الإناث يمثلن ستين في المئة من ضحايا القتل على يد الزوج أو القريب

تقرير جرائم قتل النساء يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى أنظمة عدالة جنائية قوية تحاسب الجناة، مع ضمان الدعم للناجيات.
الخميس 2024/11/28
جرائم قتل الإناث في تصاعد

نيويورك ـ تقتل امرأة أو فتاة على يد شريك حياتها أو أحد أفراد أسرتها كل 10 دقائق. ويكشف هذا الرقم عن تواصل أشنع أشكال العنف ضد المرأة على مستويات عالية حول العالم.

وصاغت هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تقريرا مشتركا بعنوان “جرائم قتل الإناث في 2023: تقديرات عالمية لجرائم قتل الإناث من قبل الشريك الحميم – فرد في الأسرة.” وصدر يوم 25 نوفمبر، الذي يوافق اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.

ويفصّل التقرير المشترك النتائج الإحصائية حول معدل قتل الإناث المتعمّد العالمي في 2023. وهو يركز على الجريمة التي يرتكبها الشركاء الحميمون أو أفراد الأسرة.

وقالت الدكتورة غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة،إن تقرير جرائم قتل النساء الجديد يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى أنظمة عدالة جنائية قوية تحاسب الجناة، مع ضمان الدعم الكافي للناجيات، بما في ذلك الوصول إلى آليات الإبلاغ الآمنة والشفافة.

85

ألف امرأة قُتلت حول العالم في 2023، وارتكب 60 في المئة من جرائم القتل هذه، أي 51 ألف جريمة، شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين

وقُتلت 85 ألف امرأة وفتاة حول العالم في 2023. وارتكب 60 في المئة من جرائم القتل هذه، أي 51 ألف جريمة، شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين. ويقارن التقرير هذا بحقيقة أن حوالي 12 في المئة من ضحايا جرائم القتل من الرجال في 2023 قتلوا على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة. ويعادل هذا 1 من كل 10 ضحايا. وتسلط النسب المذكورة الضوء على تفاوت واضح بين الجنسين في قضايا القتل، حيث تكون المساحة المنزلية أكثر خطورة على النساء والفتيات مقارنة بالرجال والفتيان.

وسجلت أفريقيا في 2023 أعلى معدلات قتل النساء على يد الشريك الحميم وأحد أفراد الأسرة. وتليها الأميركتان ثم أوقيانوسيا. وقُتلت غالبية الضحايا الإناث في الجرائم المنزلية بأوروبا (64 في المئة) والأميركتين (58 في المئة) على أيدي شركاء حميمين. وخلص التحقيق في جل القضايا ذات الصلة في آسيا (59 في المائة) وأفريقيا وأوقيانوسيا (41 في المئة) إلى أنه تم قتل أكثر الضحايا على يد أفراد الأسرة مقارنة بالشركاء الحميمين. كما يشير التقرير إلى أن أفريقيا تسجل أعلى معدلات قتل نساء على يد زوج أو قريب، لكن التشكيك في الأرقام واجب بسبب القيود المفروضة على توفر البيانات.

ويبدو النقص في توفر البيانات واضحا أيضا في ما يتعلق بالتوزيع الزمني لجرائم قتل الإناث في أوروبا والأميركتين. وكان معدل قتلهن على يد شريك أو قريب في 2023 هو نفسه تقريبا الذي سُجّل خلال 2010. ولكن البيانات تحدد خلال نفس الفترة انخفاضا تدريجيا في معدل قتل الإناث. ويشير هذا إلى أن التغييرات قد تكون بطيئة في التحول إلى الممارسة الشائعة، وأن عوامل الخطر وأسباب هذا النوع من العنف تبقى متجذرة في الممارسات والمعايير التي لن تتغير بسرعة.

وقالت سيما بحّوث، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إن “العنف ضد النساء والفتيات ليس حتميا، بل هو أمر يمكن منعه. ونبقى بحاجة إلى تشريعات قوية، وتحسين جمع البيانات، وزيادة المساءلة الحكومية، وثقافة عدم التسامح، وزيادة التمويل المخصص لمنظمات حقوق المرأة والهيئات المؤسسية.”

وتدعو هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، من خلال تقريرهما السنوي وحملة الـ16 يوما من النشاط وحملة “اتحدوا!”، إلى وضع حد للإفلات من العقاب عبر محاسبة مرتكبي جرائم العنف والاستثمار في التدابير الوقائية التي تضمن حقوق الناجيات وتمنحهن المساعدات الأساسية. ويمكن أن تشمل التدابير الوقائية تعزيز التشريعات واستجابات العدالة الجنائية للعنف المنزلي. ويُذكر أن التقرير يشير إلى تدابير محددة مثل أوامر الحماية وتجريد الجاني من الأسلحة النارية.

حح

ويمكن أن يشكّل تبادل المعلومات والتعاون بين الكيانات المتعددة المعنية بالتحقيق في العنف الأسري، مثل الخدمات الاجتماعية ومرافق الرعاية الصحية والشرطة، عاملا آخر في تحديد خطر التعرض للعنف أو القتل. وأدخلت كولومبيا في 2021، على سبيل المثال، بروتوكولا متكاملا يمكّن النساء المتضررات من العنف القائم على النوع الاجتماعي من إجراء تقييم لتحديد مستوى خطر الضرر المميت، ليتعاونّ بذلك مع السلطات المعنية على وضع خطة سلامة مناسبة مع إجراءات عاجلة يجب اتخاذها للتخفيف من مخاطر القتل. وأبرز هذا بين 2021 و2022 أن ما بين 35 و40 في المئة من النساء اللائي يتعرضن لعنف الشريك الحميم معرضات لخطر الموت.

ويبرز التركيز على انتشار قتل النساء، وخاصة حين يكون الشريك هو الجاني، أن هذه الجريمة تعدّ تتويجا للعنف المنزلي المستمر. وأبلغ 37 في المئة من النساء اللائي انتهى بهن المطاف مقتولات على يد شركائهن الحميمين في فرنسا عن تعرضهن سابقا للاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي من نفس الشخص. وقد لا يتطور العنف إلى المستوى التالي. لكنه يستمر في بعض الحالات ويبلغ القتل، ثم ينتحر الجاني أو ينتقل إلى الأطفال.

أفريقيا سجلت في 2023 أعلى معدلات قتل النساء على يد الشريك الحميم وأحد أفراد الأسرة. وتليها الأميركتان ثم أوقيانوسيا

ويبرز كذلك أن على جهود جمع البيانات أن تدعم مبادرات تقودها الوكالات الحكومية المتخصصة أو المكاتب الإحصائية الوطنية. وتجب معالجة القيود المفروضة على توافر البيانات المتعلقة بجرائم قتل الإناث المرتبطة بالأسرة، وخاصة في أفريقيا وآسيا اللتين تبلغان عن ارتفاع معدلات قتل الإناث في المنزل.

وشهدت سنة 2024 الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة. وفي 2025 سيتم الاحتفال بالذكرى الثلاثين لمنهاج عمل بيجين، وهو وثيقة تاريخية انبثقت عن المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة والذي عُقد في الصين خلال سبتمبر 1995. ويمثل ذلك فرصة يجب على أصحاب المصلحة اغتنامها لتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.

وقالت بحّوث “حان الوقت ليوحد قادة العالم عملهم بشكل سريع، وإعادة الالتزام وتوجيه الموارد اللازمة لإنهاء هذه الأزمة مرة واحدة وإلى الأبد مع اقترابنا من الذكرى الثلاثين لمنهاج عمل بيجين في 2025.”

وكانت الحملات العامة مثل “اتحدوا!” وجهود الدعوة من خلال المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية حيوية في زيادة الوعي بانتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي وفي إدانة السلوكيات التي تديمه.

لكن قتل الإناث لا يزال قائما عند مستويات عالية بشكل مثير للقلق على نطاق عالمي بالرغم من كل الجهود والتدابير التي اتخذتها الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرون لحماية الناجيات من العنف. وهذا ما يشير إلى أشكال متطرفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي ومتجذرة في الأعراف المجتمعية والثقافية والقوالب النمطية الجنسانية. ويعكس هذا ثقافة عالمية يفهم فيها الإناث، أي نصف سكان العالم، أن عليهن ألا يسمحن لأنفسهن بالشعور بالأمان التام، حتى لو كن داخل منازلهن.

15