تحديات كبيرة تواجه النساء والفتيات في تونس

النساء والفتيات في تونس يواجهن تحديات كبيرة بما في ذلك العنف والتمييز وقلة الوعي بالحقوق ونقص الخدمات الصحية والتعليمية.
الاثنين 2024/12/02
ضغوط مجتمعية حالت دون مواصلة تعليم المرأة

تونس ـ تواجه النساء والفتيات في تونس، ولاسيما في المناطق الريفية، تحديات كبيرة بما في ذلك العنف والتمييز وقلة الوعي بالحقوق ونقص الخدمات الصحية والتعليمية، وفق ما أظهرته دراسة جديدة نشرها مكتب الأمم المتحدة بتونس بعنوان “آليات حماية حقوق النساء والفتيات”.

وتندرج هذه الدراسة الحديثة التي نشرتها المنظمة السبت في إطار الاحتفال بحملة الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة التي انطلقت من الخامس والعشرين من نوفمبر الموافق لليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة لتتواصل إلى غاية العاشر من ديسمبر من كل سنة.

وشملت الدراسة أربع مناطق وهي سجنان من محافظة بنزرت (شمال) والروحية من محافظة سليانة (غرب) وشربان وأولاد شامخ وهبيرة من محافظة المهدية (شرق) والعلاء وحاجب العيون وبوحجلة من محافظة القيروان (وسط).

وركزت هذه الدراسة النوعية على فهم وتحديد الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات في المناطق المذكورة، فضلا عن دراسة الآليات المتاحة لحمايتهن من الانتهاكات والتجاوزات.

دراسة نوعية ركزت على فهم وتحديد الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات، فضلا عن دراسة الآليات المتاحة لحمايتهن من الانتهاكات والتجاوزات

واعتمدت على إجراء مقابلات مع جهات حكومية وغير حكومية، إضافة إلى جلسات نقاش مع النساء في المناطق المستهدفة حول مواضيع مثل الصحة الجنسية والإنجابية ومواضيع أخرى متعلقة بالتحديات اليومية التي يواجهنها ومدى فعالية الأدوات المتاحة لدعم حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية والجنسية.

وأظهرت نتائج الدراسة أن النساء والفتيات في المناطق المذكورة يواجهن العديد من التحديات بما في ذلك العنف والتمييز وقلة الوعي بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية.

وتناولت الدراسة بعض القضايا المتعلقة بالصحة الإنجابية للنساء، مثل الوصول إلى وسائل منع الحمل والمتابعة قبل الولادة حيث أبرزت وجود صعوبات في الوصول إلى هذه الخدمات في تلك المناطق ودعت إلى ضرورة توفير المنشآت الصحية الجنسية والإنجابية لضمان توفير الرعاية الصحية اللازمة للنساء.

وأظهرت الدراسة تفاوتا بين القطاع العام والقطاع الخاص في توفير الحقوق الشغلية للنساء، حيث تتمتع العاملات في القطاع العام بحقوق أكبر بينما تواجه النساء في القطاع الخاص تحديات كبيرة على غرار الأجور المنخفضة، ونقص الحماية القانونية، ومشاكل في الحصول على فرص التكوين المهني، وغيرها.

وتناولت الدراسة أيضا قضايا تتعلق بضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية خصوصا في المناطق الريفية، مبينة أن النساء يعانين من صعوبات كبيرة في المشاركة السياسية بسبب المعوقات الثقافية والاجتماعية. كما رصدت الدراسة تحديات في استكمال مراحل التعليم، حيث تعاني بعض الفتيات من ضغوط مجتمعية تحول دون مواصلة تعليمهن.

وخلصت الدراسة إلى ضرورة تطوير التشريعات وتعزيز دور المرأة في المجتمع عبر تحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير فرص العمل. كما أوصت بضرورة تعزيز التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين وضمان حماية حقوق النساء والفتيات في كافة المناطق.

وكانت منظمة أطباء العالم بلجيكا ـ  فرع تونس ومؤسّسة فريدريش ناومان من أجل الحرّيّة قد أعدّتا دراسة عنوانها “المرأة بالوسط الريفي والنفاذ إلى الحماية الاجتماعية”.

وأطلقت هذه الدّراسة سنة 2020 في إطار برنامج “ريفية” الموجّه لستّ ولايات تونسية وهي بنزرت والمهدية وجندوبة وسليانة والقصرين وسيدي بوزيد، في فترة تزايد فيها الاهتمام بحقوق المرأة الريفيّة لاسيما نفاذها إلى الصحّة والرّعاية والتغطية الاجتماعية، في ظل جائحة كورونا التي كانت لها تأثيرات اقتصاديّة واجتماعيّة مباشرة في الأوساط الحضريّة والريفيّة.

وهدفت الدراسة إلى توفير فهم أفضل للتحدّيات والقيود والفرص المتاحة لتحسين ظروف المرأة التي تعيش في المناطق الرّيفية على مستوى الحماية الاجتماعية والنّفاذ إلى أنظمة الضّمان الاجتماعي والصّحة والسلامة المهنيّة. كما قدّمت توصيات إستراتيجية وعمليّة لتحديد أولويّات التدخّل من قبل جميع الأطراف المعنيّة وهياكل الدّولة من أجل الحدّ من الفوارق والتّهميش.

خخ

وصرّحت السّيدة كريستال ليون، المنسّقة العامّة لمنظمة أطبّاء العالم بلجيكا – قسم تونس قائلة، “أصبحت وضعيّة المرأة في المناطق الريفية وحقّ نفاذها للحماية الاجتماعية من قضايا السّاعة إذ أثارت اهتمام السّلطات العموميّة والمجتمع المدني وبرامج التّعاون الدولي. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات في إنشاء نظام حماية فعّال ومتماسك ومنسجم بين مختلف الأطراف. لقد درسنا الصّعوبات والعوائق وحدّدنا الأدوار والمسؤوليات لكلّ متدخّل وندعو من خلال هذه الدّراسة وتوصياتها الإستراتيجية أو العمليّة إلى اعتماد خطّة عمل متعدّدة الأطراف يمكن أن تغيّر الأوضاع الحاليّة.”

وتشير الدراسة إلى أنّ الدولة وهياكلها المركزية والجهويّة تظلّ الفاعل الرئيسي في مجال النّهوض بالحماية الاجتماعية. ويمكن أن تساندها في ذلك جمعيّات المجتمع المدنيّ والمنظمات غير الحكومية والجهات المانحة بالدّعم المالي والفنّي. وتحتاج مختلف الأطراف الفاعلة إلى تعزيز الشراكة ومبادرات العمل على أرض الواقع، بينما يتعيّن أيضا النّظر في إطار قانوني أو عملي أو منح حوافز لدعم انتقال المرأة في الوسط الريفي بشكل أفضل من النشاط المهمش إلى القطاع الرسمي أو المنظم.

وفقا للدراسة التي تم إجراؤها بعد مجموعة من الاستبيانات والورشات التي تم إطلاقها في المناطق المستهدفة من مشروع “ريفية”، وجدت عدة عوائق أو صعوبات حدت من نفاذ المرأة في الأرياف إلى نظام الحماية الاجتماعية ويعود ذلك إلى عوامل ثقافية وهيكلية واجتماعية ومؤسساتية، من بينها:

  • هشاشة الأنشطة وظروف العمل: ففي القطاع الفلاحي مثلا تكون العلاقة المهنية بين النساء والمستغلات الفلاحية غير رسمية أو منظمة. وتستمر المرأة في ممارسة أدوار غير مستقرة وموسمية في أغلب الأحيان، مما يكرس التفرقة والتهميش والاستغلال، دون ضمانات أو حماية اجتماعية.
  • ظروف النقل والتنقل: بالرغم من صدور الأمر الحكومي رقم 724 – 2020 المتعلّق بضبط شروط تعاطي نشاط نقل العملة الفلاحيين وشروط الانتفاع بهذه الخدمة، فإنّ الوضع لم يتحسن فعليا ولا يزال الناقلون غير الشرعيين يعملون خارج إطار الرقابة، مما يسبب في العديد من الأحيان أشكالا مختلفة من الاستغلال أو الحوادث أو سوء المعاملة.
  • عدم الاستقرار وصعوبة الحصول على السّكن اللائق: إنّ صعوبة الحصول على الأرض أو العقار أو الشغل في المناطق الريفيّة يقلل فرص النّساء في التمتع بسكن لائق.
  • التغطية الاجتماعية: لا تعتبر التغطية الاجتماعية أولوية في الأوساط الريفية. وغالبا ما يكون ذلك في شكل تبرعات أو منح تقاعد وعدم نشاط تمنحها الدولة مجانا دون مساهمة من المستفيدين والمستفيدات. ويهيمن التعويل على مساهمة الدولة في أذهان النساء بالمناطق الريفية ويحد عادة من انخراطها بالضمان الاجتماعي.
16