مَجَريّ يبني من قطع البلاستيك الصغيرة منشآت عملاقة

بالاش دوتزي يعدّ رسوما تخطيطية على الكمبيوتر ثم يكدس قطع البناء البلاستيكية افتراضيا، ويحدّد القياس الصحيح والعناصر الأساسية.
السبت 2024/12/28
مغرم بالليغو

بودابست - عندما كان بالاش دوتزي طفلا كان يصعب عليه الحصول على لعبة ليغو، إذ كان بلده المجر في أوروبا الشرقية ضمن المعسكر الشيوعي في زمن عالم المحورين، لكنّه اليوم يبني نماذج من 1.8 مليون قطعة، ومنها مثلا عربة ترامواي ملوّنة معروضة في بودابست منذ نوفمبر الماضي.

وفي قلب العاصمة تولّى تجميع مكونات السيارة فريق مكوّن من 90 شخصا، وبلغ إجمالي الوقت الذي أمضوه في العمل 6800 ساعة على مدار شهر واحد.

وكان الفنان البالغ من العمر 48 عاما حاضرا عند بداية التجميع، ثم غادر إلى مايوركا، حيث يعمل مدرباً للغوص، بين مهمتين في المجر مستلهمتَين من شغفه بألعاب تركيب القطع البلاستيكية التي تنتجها شركة دنماركية.

ويبلغ طول الترام الأنيق الذي يبهر المارة 11 مترا، وقد بُنيَ بطلب من مؤسسات النقل والسياحة في المدينة وسيستمر عرضه إلى السادس من يناير المقبل.

وقال السائح الماليزي لوكاس تشانغ (32 عاما) “لم نر شيئا كهذا من قبل!” بينما اعتبرت المعلمة المتقاعدة إيفا لاكاتوس أن العربة عامل جذب للزوار، معربة عن إعجابها “بالإصرار الكامن وراء هذا الإنجاز.”

إنه المشروع الأكثر طموحا حتى الآن لبالاش دوتزي الذي يتدخل قبل بدء التنفيذ، مثلما يفعل مهندس معماري مثلا حين يحل “مشكلات فنية”.

ويقول “إن بناء هذه الهياكل الضخمة لا علاقة له بمشاريع الليغو العادية.” ويضيف “أولاً، أعدّ رسوما تخطيطية على الكمبيوتر، وأكدّس قطع البناء البلاستيكية افتراضيا، وأحدّد القياس الصحيح والعناصر الأساسية.”

Thumbnail

ويوضح دوتزي أن “لكل مشروع بناء نقطة ضعف، وأنا أركز على هذه النقطة وبمجرد حلّها ينساب الباقي بشكل طبيعي،” مشددا على أن أدنى عيب يمكن أن يتسبب في تعثر المشروع برمته.

ومن هذا المنطلق يُستخدَم الغراء القوي ويتم تركيب إطار معدني لضمان صلابة القطع المجموعة.

ويروي دوتزي أنه من شدة افتتانه بالليغو منذ صغره كان يتوسل “أبناء الجيران لجمع علبهم بغية بناء هياكل أكبر قدر الإمكان” مع شقيقه الأكبر.

فالقطع كانت نادرة في الدولة الواقعة في وسط أوروبا والتي كانت آنذاك جزءا لا يتجزأ من الكتلة الشيوعية.

ويقول باسما “كنا طموحين في ذلك الوقت.”

عندما كبر تخلى عن شغفه قبل أن يثار فيه مجددا عندما رأى ليغو لدى ابن أخيه الصغير. ويقول “تبادلت النظرات مع أخي، ولمعت عيوننا وقررنا الغوص مجددا.”

وفي العام 2013، فيما كان منهمكا بالانتقال من إندونيسيا إلى بلده الأصلي المجر، أسس شركة عائلية تسمى “بريك وورشكوب” ونفذ عددا من أعمال التركيب الضخمة.

وسرعان ما استقطب الاهتمام من خلال تصميم نموذجين بقطع الليغو من كاتدرائية القديس ستيفن وساحة الأبطال في بودابست.

Thumbnail

وأعاد كذلك إنتاج نسخة ليغو بالحجم الطبيعي لجسر في العاصمة، مع صورة أسد، واستلزم منه ذلك أن يبقى مستيقظا لياليَ عدة.

خلال تصميمه خط الترام ترك للمرة الأولى مساحات فارغة عمدا من أجل “تمكين الجميع من التعبير عن إبداعاتهم وتحويل النحت إلى عمل مجتمعي.”

وفي عام 2017 تم تصنيف بالاش دوتزي بشكل رسمي محترفا معتمدا من شركة “ليغو”.

وهذا اللقب المرموق، الممنوح لنحو عشرين مصمما فحسب في العالم، يكافئ أولئك القادرين على وضع “تصميمات أصلية ومبتكرة توسّع حدود الإبداع والبناء.” على حد تعبير ناطق باسم الشركة.

ومع أنه لا يحصل على مكافأة مالية، يمكنه “التشاور بانتظام مع سواه من المحترفين المعتمدين من ‘ليغو'” والوصول إلى برنامج معلوماتي حصري و”يمكنه تقديم طلبيات للحصول على أيّ من القطع البالغ عددها 14 ألفا” التي تنتجها مصانع المجموعة، حسب توضيح الفنان.

ولكن لتنفيذ بعض أفكاره عليه أن يستكشف أسواق السلع المستعملة للعثور على قوالب الطوب القديمة، التي يعود تاريخها إلى طفولته خلال سبعينات القرن العشرين.

ويتولى أحيانا فحص الأعماق تحت الماء، وهو شغفه الثاني، لكنه لم يكتشف يوما أية قطع ليغو تحت الماء، فهي في نظره “أثمن من أن تُرمى.”

16