وصف رئيس الوزراء العراقي قضية التنصت بكذبة القرن تثير الانتقادات

تأييد سياسي لاستضافة السوداني في البرلمان خصوصا في ما يتعلق بتصريحاته حول الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية للعراق.
الخميس 2024/12/05
السوداني كان موفقا في إحاطته أمام البرلمان رغم الانتقادات

بغداد - وصف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتهامات لموظفين بمكتبه بالتنصت على سياسيين وشخصيات بارزة بـ"كذبة القرن"، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أنه قد أساء إلى القضاء، رغم التأييد السياسي لمخرجات استضافته بالبرلمان في ما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والأمنية والاقتصادية للبلاد.

وعلّق السوداني علنا الأربعاء على القضية للمرة الأولى مذ كُشف عنها في أغسطس، في تصريحات نشرها الإعلام الرسمي الخميس.

ويرى محللون أن الفضيحة التي صاحبتها تسريبات إعلامية، تعكس خصومات وصراعات داخلية على السلطة في صفوف الأغلبية البرلمانية المكونة من أحزاب شيعية موالية لإيران.

ولم يعلّق القضاء العراقي على الاتهامات ولم يكشف بذلك أسماء المتهمين المفترضين في هذه القضية. وأبرز من تم تداول اسمهم محمد جوحي معاون المدير العام للدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء.

وكان أول من كشف القضية النائب العراقي مصطفى سند الذي تحدّث في 19 أغسطس عن توقيف "شبكة" تشمل جوحي وعددا من الضباط والموظفين "كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين" هو أحدهم.

ونقلت شبكة الإعلام العراقي عن السوداني قوله خلال جلسة برلمانية مغلقة الأربعاء إن "قضية التجسس والتنصت والإشكالات التي أُثيرت واتهمت فيها الحكومة بطريقة لا أخلاقية (...) لم تستند لأي شيء".

وأضاف في مقطع فيديو نشرته قناة العراقية الإخبارية على شبكات التواصل الاجتماعي "إنها كذبة القرن (أن يكون قد حدث) تجسس وتنصت من قبل بعض الموظفين أو مكتب رئيس الوزراء".

وتابع "القضية معروضة امام القضاء ونحترم قضاءنا المستقل النزيه العادل ونحترم قرار القضاء بالتحقيق مع الموظف وننتظر النتائج"، مبينا "لكن كمعطيات متوفرة لا وجود لأي أمر كهذا، ويبقى الدور الرقابي للمجلس الموقر باستجواب أي مسؤول بهذا الشأن".

وأثار توصيف السوداني للقضية بالكذبة انتقادات بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت الإعلامية عمرة مختار في تغريدة لها على منصة إكس أن "هذا تحدي للقضاء العراقي".

وكتب الناشط السياسي وسام رشيد الشيخ عويد على منصة إكس "ماذا يفعل الملف عند القضاء ان كانت القضية كذبة القرن !!! هل من الممكن ان القضاء يتعامل مع الأكاذيب ؟ وصف رئيس الوزراء بأن قضية التجسس أو التنصت بأنها كذبة القرن لم يكن موفقاً بهذا التعبير فقد كانت لهذه القضية تبعات وتسريبات كثيرة فكيف تكون كذبة ؟".

واعتبر المدون الشيخ علي أبوحسن المالكي في تغريدة على منصة إكس أن تصريحات السوداني تحمل تناقضا قائلا "كلامه به تناقضات كيف قضية كذبة القرن ويعود ويقول القضية منظورة أمام القضاة".

وعندما بدأ التداول بالقضية، قال معلقون ووسائل إعلام عراقية وعربية إن من بين ضحايا التنصت المفترض سياسيين عراقيين بارزين من تحالف "الإطار التنسيقي" المتمتّع بأغلبية برلمانية والمؤلف من أحزاب شيعية موالية لإيران أوصلت السوداني إلى منصبه الحالي.

وفي بلد تهزه فضائح السياسة والفساد بانتظام واعتاد على تصفية الحسابات من خلال حملات تضليل إعلامي، استنفر الإعلام بشأن القضية في ظلّ ما اعتبره مراقبون نزاعا سياسيا وحملة ممنهجة لتشويه سمعة حكومة السوداني قبل انتخابات متوقعة في نهاية العام 2025.

وتحدث مجلس القضاء الأعلى في مطلع سبتمبر عن "عدم دقة" معلومات على "بعض مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص التحقيق بما يعرف بقضية 'شبكة محمد جوحي'".

ونفى قبل ذلك بثلاثة أيام "وجود محاولات تنصت على رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان".

ولدى سؤاله عن شبكة التنصت، قال رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي في مقابلة تلفزيونية في سبتمبر إنه "تعرّض للمتابعة"، موضحا "كلّما كنت أنتقل من مكان إلى آخر، كنت أجد فريقا يتابعني".

وحضر رئيس الوزراء العراقي، الأربعاء، الى جلسة البرلمان لاستضافته بطلب منه للحديث عن بعض الملفات الاقتصادية والأمنية والخدمية.

وأكد السوداني خلال استضافته، أن "العراق يمتلك إمكانات عسكرية متقدمة، كما ناقش جملة من القضايا المتعلقة بالأوضاع السياسية، الاقتصادية، والأمنية للبلاد، بالإضافة إلى الأحداث الإقليمية، لا سيما في سوريا وفلسطين".

وأشار السوداني إلى أن "العراق يتمتع بإمكانات عسكرية متطورة ويعمل على تعزيز أمن حدوده، مع التزامه بوحدة الشعب والحفاظ على أمن البلاد"، مؤكدا "انتهاء الوجود العسكري الأجنبي في العراق بحلول سبتمبر 2025، وفي إقليم كردستان بحلول سبتمبر 2026، وفقا للاتفاق مع التحالف الدولي".

وأدان السوداني "ممارسات الكيان الصهيوني ووصفها بالإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني"، فيما جدد "دعم العراق للقضية الفلسطينية، مؤكدا مساعيه لتأسيس صندوق لإعمار غزة ولبنان.  

وأوضح أن "التعديل الوزاري ليس موجها ضد أي جهة، بل يهدف لتعزيز الأداء وفق معايير مهنية"، فيما أشار إلى "تحقيق تقدم بنسبة 62 بالمئة في تنفيذ مشاريع وبرامج استراتيجية ضمن البرنامج الحكومي".

كما ناقش السوداني "أهمية تعديل قانون الموازنة لمعالجة مسألة تسويق النفط من إقليم كردستان والتعامل مع الغرامات المفروضة بسبب عدم تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي”، فيما طالب مجلس النواب بالإسراع في تعديل قانون الموازنة العامة للسنوات المالية 2023-2025".

ودعا السوداني إلى "تسريع تشريع قوانين رئيسية، مثل قانون الإصلاح الاقتصادي، التحكيم، الأوراق المالية، الطيران، والملكية الفكرية، بهدف دعم التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار القانوني".

وهذه الاستضافة تعد هي الأولى من نوعها منذ منح السوداني الثقة قبل عامين.

وعلقت النائبة سروه عبدالواحد، في تغريدة لها على منصة اكس، حول الإستضافة، بأن" أغلبية الكتل داعمة لتوجه الحكومة بعدم زج العراق في الحروب، التي سيكون المواطن فيها هو المتضرر الوحيد ".

ومن جانبه، قال النائب جواد الغزالي عن ائتلاف دولة القانون لوكالة "شفق نيوز" إن "استضافة رئيس الوزراء كانت موفقة ووضعت النقاط على الحروف بخصوص بعض المواضيع وخصوصا أحداث سوريا وقانون الموازنة"، لافتاً إلى أن "السوداني تحدث عن تأمين الحدود وانتشار وجاهزية القطعات العسكرية من الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي".

وفيما يخص إرسال قطعات من الجيش العراقي إلى سوريا، أكد العزالي، أن "السوداني لم يتطرق لهذا الأمر خلال الجلسة، وأن الحكومة السورية لم تطلب ذلك من العراق، وفي حال طلبت فإن العراق سيستجيب لذلك".