تجسد هوية السعوديين في نجران

تعد صناعة الخناجر في نجران بالمملكة العربية السعودية من أبرز ملامح التراث الثقافي للمنطقة، حيث تجسد هذه الحرفة الهوية الحضارية للأهالي وتعتبر رمزًا للفخر والاعتزاز. لقد ارتبطت الخناجر بحياة السكان منذ زمن بعيد، سواء في الاستخدام اليومي أو في المناسبات الاجتماعية، وهو ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من موروثهم.
نجران (السعودية) - تجسد الجنبية والخنجر أصالة الموروث الثقافي لمنطقة نجران، بما يحمله من ذوق فني وتراثي فريد تتوارثه الأجيال عبر العصور. ويعدان رمزًا تقليديًا للأصالة والفخر، ويرتبطان ارتباطًا وثيقًا بحياة الأهالي ومناسباتهم الاجتماعية.
وتعتبر الجنبية من أبرز الصناعات التقليدية في المنطقة، حيث كانت تُستخدم في البداية كسلاح للدفاع عن النفس. ويقول البعض إنها عُرفت منذ عهد أهل حمير وسبأ، والدليل على ذلك أن النقوش الأثرية على جبال نجران توضح أن الجنبية كانت تستخدم آنذاك.
وبالرغم من أن الجنبية أصبحت اليوم نادرًا ما تخرج من غمدها، إلا أنها مازالت تعد من الإكسسوارات الثمينة ورمزًا للشرف، تُرتدى بفخر وتتوارثها الأجيال. وتصنع الجنبية من الحديد، بينما يصنع مقبضها من قرون بعض الحيوانات ويُزين بقطع فضية أو ذهبية. أما الغمد فيصنع من الخشب المغطى بالجلد أو صفائح من الفضة، ويتم تثبيته في حزام من الجلد.
وفي جولة لوكالة الأنباء السعودية في سوق الجنابي بحي أبا السعود التاريخي، تزامنًا مع تسمية سنة 2025 عامًا للحرف اليدوية، تم التعرف على إحدى أهم الصناعات التي لا يزال عدد من حرفيي المنطقة يعملون على تصنيعها والاهتمام بها، حيث تظل الجنبية من المقتنيات الرجالية المهمة التي تلبس للتجمل في المناسبات والأعياد.
وقال أحد الحرفيين في السوق إن الجنابي تشكل واحدة من أهم الصناعات الحرفية في المنطقة منذ مئات السنين، ومازالت تحظى بأهمية حتى يومنا هذا. وأضاف أن الجنابي تأتي بأشكال متعددة، منها المحلية مثل “أم تسعة” أو “أم فصوص”، و”المشطف”، وهناك نوع آخر يُسمى “المكعب”، بالإضافة إلى الجنبية “الدرما”.
وأكد أن الخنجر النجراني يعد رمزًا تراثيًا أصيلًا لأهالي المنطقة، حيث يتوفر بعدة أشكال متميزة ومزخرفة بنقوش تعكس الطابع النجراني الفريد. وأشار البائع محمد حسين إلى أن ما يميز الجنبية هو مقبضها، مؤكداً أن “الزراف” (الذي يميل إلى اللون الأصفر والأحمر الخفيف) يعد من أفضل الأنواع، كما يوجد نوع آخر لونه أبيض يميل إلى الأصفر، ونوع ثالث يُصنع من “القرن”. وتُزين المقابض بالذهب أو الفضة، وهو ما يزيد من جمالها.
وأضاف أن الطوق والصدر يتكونان من صفائح وأسلاك دقيقة وحلقات من الفضة أو الذهب، بينما يتزين الجزء الخلفي من الخنجر بالمخمل أو الصوف، ويختلف شكل “السلة” التي تتميز بأشكال متعددة، أبرزها المسمار الهندي والحضرمي.
وأوضح المواطن عوض مسفر آل علاس أن الخناجر في نجران تمثل رمزًا تاريخيًا وتراثيًا أصيلًا، حيث يحرص الأهالي على اقتنائها، كبارًا وصغارًا، لما تعكسه من هوية حضارية. وأضاف أنه جاء إلى السوق لتجديد محزم جنبيته التي تعد من التقاليد التي تحضر في أيام الأفراح والأعياد.
ويرى أهالي نجران أن سوق الجنابي في حي أبا السعود تعتبر رمزا من رموز المنطقة، حيث يقصدها المواطن النجراني من كل مكان، سواء كان بعيدا أو قريبا. وأكد المواطن مانع بن صالح آل حيدر أن الجنبية النجرانية تعكس مراحل هامة من تاريخ المنطقة، حيث يعود تصميمها إلى مئات السنين.
وأشار إلى أن الأهالي يحرصون على ارتدائها في المناسبات الاجتماعية والأعياد، كما يتم ارتداؤها أثناء تقديم الفلكلور والألعاب الشعبية المحلية، باعتبارها رمزًا للانتماء والرجولة والشهامة. ولا يكتمل الزي النجراني التقليدي إلا بالجلباب المزخرف والجنبية المشدودة إلى وسط الرجل بحزام خاص مزخرف بالنقوش والتصاميم الرائعة.
وأكد مواطن آخر أنه اشترى جنبيتين لأبنائه الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات، لارتدائهما في المناسبات وحضورهم مناسبات الزواج في العائلة، موضحا أن أغلب الأهالي في المنطقة يحرصون على اقتناء الجنبية لما تمثله من موروث ثقافي وتاريخي في نجران، ومازالت مصدر فخر واعتزاز عبر توارث الأجيال لحرفة صناعة الجنبية.