عشرات القتلى والجرحى في هجوم دام على سوق لعيد الميلاد بألمانيا

ماغديبورغ (ألمانيا) – أعلنت السلطات الألمانية السبت أنّ حصيلة عملية الدهس التي نفّذها سائق سيارة في سوق ميلادية بمدينة ماغدبورغ ارتفعت إلى خمسة قتلى وأكثر من 200 جريح، في هجوم "رهيب" ندّد به المستشار أولاف شولتس.
وقال رئيس وزراء ولاية ساكسونيا انهالت الألمانية راينر هاسيلوف السبت إنّ حصيلة الهجوم ارتفعت إلى خمسة قتلى وأكثر من 200 جريح.
ودان المستشار الألماني أولاف شولتس الذي زار موقع الهجوم، "كارثة رهيبة"، معربا عن قلقه بشأن حوالى 40 شخصا أُصيبوا بجروح خطرة جراء عملية الدهس.
وأضاف "لن نستسلم لأولئك الذين يريدون نشر الكراهية".
وتعهّد شولتس بأن تردّ ألمانيا "بكل قوة القانون على الهجوم الرهيب الذي أدى إلى جرح وقتل العديد من الأشخاص" مع اقتراب الذكرى السنوية للهجوم الدموي الذي استهدف سوقا ميلادية في برلين في 2016.
ودعا المستشار إلى الوحدة الوطنية في وقت تشهد فيه ألمانيا نقاشا حادا بشأن الهجرة والأمن، مع اقتراب إجراء انتخابات في فبراير.
وقال المستشار الألماني إنّه من المهمّ "أن نبقى معا كبلد، أن نلتصق ببعضنا البعض... وألا تكون الكراهية هي التي تحدّد تعايشنا ولكن حقيقة أنّنا مجتمع يسعى إلى مستقبل أفضل".
وعبّر شولتس عن امتنانه لمشاعر "التضامن... من قبل العديد، العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم"، مضيفا "من الجيّد أن نسمع أنّنا كألمان لسنا وحدنا في مواجهة هذه الكارثة الرهيبة".
وتأتي هذه العملية بعد ثماني سنوات على هجوم مماثل استهدف سوقا لعيد الميلاد في برلين. كما تأتي في وقت تشهد ألمانيا حملة انتخابية وقد وضعت قواتها الأمنية في حال تأهب قصوى تحسبا لأي هجمات محتملة.
وقال حاكم ولاية ساكسونيا أنهالت إن ما حصل ليس من قبيل المصادفة بل عملية ذات أهداف "سياسية".
والمشتبه في تنفيذه الهجوم طبيب سعودي يبلغ 50 عاما وصل إلى ألمانيا عام 2006 وحصل على وضع لاجئ، كما عمل في منطقة ساكسونيا أنهالت التي تقع عاصمتها ماغدبورغ على بُعد 160 كيلومترا من برلين.
والرجل الذي قدّمته وسائل الإعلام المحلية باسم "طالب" قد "تصرف بمفرده" وفق هاسيلوف.
ولا تزال دوافعه غير واضحة، إذ لم يكن معروفا لدى الشرطة على أنه متطرف إسلامي، حتى إنه نشر آراءً على شبكات التواصل الاجتماعي تندد بمخاطر "الأسلمة" وفقا لوسائل إعلام ألمانية.
وأفادت وسائل الإعلام بأنّ لديه صلات مع اليمين المتطرّف في ألمانيا. وكان معروفا بين المهاجرين السعوديين، كما كان يساعد طالبي اللجوء خصوصا النساء.
وقالت الشرطة المحلية "في المرحلة الحالية من التحقيق، ليس ممكنا حتى الآن تصنيف ما حدث في سوق عيد الميلاد" مساء الجمعة.
وقال متحدث باسم شرطة ماغدبورغ لوكالة الصحافة الفرنسية إن السيارة اصطدمت بالحشد "لمسافة 400 متر على الأقل في سوق عيد الميلاد".
وكان المُنفّذ يقود سيارة دفع رباعي سوداء اخترقت حواجز أمنية، ثم أكمل القيادة في شكل مُتعرّج داخل السوق، وفقا لروايات زوار نقلها موقع "فولكسشتيمي" الإخباري المحلي.
وكانت نادين (32 عاما) مع صديقها ماركو في السوق عندما وقع الهجوم. وقالت لصحيفة بيلد "لقد دُهِس ودُفِع بعيدا، كان الأمر مروعا، حتى إنه لم يصرخ".
وأعربت السعودية عن "إدانتها" لواقعة الدهس مبديةً "تضامنها" مع برلين.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان عبر منصة إكس السبت "تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية حادثة الدهس... معبرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا. وتؤكد المملكة موقفها في نبذ العنف".
ونقلت قناة "فيلت تي في" عن شاهد عيان قوله "رأينا سقف السيارة (بين الجموع)، ثمّ حدث ما حدث. كان الجميع ممدّدين على الأرض بعد الحادث، أطفال ورجال وأشخاص مصابون بكسور، إنّه أمر لا يمكن تصوّره".
وأضافت صديقته "إنه أمر فظيع، كانت هناك جثة بجواري طوال الوقت. اعتقدت أنّني ذاهبة إلى سوق الميلاد فقط، وحدث شيء مثل هذا. العالم مريض".
وحضرت الى مكان الهجوم عربات إطفاء وسيارات إسعاف عملت على نقل الجرحى.
وقال فايل كيليون، وهو كاميروني يبلغ 27 عاما ويعيش في المدينة، لوكالة الصحافة الفرنسية "ما حدث اليوم يؤثر في كثير من الناس، إنه يمسّنا كثيرا".
من جهته، سارع اليمين المتطرف، في ألمانيا وخارجها، إلى التعليق على الهجوم، في ظل جدل يدور في البلاد حول الأمن واستقبال المهاجرين.
وسألت الرئيسة المشاركة لحزب "البديل من أجل ألمانيا" أليس فايدل عبر منصة إكس "متى سينتهي هذا الجنون؟". ويحل حزبها ثانيا في استطلاعات الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير.
وفي فرنسا قال رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا إن "الهجوم ليس أبدا من قبيل المصادفة"، مضيفا "الإسلام الراديكالي يشن حربا على تقاليدنا المسيحية وهوياتنا وحضارتنا".
وحذرت أجهزة الاستخبارات الألمانية قبل موسم الأعياد من أن أسواق عيد الميلاد هي "من الناحية الأيديولوجية هدفا مناسبا للأشخاص ذوي الدوافع الإسلامية".
وقد أعربت عواصم عدة عن "صدمتها"، بينها روما ومدريد وواشنطن.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن الولايات المتحدة "مصدومة وحزينة" بسبب الهجوم. وقال "الولايات المتحدة تشعر بالصدمة والحزن بسبب الأخبار المأسوية الواردة من ماغدبورغ"، مؤكدا أن واشنطن مستعدة "لتقديم المساعدة".
وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "صدمته العميقة" مساء الجمعة جرّاء الهجوم. وقال عبر منصة إكس "فرنسا تشاطر الشعب الألماني حزنه".
وأكد ماكرون ورئيس وزرائه الجديد فرانسوا بايرو "تضامن فرنسا" مع ألمانيا.
كما أعربت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني عن "صدمتها العميقة" من هذا الهجوم "الوحشي".