الأنظار تتجه إلى قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو

مؤتمر المناخ يقف عند عتبة المفاوضات في باكو.
الثلاثاء 2024/11/19
من أجل بيئة نظيفة

تتواصل أعمال مؤتمر المناخ المنعقد في العاصمة الأذرية باكو، حيث أكّد المراقبون أن الرحلة الحاسمة تتطلب اتخاذ قرارات جريئة لتحقيق تقدم ملموس في مواجهة التحديات البيئية. ويأتي ذلك في ظل توقعات كبيرة بأن تركز قمة مجموعة العشرين  في ريو دي جانيرو على قضايا التغير المناخي واتخاذ خطوات عملية للحد من الانبعاثات والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.

باكو - بعد أسبوع من مناقشات لم تأت بأيّ نتائج تذكر، استأنفت البلدان الثرية وتلك النامية المفاوضات الاثنين “في لحظة حاسمة” من مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باكو، بينما تتوجّه الأنظار إلى قمّة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل على أمل أن تأتي الحلول منها.

ووصل الوزراء الاثنين إلى الملعب الأولمبي في العاصمة الأذرية، عاقدين العزم على تسريع وتيرة العمل بغية تفادي إخفاق كبير الجمعة يوم اختتام المؤتمر. وصباح الاثنين، قال مختار باباييف رئيس “كوب 29” إن “هذا الاجتماع يعقد في لحظة حاسمة، فنحن قطعنا نصف الطريق في كوب 29 وبدأت الصعوبات الفعلية تتجلّى”.

ولا يتمتّع رئيس مؤتمر المناخ، وهو مسؤول سابق في شركة النفط الأذرية ووزير البيئة في بلده، بأي صلاحية لاتخاذ القرارات ويقتصر دوره على إدارة المفاوضات بين البلدان. وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منذ وصوله إلى ريو دي جانيرو لحضور قمّة العشرين، بلدان

 المجموعة (التي تشمل الصين والبرازيل) إلى ضرب القدوة والتوصّل إلى “تسويات” لإنقاذ مؤتمر المناخ. ومنذ أشهر، يركّز غوتيريش في نداءاته ومعه سيمن ستيل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، على بلدان مجموعة العشرين التي تصدر ثلاثة أرباع انبعاثات غازات الدفيئة.

حح

وفي نهاية الأسبوع، قال ستيل الذي أشار في أكثر من مناسبة إلى أن منزل جدّته في جزيرة كارياكو في غرينادا دمّر في إعصار هذا الصيف “من دون انخفاض سريع في الانبعاثات، لن يسلم أيّ اقتصاد في مجموعة العشرين من المجزرة الاقتصادية المرتبطة بالمناخ”.

وقد صرّح الاثنين عند استئناف المفاوضات في باكو “دعونا نوقف التهريج ونمضي إلى مسائل أكثر جدّية”. وغالبا ما يتمّ في سياق مؤتمرات الأمم المتحدة تبادل الاتهامات بعرقلة التقدّم أو المراوغة أو ادعاء السذاجة. لكن بإقرار من الجميع، كانت حصيلة الأسبوع الأول من المفاوضات في “كوب 29” شبه معدومة.

ويقضي الهدف من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بنسخته التاسعة والعشرين هذه السنة بإيجاد آلية تتيح، بموجب صكوك الأمم المتحدة، تمويل مساعدات مناخية موجّهة إلى البلدان النامية بقيمة ألف مليار دولار في السنة. ومن شأن هذه الموارد المالية أن تستخدم لبناء محطّات طاقة شمسية والاستثمار في تقنيات الريّ وحماية المدن من الفيضانات.

رئيس مؤتمر المناخ لا يتمتع بأي صلاحية لاتخاذ القرارات ويقتصر دوره على إدارة المفاوضات بين البلدان

وفي ما قد يعتبر مؤشّرا على حلّ قد تتبدّى ملامحه في ريو دي جانيرو الاثنين والثلاثاء، غادر رئيس الوفد البرازيلي المشارك في “كوب 29” باكو للتحضير لقمّة العشرين. وقد تكثّفت الاتصالات بين باكو وريو دي جانيرو اللتين تفصل بينهما ساعات عدّة من حيث التوقيت.

وصرّح ستيل “من السهل أن يصبح المرء معطّل الأحاسيس أمام كلّ هذه الأرقام. لكن ينبغي لنا ألا ننسى أن هذه الأرقام تحدث فرقا بين السلامة والكوارث التي تدمرّ حياة المليارات من الأشخاص”.

وتسعى الولايات المتحدة قبل شهرين من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إلى الاضطلاع بدور ريادي في إيجاد الحلول. وكان لجو بايدن محطّة رمزية في الأمازون الأحد دعا خلالها إلى التحرّك “من أجل الإنسانية”.

ويعدّ الاتحاد الأوروبي أكبر مموّل لهذه الآلية لكنه لا يميل إلى زيادة ميزانياته الدولية في فترة التقشّف هذه. ويرتكز المبلغ المطروح بقيمة ألف مليار دولار من المساعدات السنوية للبلدان النامية بحلول 2030 إلى تقديرات عالمين اقتصاديين معروفين وكّلتهما الأمم المتحدة بهذه المهمة هما نيكولاس ستيرن وعمّار باتاشاريا.

لكن لا يفترض بأن تأتي الموارد المالية برمّتها من البلدان الثرّية وهنا المشكلة بالتحديد. فبحسب الصكوك الأممية فإن البلدان المتطوّرة وحدها ملزمة بالمساعدة، غير أن أوروبا تطالب بمؤشّرات من البلدان الناشئة مثل الصين على أنها ستساهم طوعيا في توفير المال.

خح

وقال المفوض الأوروبي لمفاوضات المناخ في “كوب 29” ووبكي هوكسترا الاثنين إن الاتحاد الأوروبي سيستمر في كونه “قدوة” في ما يتعلق بالتمويل مع التأكيد على أن هذا لن يكون كافيا. ولم تبدِ الصين أيّ معارضة عدائية في “كوب 29” بل إن اجتماعا عقد بين مسؤولين صينيين وأوروبيين الأسبوع الماضي اعتُبر مصدرا للأمل.

وفي ظلّ إعادة انتخاب دونالد ترامب وانسحاب الوفد الأرجنتيني قليل العدد أصلا من مؤتمر باكو، يخشى أن تنسحب الولايات المتحدة والأرجنتين من اتفاق باريس للمناخ الذي يعدّ المحرّك الدبلوماسي لتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، حتّى لو لم يؤكّد الرئيس الأرجنتيني خافيير جيراردو مايلي نيّته هذه لنظيره الفرنسي خلال زيارته إلى الأرجنتين الأحد، وفق إيمانويل ماكرون.

غير أن عودة دونالد ترامب المرتقبة تتسبب أيضا بـ”شحذ الهمم” عند بعض البلدان للمضي بوتيرة أسرع في باكو، بحسب ما أقرّ مصدر دبلوماسي.

وفي باكو أيضا يكتب مستقبل الإرث المنقول من مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي الذي دعا إلى التخلّي التدريجي عن مصادر الطاقة الأحفورية، في دعوة لم تلق استحسان بلدان مثل السعودية.

وأدّت الخبرة المحدودة لأذربيجان في ترؤس مفاوضات من هذا القبيل التي تجلّت في غلطة في جدول الأعمال وقت الافتتاح مقرونة بهجمات رئيس البلد إلهام علييف على الدولة العضو فرنسا في خضّم المؤتمر إلى شحن الأجواء، خصوصا في بلد يقمع فيه المعارضون قمعا شديدا، بمن فيهم الناشطون البيئيون الذين يقبع الكثيرون منهم في السجون.

16