بلينكن ينقل للسوداني رسائل بشأن الفصائل المدعومة إيرانيا

بغداد - كشفت مصادر سياسية مطلعة، اليوم السبت، عن نقل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رسائل "تهديد" مباشرة الى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بشأن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق.
وأجرى بلينكن، الجمعة، زيارة إلى بغداد لم تكن مدرجة على جدول أعمال جولته التي يجريها في المنطقة للتباحث بشأن أحداث سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد على يد المعارضة المسلحة.
وقالت المصادر لوكالة شفق نيوز إن "بلينكن نقل بشكل واضح ومباشر رسائل تهديد من واشنطن خلال اجتماعه مع السوداني بشأن الفصائل المسلحة في العراق، ومستقبل تلك الفصائل وتحركاتها".
وأضافت أن بلينكن "شدد على أن الإدارة الأميركية الجديدة، ستعمل بكل قوة وحزم على إنهاء أي تأثير لتلك الفصائل، خاصة بعد قيامها بعمليات عابرة للحدود بضرب قواعد أميركية في سوريا واستهداف أهداف مختلفة داخل إسرائيل طيلة الفترة الماضية".
وبينت أن "الوزير بلينكن حذر السوداني من قيام تلك الفصائل بأي أعمال عسكرية داخل سوريا خلال المرحلة المقبلة بدفع من قبل طهران"، كما "حمّل الحكومة العراقية أي عملية تقوم بها تلك الفصائل".
وبحسب تلك المصادر، فقد شدد الوزير الأميركي على "ضرورة ضبط الفصائل والعمل بشكل حقيقي لنزع السلاح منها خلال المرحلة المقبلة، كونها أصبحت تهدد الأمن في المنطقة وليس العراق فحسب، وبخلاف ذلك فإن واشنطن سيكون لها دور في الحد من تلك الفصائل عبر عقوبات وكذلك عمليات عسكرية محددة".
إلى ذلك، أفادت وكالة بلومبيرغ نقلا عن مسؤول أمريكي لم تذكر اسمه بأن "بلينكن استغل توقفا غير معلن في بغداد ليطلب من رئيس الوزراء العراقي منع إيران من إرسال أسلحة ومعدات أخرى عبر البلاد إلى سوريا".
وأشارت الوكالة إلى أن طهران لا تقوم حاليا بتزويد الأسلحة عبر العراق.
وقال مصدر "بلومبيرغ" إن بلينكن أكد أن سوريا لا تزال هشة وأن واشنطن تريد من العراق منع وصول الأسلحة إلى هناك والتي يمكن أن تستخدمها الجماعات المدعومة من إيران أو تزيد من زعزعة استقرار البلاد.
وأضافت الوكالة أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران ضعفت بسبب الصراع مع إسرائيل.
ووفقا للوكالة فقد طلب بلينكن من السوداني أيضا اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجماعات المدعومة من إيران في العراق والتي "تهاجم من وقت لآخر القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد".
ويرى مراقبون أن حكومة السوداني أمام مفترق الطريق وعليها أن تستعد لمرحلة نزع سلاح الميليشيات المسلحة والتعامل مع مصير 30 ألف عنصر من هذه الميليشيات الموالية لإيران والتي انسحبت من سوريا بعد سقوط الأسد ودخلت إلى العراق.
ويدعم المجتمع الدولي والولايات المتحدة حكومة السوداني لحصر السلاح بيد الدولة وتفكيك هذه الميليشيات، كما أن الكثير من العراقيين يدعمون جهود إخراج العراق من الهيمنة الإيرانية.
ويشير المراقبون إلى أن حكومة السوداني رغم الدعم الداخلي والدولي إلا أنها غير قادرة على تحقيق هذه الرغبات بسبب قوة سلاح الفصائل المسلحة لا سيما ميليشيات كتائب حزب الله والحرس الثوري الإيراني في منطقة جرف الصخر والتي تضم معسكرات تحوي على طائرات مسيرة ووحدة خاصة لاستهداف مصادر الطاقة في المنطقة والعالم.
ويصف محللون القاعدة في جرف الصخر بأنها "أصبحت جرثومة سرطانية في جسد العراق" معتبرين أن السوداني لا يستطيع الانقلاب على الإطار التنسيقي (تحالف يضم أحزاب شيعية تشارك في الحكومة الحالية) لأن هذا التحالف هو جزء من هذه الميليشيات والفصائل والمحور الايراني المهيمن عليه.
وأمام التغير الحاصل في المشهد السوري، حاول بلينكن طمأنة الجار العراقي بشأن الوضع في سوريا في زيارة مفاجئة إلى بغداد، حيث أكد للسوداني التزام الولايات المتحدة بأمن العراق واستقراره مشددا على أن واشنطن لن تسمح بعودة ظهور تنظيم داعش أو معاودته لنشاطه في سوريا والعراق على الإطلاق.
وقال الوزير الأميركي إن واشنطن "ملتزمة بالعمل مع العراق على الأمن وتعمل دائما من أجل سيادة العراق، لضمان تعزيزها وصونها".
وشددت حكومة بغداد التي جاءت بها أحزاب شيعية موالية لإيران، الأحد بعد سقوط الأسد على "ضرورة احترام الإرادة الحرّة" للسوريين والحفاظ على وحدة أراضي سوريا.
وكثّفت بغداد جهودها الدبلوماسية في الأيام الأخيرة، إذ أجرى السوداني سلسلة من الاتصالات المعلنة مع مسؤولين عرب وأجانب أبرزهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، للتشديد على "ضرورة التنسيق العربي المشترك والعمل على تعزيز الحوار بين جميع الأطراف السورية"، وفق مكتبه.
وقال السوداني بعد لقاء بلينكن إن "العراق ينتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا"، مؤكدا على "ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية من أي جهة كانت" لما يمثل ذلك من "تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة".
وأكّد بلينكن من جهته أن واشنطن "مصممة على ضمان ألّا يعاود تنظيم الدولة الإسلامية الظهور"، مذكّرا بأن "الولايات المتحدة والعراق حققا معا نجاحا هائلا في القضاء على الخلافة الإقليمية التي أنشأها داعش قبل سنوات".
وجاءت مواقف بلينكن في سياق ثالث محطة في جولة له في الشرق الأوسط بعد الإطاحة المباغتة ببشار الأسد إثر هجوم شنّته فصائل مسلّحة بقيادة هيئة تحرير الشام.
من جهته، أوضح المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، أن وزير الخارجية الأميركي أشاد بدور الحكومة بالتهدئة في المنطقة.
وقال العوادي، نقلا عن قناة العراقية الرسمية، إن الحكومة لم ينقطع تواصلها مع الولايات المتحدة منذ بدء الأزمة في سوريا، وإن زيارة بلينكن أكدت أن أمن العراق محافظ عليه ولا يتم السماح لأي خرق.
وأضاف العوادي، أن التحالف الدولي ما زال قائماً في العراق، وأن القوات الأمنية مع التحالف الدولي جاهزة لتنفيذ ضربات ضد أي تحركات إرهابية، "ولا يمكن السماح لداعش وأي تنظيم متطرف أن يعبر إلى الحدود العراقية".
وشدد العوادي على أن العراق لم يتدخل عسكرياً في سوريا، ولا يمتلك مشاريع منفردة بما يخص سوريا أو دعم أي جماعة أو جهة سياسية، مشيرا إلى وجود اتفاق عربي إقليمي دولي بعدم السماح لأي نوع من أنواع التطرف أن ينقل الأزمات إلى خارج سوريا.
وعلّق الباحث في الشأن السياسي العراقي مجاهد الطائي، على الزيارة، قائلاً، أمس الجمعة، في منشور على منصة إكس إنّ "رسالة بلينكن تعني أن ورقة داعش التي يريد البعض استخدامها لخلط الأوراق لم تعد مجدية! والقوات (الأميركية) باقية لمنع استخدامها!".
وكانت بغداد وواشنطن قد اتفقتا أخيراً على إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق وفي موعد لا يتجاوز نهاية سبتمبر 2025، بعد عدة جولات من الحوار بين الطرفين.
وأفضت لقاءات عراقية أميركية جرت الأسبوع الفائت إلى حصول بغداد على تطمينات أمنية من واشنطن، بشأن الأحداث المتسارعة في المنطقة ومخاوف الحكومة العراقية من تأثيراتها على البلاد، وهو الأمر الذي قد ينعكس على توجه العراق بخصوص وجود القوات الأميركية في الوقت الحالي.
إلى ذلك، تلقى وزير الخارجية الأميركي، اليوم، إحاطة من قائد الجيش الأميركي في العراق، خلال اجتماع عقده بمقر سفارة واشنطن بالعاصمة بغداد.
وأظهرت صورة نشرتها وكالة رويترز، بلينكن، وهو يستمع لإحاطة من اللواء كيفن ليهي، قائد قوة المهام المشتركة لعملية العزم الصلب، في مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة بغداد.
ويظهر في الصورة، بلينكن وليهي، والمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إضافة إلى عدد من المسؤولين الدبلوماسيين في السفارة.