معرض فني في طهران يفتح آفاق حياة جديدة للإيرانيين

زائرو المتحف تجولوا بين أكثر من 120 عملا معروضا، شملت أعمال بيكاسو وآندي وارهول وفرانسيس بيكون وفنانين إيرانيين مشهورين.
الخميس 2024/11/28
بقعة ضوء

افتتاح معرض جديد في طهران يحمل عنوان "حياة جديدة" ويضم مجموعة من الأعمال التي تعكس التحديات والآمال التي يعيشها الإيرانيون اليوم، ويهدف إلى استعراض التحولات الاجتماعية والثقافية التي يمر بها المجتمع الإيراني من خلال عدسة الفن المعاصر.

طهران- يتزامن معرض جديد في متحف طهران للفن الحديث مع مواجهة إيران توترات متزايدة مع الغرب واضطرابات محلية. وهو يعرض أعمالا فنية غربية لم يرَ الجمهور بعضها منذ عقد على الأقل.

واجتذبت إزاحة الستار عن معرض “العين في العين” العديد من النساء بشعرهن المكشوف إلى صالات العرض تحت الأرض في المتحف في منتزه لاله في طهران والتي تستقطب عددا كبيرا من الزوار بشكل سنوي.

ويظهر حضور النساء مدى تغير الحياة داخل إيران خلال السنوات القليلة الماضية حتى مع مواصلة النظام الثيوقراطي تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من تصنيع الأسلحة وشن هجمات على إسرائيل خلال حروب الشرق الأوسط المستمرة.

◄ المعرض عند افتتاحه عرض أعمالا مثيرة لبابلو بيكاسو ومارك روثكو وكلود مونيه وجاكسون بولوك وغيرهم من الرسامين البارزين
المعرض عند افتتاحه عرض أعمالا مثيرة لبابلو بيكاسو ومارك روثكو وكلود مونيه وجاكسون بولوك وغيرهم من الرسامين البارزين

وقالت الشابة عايدة زارين، خلال زيارتها إلى المتحف، “الشعور الأول الذي أحسست به، وأخبرت والدي عنه، هو أنّني لم أصدق أنّني أرى هذه الأعمال التي طالما بقيت بعيدة عن أعيننا. إذا أقيمت مثل هذه التظاهرة هنا ويمكننا رؤية أعمال فنية مثل بقية العالم، فإن هذا يكفي. إنها ثمينة جدا”.

وأسست حكومة الشاه الإيراني المدعوم من الغرب، محمد رضا بهلوي، وزوجته، الإمبراطورة السابقة فرح بهلوي، المتحف.

واقتنت المجموعة الضخمة التي عرضها في أواخر السبعينات، عندما ارتفعت أسعار النفط وعانت الاقتصادات الغربية ركودا. وعرض عند افتتاحه أعمالا مثيرة لبابلو بيكاسو ومارك روثكو وكلود مونيه وجاكسون بولوك وغيرهم من الرسامين البارزين. وعزز ذلك مكانة إيران الثقافية في العالم.

ولكن رجال الدين الشيعة أطاحوا بعد سنتين فقط (في 1979) بالشاه وأخفوا المعروضات في قبو المتحف. وبقيت بعض اللوحات (التكعيبية والسريالية والانطباعية وحتى فن البوب) على حالها لعقود لتجنب الإساءة إلى القيم الإسلامية أو التلميح إلى تلبية الحساسيات الغربية. ويُعتقد أن جل المجموعات لا تزال موجودة، لكن لوحة آندي وارهول للإمبراطورة قد تضررت خلال الثورة.

ومن المحتمل أن قيمة المجموعة تبلغ اليوم المليارات من الدولارات. وتمكن مسؤولون في المتحف من الدعوة إلى الاحتفاظ بالمجموعة حتى مع تعرض بلادهم لضائقة مالية بسبب العقوبات الغربية. وواجهوا مقايضات عرضية في الماضي لشراء مواد من التاريخ الفارسي.

يُذكر أن العقوبات الغربية المفروضة على إيران قد تزداد مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وتعود المجموعة الفنية المعروضة إلى الظهور في تزامن مع ما تشهده السياسة الإيرانية من تغييرات ومرورها تباعا بفترات انفراج تليها فترات تصعيد.

وتجول زائرو المتحف بين أكثر من 120 عملا معروضا، شملت أعمال بيكاسو وآندي وارهول وفرانسيس بيكون وفنانين إيرانيين مشهورين.

◄ المجموعة الفنية المعروضة تعود إلى الظهور في تزامن مع ما تشهده السياسة الإيرانية من تغييرات
المجموعة الفنية المعروضة تعود إلى الظهور في تزامن مع ما تشهده السياسة الإيرانية من تغييرات

وبرزت من مجموعة وارهول لصورة “جاكلين كينيدي 2” المزدوجة للسيدة الأولى الأميركية السابقة في حداد بعد اغتيال زوجها الرئيس جون كينيدي في 1963.

كما حظيت صورة أخرى لميك جاغر، الموسيقي في فرقة ذا رولينغ ستونز، باهتمام الزائرين الذين وثقوا ما شاهدوه بهواتفهم المحمولة.

وقال جمال عرب زاده، أمين المعرض، إن “الكثير من هذه الأعمال مهمة في تاريخ الفن. وهذا هو بالذات ما يميز هذا المعرض عن غيره. وقد اكتشف الكثير من الزوار الأقل اطلاعا على الفن والمتحف لأول مرة.. إننا نشهد جزءا من المجتمع يكتشف الفن والمتحف ويرى ما يتيحه هذا المكان، وهذا أمر نفخر به”.

ويتزامن وجود الفن الغربي مع حرب الحكومة الإيرانية الطويلة على عناصر مثل دمى باربي وتصوير شخصيات كرتونية من “عائلة سمبسون”. واعتبرت هذه التأثيرات الغربية مناهضة للإسلام في الماضي وجزءا من حرب ثقافية “ناعمة” ضد الجمهورية الإسلامية.

وتكلف تذكرة المعرض ما يعادل 14 سنتا أميركيا. وهو يشكل حدثا نادرا تقره الحكومة لا يشمل سياسة البلاد أو الديانة الشيعية.

وكان من بين الزوار العديد من النساء اللاتي تحدين قانون الحجاب الإلزامي في البلاد.

وقد تباطأت الحملات القمعية حول الحجاب إثر الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يوليو التي فاز فيها الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان. ولكن حالات الاعتقال الفردية لا تزال تثير الغضب.

وتبقي كلفة تذاكر السفر إلى الخارج وزيارة المتاحف الأجنبية بعيدة المنال للكثيرين بسبب انهيار الريال الإيراني.

وقالت امرأة عرّفت نفسها بلقبها دولتشاهي إن “هذا جذاب لعشاق الفن لأنه لا يمكن للجميع السفر وزيارة المتاحف في الخارج. إنه لمن المثير رؤية الأعمال هنا. لم أكن أتصور أن باستطاعتي رؤية أعمال فينسنت فان خوخ وبيكاسو هنا”.

16