جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق في أول زيارة لسوريا منذ 13 عاما

دمشق – أعرب الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط عن الرغبة في عودة العلاقات بين لبنان وسوريا إلى "أصولها الطبيعية الدبلوماسية"، وذلك خلال لقائه القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الأحد الذي تعهد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذا "سلبيا" في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور.

وجنبلاط الذي وصل الى دمشق الأحد على رأس وفد كبير يضم نجله تيمور ونوابا من كتلته البرلمانية ورجال دين دروز، هو أول زعيم لبناني يلتقي برئيس القيادة السورية الجديد.

وقال جنبلاط الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي "نحيي الشعب السوري في انتصاراته الكبرى، ونحييكم في معركتكم التي قمتم بها من أجل التخلص من القهر والاستبداد".

وتابع "الطريق طويل، ونعاني نحن وإياكم من التوسع الإسرائيلي، وسأتقدم بمذكرة باسم نواب كتلة "اللقاء الديمقراطي" البرلمانية حول العلاقات اللبنانية السورية".

وأردف الزعيم المنتمي للطائفة الدرزية "نتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية السورية إلى الأصول الطبيعية من خلال العلاقات الدبلوماسية، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، ونتمنى أن تقام محاكم عادلة للذين أجرموا بحق الشعب السوري وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ".

وهذه الزيارة الأولى لجنبلاط إلى سوريا بعد ثلاثة عشر عاما على آخر زيارة له قبل الثورة السورية عام 2011.

من جهته، أكد الشرع الذي تولى السلطة إثر إطاحة الرئيس بشار الأسد قبل أسبوعين أن "سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الاطلاق وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني".

وأضاف أن بلاده "تقف على مسافة واحدة من الجميع"، مشيرا إلى أنها "كانت مصدر قلق وإزعاج" في لبنان.

ودخل الجيش السوري لبنان في العام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل الى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق "قوة الوصاية" على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى العام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقا الى حليفها حزب الله.

ويتهم جنبلاط دمشق باغتيال والده كمال في 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ونُسبت اغتيالات العديد من المسؤولين اللبنانيين الآخرين المناهضين لسوريا إلى السلطة السورية السابقة.

وجرى اللقاء في القصر الرئاسي مع أحمد الشرع الذي ظهر للمرة الأولى الأحد مرتديا بدلة وربطة عنق.

وتعهد أحمد الشرع بأن "يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات... وأرجو ان تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان".

وتمت الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر بعد سيطرة قوات المعارضة المسلحة على غالبية المدن الرئيسية في سوريا ومنها حلب وحماة وحمص ودرعا والسويداء والعاصمة دمشق.

وتوجد علاقات وثيقة بين دروز لبنان الذين يقدر عددهم بـ250 ألفا والأقلية الدرزية في سوريا التي يقدر عددها بحوالي نصف مليون، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويعيش معظم الدروز في جنوب سوريا، وتحديدا في مدينة السويداء ومحافظة القنيطرة التي تضم هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وتقلبت علاقة وليد جنبلاط بالنظام السوري الذي مارس لفترة طويلة نفوذا من دون منازع على الحياة السياسية اللبنانية بين فترات من الفتور والعداء وفترات من التقارب وصولا إلى التحالف الوثيق.

وعمد جنبلاط في نهاية 2009 إلى مصالحة النظام السوري بعد عداء طويل وزار سوريا مرات عدة، قبل أن يبدأ مجددا بانتقاد النظام بعد بدء الثورة السورية وعمليات القمع الدموية لها.

وفي سياق متصل، التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد في دمشق قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، وفق ما أعلنت وزارته.

وأظهر مقطع فيديو بثته وكالة الأناضول الرسمية، فيدان والشرع وهما يتصافحان ويتعانقان، من دون أن تحدد مكان اللقاء الذي جرى في العاصمة السورية.

وأعلن فيدان الجمعة أنه يعتزم السفر إلى دمشق للقاء الإدارة الجديدة.

وهي ثاني زيارة يجريها مسؤول تركي كبير الى سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر. فقد زار رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين دمشق في 12 منه والتقى الشرع.

وأظهرت مشاهد عرضتها قناة "إن تي في" التركية الخاصة، كالين خارجا من المسجد الأموي في دمشق.

وكانت تركيا من أبرز الدول التي اتخذت موقفا مناهضا للأسد منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011.

وقدمت أنقرة دعما كبيرا لفصائل معارضة للأسد، واستقبلت على أراضيها ملايين اللاجئين السوريين ودعمت كذلك فصائل معارضة مسلّحة في سوريا.

ورفضت أنقرة الأربعاء الاتهام الذي وجّهه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"الاستيلاء" على السلطة في سوريا بواسطة الفصائل المعارضة التي أطاحت الأسد في هجوم خاطف.